الاصلاح الجاد يتطلب اراده وشجاعة وكفاءة
بسمه تعالى
الاصلاح الجاد يتطلب اراده وشجاعة وكفاءة([1])
الكثير يتحدث اليوم عن الاصلاح لكننا لا نجد اثراً لذلك على ارض الواقع بل بالعكس كلما ازداد الحال سوءاً نراهم يغرقون في الفساد اكثر وتظهر فظائع ادهى وأمّر من سابقاتها مما يكشف عن كون هذه الدعوات ليست صادقة ولا حقيقية وانما يتظاهر بها المدعّون بهدف ركوب الموجة او لتنفيس الضغط الذي مارسه الناس في التظاهرات او لذّر الرماد في العيون مكراً وخداعاً ونحو ذلك .
والسبب الرئيسي هو فقدان الاخلاص والإرادة الجدّية لمكافحة الفساد، قال السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) مرةً في احدى خطبه(كم من الصعب ان يكون الانسان انساناً صالحا) ثم اردف (وبنفس الوقت كم من السهل ان يكون كذلك لأنه لا يحتاج الى اكثر من الإرادة والباقي من الله تعالى) فاذا امتلك الارادة الصادقة والعزم الجدّي وعلم الله تعالى منه ذلك فان الله تعالى سيوفقه الى الخير والصلاح وسيعينه وضرب الله لنا مثلاً من اصغر وحدة ادارية وهي الاسرة، قال تعالى {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء : 35] فالخلافات بين الزوجين يمكن ان تحل بسهولة من دون أي طرف اخر اذا توفرت الارادة الحقيقة للإصلاح وسيشملهما الله تعالى بتوفيقه والطافه، ومن هذا المثال ننطلق الى الحالة الاوسع في السلطة والحكم او المشاكل الاجتماعية .
ان طريق الاصلاح محفوف بالمخاطر والصعوبات، منها باتجاه مقاومته للإغراءات التي سيبذلها الفاسدون ثمناً للسكوت على مفاسدهم، ومنها بلحاظ التهديدات التي يتلقاها ان لم يتوقف عن ملاحقة الفساد وفضح الفاسدين وقد تصل الى القتل، لذا ترى من المستهدفين بالقتل : القاضي والضابط الذين ينظرون في قضايا الفساد، والمهندس الذي لا يرضى ان يمضي صفقات الفساد ولا يوّقع على مشاريع غير مطابقة للمواصفات الفنية المطلوبة .
ولكي تنفذ مافيات الفساد المرتبطة بجهات سياسية اجنداتها في الاستمرار بفسادها والمحافظة على مصالحها اللامشروعة فإنها تسعى الى احكام قبضتها بالعصابات والمجاميع المسلحة وتعمل على ارباك الوضع الامني لانها تعتاش على بيئة الفوضى والاضطراب، واصبح من المألوف رؤية هذه المجاميع داخل المدن تتجول بالسيارات المظللة وبلا ارقام وربما بأرقام حكومية وفيها رجال مدججون بالسلاح جهاراً نهاراً لينفذوا عملياتهم من القتل والخطف والابتزاز مدعيّن عناوين شريفة كالحشد الشعبي ونحوه.
ان من المؤلم حقاً غياب او تغييب العناصر الكفوءة المخلصة المهنية وهي كثيرة في مجتمعنا وفي مختلف القطاعات المدنية والعسكرية لكن الصوت العالي المسموع والمؤثر هو للفساد والفاسدين لانهم لا يتورعون عن سلوك أي طريق للوصول الى مآربهم ويتنازلون عن كل مقدس من دين واخلاق واعراف، ولكن علينا ان لا نشعر بالإحباط واليأس وان لا نتوقف عن العمل الدؤوب لإحلال الصالحين بدل الفاسدين وان نكون شجعاناً لنتحمل المسؤولية فان عملية الاصلاح تحتاج مضافاً لما تقدم الى شجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة وان تشدَّ أزرك بشجعان ايضاً {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال : 62]، وقال تعالى { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود : 80] أي الاستناد الى جهة شرعية قوية تعطي الزخم والقوة.
وبهذا ننصر الامام المهدي (عليه السلام) ونمهّد لدولته الكريمة لانها ليست دولة تعتمد على الغيبيات ولا الاحلام وانما هي دولة عدالة ونظام وانسانية ويقيمها رجال مؤهلون .
[1] ) من حديث سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) مع حشد كبير من مكتب النخب والكفاءات في بغداد والذي يضم اساتذة جامعيين ومهنيين في مختلف الاختصاصات يوم 2/ربيع2/1437 المصادف 13/1/2016