حقوق الانسان عند الامام علي عليه السلام

| |عدد القراءات : 5094
حقوق الانسان عند الامام علي عليه السلام
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

حقوق الانسان عند الامام علي

بسمه تعالى

 



تبلورت فكرة( صراع الحضارات ) لدى الحكومات الغربية المستكبرة منذ اضمحلال الاتحاد السوفيتي وظهور علامات التفكيك فيه باعتباره القوة المقابلة لهم ولما كانت ايديولوجيتهم مبتنية على وجود او إيجاد عدو حقيقي او وهمي لاقناع شعوبهم بسياساتهم العدوانية والمخالفة لأبسط حقوق الانسان واستمرارهم في ابتلاع خيرات الشعوب والتمدد والاثراء على حساب حرمان الآخرين والتي تبدو مبررة ظاهراً لمواجهة هذا العدو المفتعل فتنساق اممهم وراءهم وتنخدع بأباطيلهم.

وكانت الجهة الجديدة التي او هموا شعوبهم أنه عدوهم هو الاسلام فضخموا من خطورته وبالغوا في التحذير منه ووجوب مواجهته وتنفخ في ذلك كله الصهيونية العالمية التي لا تريد للعالمين المسيحي والاسلامي ان يقتربا لأن في ذلك تهديداً لوجودهم فكان همهم في خلق العداوة بينهم لتفريقهم عن بعضهم ولأنهم الوحيدون الذين يكنون عداوة ذاتية متأصلة للاسلام والمسلمين وإلا فإنه لا توجد عداوة ولا منافرة ذاتية بين المسلمين والمسيحيين أي بما هم مسلمون ومسيحيون كما أخبر الله تبارك وتعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)ولكن مما يؤسف له غفلة كلا الطائفتين عن هذه الحقيقة فضاعوا في هذه النزاعات ولكنني أرى بوادر الوعي لدى العالمين الاسلامي والمسيحي لهذه المؤامرة الصهيونية فأدركا معاً أن تقارب الحضارتين ممكن والالتقاء قريب وأن هذا الصراع لا مسوغ له وتوجد دلائل على هذا الوعي كنتائج استطلاع الرأي الاوربي الأخير الذي كشف عن أن أكثرهم أجاب بأن الكيان الصهيوني هو مصدر القلق والإرهاب الأول في العالم مضافاً إلى تصويت أكثر من ولاية في بلجيكا وكندا لمصلحة قطع العلاقات مع هذا الكيان.

وقد حاول المستكبرون فرض هيمنتهم على العالم وبالذات على الشرق المسلم لما يتمتع به من خيرات هائلة ومواقع ستراتيجية تمثل عصباً أساسياً لمصالحهم وقد جعلوا لذلك مصطلح العولمة الذي يريدون به جعل العالم كله يفكر ويسير ويتحرك ويعيش كما يريدون هم وهو منطق المستكبرين دائماً كما ينقل القرآن الكريم عن فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى) (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) وليس لأحد أن يخالفهم ويخرج عن دائرة نفوذهم ومصالحهم وإلا فالويل له ووظفوا لذلك آلة عسكرية ضخمة تطال أي متمرد عنهم ومؤسسات اقتصادية تبتلع أي بلد وتغرقه في ديون وتضخمات لا ينجوا منها ليبقى يدور في فلكهم ولا تكون ارادته مستقلة عن إرادتهم وسوقوا إلينا ثقافتهم الهزيلة وصنعوا لها رموزا تافهة لنقتدي بها ونتأثر بها فكراً وسلوكها ونظاماً بعد أن صنعوا لأنفسهم هالة من الاعجاب والانبهار لتفوقهم العلمي والتكنولوجي فحاولوا أن يكون هذا منطلقاً للتبعية الفكرية والاخلاقية والاجتماعية ويجردونا عما نمتلك من قوة في هذه الجوانب يحسدوننا عليها ولا يرضون منا إلا بتركها.

من هنا وجب على مفكرينا عدة خطوات:

1. انفتاح الحضارتين على بعضهما والتعرف على حقيقة كل منهما من حيث المقومات والاهداف والآليات وغيرها فإنها خطوة كبيرة ومقدمة مهمة للالتقاء() .

2. عرض النماذج الكاملة من رموزنا ودراسة سيرتهم وتحليلها وبيان نقاط العظمة فيها وهم كثر بفضل الله تبارك وتعالى وأولهم أكمل الخلق جميعاً محمد رسول الله )صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب اخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم( ونفسه والائمة الطاهرين واصحابهم البررة لأن من طبع الناس التأثر بالرموز الكبيرة الشهيرة والاقتداء بها وقد نبه القرآن الكريم الى اهمية هذا الاسلوب في التربية وهو الاقتداء بالنماذج الكاملة قال تعالى (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) فإذا لم نوفر للناس مثل هذه الاسوة فإنهم سينساقون وراء قدوات تافهة كالرياضيين والفنانين و نحوهم.

3. أن نجيد لغة الخطاب والحوار مع الطرف الآخر ونفهم المداخل المناسبة لعقله وقلبه ونفسه فلا يناسب أن اشرح للأوربي الغارق في الماديات بان سبب ثورة الامام الحسين على يزيد بأنه كان يشرب الخمر وينكح المحارم ويضرب بالطنبور ومثل الحسين )ع)لا يبايع مثله لان المخاطب لا يرى في ذلك أي مشكلة لأنه يرى أن غايته في الحياة هو التمتع بهذه الأمور: الجنس والخمر والموسيقى فلا يوجد مبرر لخروج الحسين)ع) إذا عرضت يزيد كقاتل للنفس المحترمة بغير حق ومصادر للحريات ويسرق الأموال العامة لينفقها على ملذاته الشخصية ويثري بغير حق وتسلط بالقهر على رقاب الامة من دون اجراء انتخابات حرة فسيكون المبرر للثورة عليه واضحاً ومثيراً للاعجاب.

وقد أجللت النظر في هذه الرسالة الشريفة التي بذل فيها الدكتور الفاضل غسان السعد جهوداً كبيرة لإخراجها بهذه الحلة القشيبه، ولقد أمتعني عرضها وأثار حسن اختياره للنصوص والاستشهاد بها على المطالب فيَّ مشاعر الفخر والاعتزاز كما أعجبني بسعة اطلاعه وتبوينه للبحث لذا وجدت من المناسب وبعد استئذان المؤلف الفاضل نشر الكتاب وجعله جزءاً من سلسلة )حن والغرب )لأنه يملاً مساحة مهمة من هذا المشروع المبارك. اشكر الله تعالى على وجود مثل هذه الاثار المباركة والحمد لله أولاً وآخراً.





محمد اليعقوبي – النجف الاشرف

8 صفر 1427

9/3/2006





الكتاب متوفر في دار جامعة الصدر للطبع والنشر والتوزيع/ النجف الاشرف