خطاب المرحلة: (390) شرف خدمة أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم

| |عدد القراءات : 4032
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

شرف خدمة أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم(1)

(روي انّ أبا عبدالله عليه السلام كان عنده غلام يمسك بغلته اذا هو دخل المسجد، فبينما هو جالس ومعه البغلة اذا اقبلت رفقة من خراسان ، فقال له رجل من الرفقة: هل لك يا غلام أن تسأله ان يجعلني مكانك، وأكون له مملوكاً، واجعل لك مالي كله، فانّي كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه ،وأنا أقيم معه مكانك؟

فقال: اسأله ذلك.

فدخل على أبي عبد الله عليه السلام فقال: جُعلت فداك تعرف خدمتي ، وطول صحبتي ، فان ساق الله اليّ خيراً تمنعنيه؟

قال: اعطيك من عندي ، وامنعك من غيري.

فحكى له قول الرجل ، فقال: إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا ، قبلناه ،وأرسلناك. فلما ولّى عنه دعاه ـ الإمام ـ فقال له: أنصحك لطول الصحبة ولك الخيار، فإذا كان يوم القيام كان رسول الله صلى الله عليه واله متعلّقاً بنور الله، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلّقاً برسول الله، وكان الأئمة متعلّقين بأمير المؤمنين، وكان شيعتنا متعلّقين بنا، يدخلون مدخلنا ويردون موردنا.

 

فقال الغلام: بل أقيم في خدمتك وأؤثر الآخرة على الدنيا. وخرج الغلام إلى الرجل فقال له الرجل: خرجت إليّ بغير الوجه الذي دخلت به! فحكى له قوله (أي قول الإمام سلام الله عليه).)([2])

أقول: هذا بعض ما أعدّه الله تعالى من الشرف والكرامة لخدّام أهل البيت (عليهم السلام) الموالين لهم مما لا يعدله شيء من هذه الدنيا الزائلة، وهكذا يتنافس عليها العارفون بها.

وقد تسأل بأن هذا الشرف هل هو مخصوص بمن عاصرهم وأتيحت له فرصة خدمتهم ويحرم منها غيرهم كأجيالنا الحاضرة وهذا ينافي عدالة الخالق ولا يليق بسعة رحمته وكرمه.

والجواب يكون بالالتفات إلى أن خدمتهم (عليهم السلام) لا تقتصر على قضاء الحوائج الشخصية لهم حتى تنحصر بمن عاصرهم وباشرهم فإن من أرقى أشكال خدمتهم دراسة علومهم وسيرتهم ونقلها إلى الناس وقد وردت عنهم (عليهم السلام) كلمات جليلة في حق أصحابهم الذين قاموا بهذا الدور بحيث ورد في الحديث أن تعليم حديث واحد من أحاديثهم أفضل مما بين المشرق والمغرب، وهذه فرصة متاحة للجميع ولا تنحصر بطلاب الحوزة العلمية، ووسائل الاتصال الحديثة أتاحت فرصة واسعة جداً للحركة.

وهكذا تتنوع الخدمة بحسب قابليات الشخص ومؤهلاته، فالبعض يقيم المجالس الحسينية والبعض الآخر يخدم الزوار ويوفّر لهم الطعام وأسباب الراحة وسائر الخدمات، أو يشارك في المواكب والشعائر، ووسائل الإعلام تقدّم خدمة بعرض هذه الحركة المباركة التي أقنعت الكثيرين بدراسة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) واعتناقه عن معرفة، فانتشر ووصل إلى بلدان لم يكن في المستطاع الجهر فيها بالدعوة إلى أهل البيت (عليهم السلام) في البلاد العربية وغيرها من بلدان العالم، ولا شكّ أن هذه الخدمات ليست أقلّ من عمل ذلك الغلام الذي ذكرته الرواية المتقدمة.

وقد تكون خدمة أهل البيت (عليهم السلام) بمواقف تنصرهم وتعزّ كلمتهم وتقوّي وجود شيعتهم كالقانونين الأخيرين للأحوال الشخصية وفق الفقه الجعفري والمحكمة الجعفرية العليا الذين قدّمهما وزير العدل معالي الشيخ حسن الشمري([3]).

ولا نغفل أيضاً عن أن أي خدمة نقدّمها لأحد المؤمنين هي خدمة لأهل البيت (عليهم السلام) لأنهم أولياء أمورهم وآباؤهم المعنويون كما أن أي أب يتشكر عندما تقدّم خدمة لولده، ويتضاعف الجزاء حينما يكون المؤمن من ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله).

عن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال: " أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة:

" المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه ".([4])

وفي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن وجميع ولده وأهل بيته، وفيها: " الله الله في ذرية نبيكم، فلا يظلمن بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم ".([5])

في أصول الكافي بسنده عن عمر بن يزيد قال: سألت الإمام الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى: (الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أمَرَ اللهُ أنْ يُوصَلَ)، فقال (عليه السلام): نزلت في رحم آل محمّد (صلى الله عليه واله).([6])

إن الالتفات إلى هذه المعاني سيزيد من الحافز والهمّة والحماس للمساهمة في هذه الخدمات الجليلة والله ولي التوفيق.



([1]) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) مع تجمّع أئمة الجمعة في محافظة القادسية يوم 20/  ذ.ح/1434 الموافق 26/10/2013.

([2]) منازل الآخرة والمطالب الفاخرة للشيخ عباس القمي: 283.

([3]) نشر نص الكلام حول هذه القضية في بيان صحفي مستقل.

([4]) عيون الأخبار ج 2 ص 25 باب 31.

([5]) الكافي: ج 7 ص 52 باب صدقات النبي... ح 7.

([6]) الكافي: ج ٢ ص ١٥٦ باب صلة الرحم... ح ٢٨.