المعادل الموضوعي الاسلامي وتحديات المثال المادي
المعادل الموضوعي الاسلامي وتحديات المثال المادي..
بسم الله الرحمن الرحيم
))واتقوا الله ويعلمكم الله(( البقرة 282
لله تعالى تمام الحمد وأفضله وله المنة والفضل على موجوداته الإمكانية وعلى رسوله الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، أفضل الصلاة والسلام، وعلى مصابيح الدجى وسفن النجاة وقرناء الثقل الكبر، ومرآة الواجب في عالم الفقر والكثرة، أهل البيت آلاف التحيات والصلوات الدائمة وبعد قد يستغرب اخوة العقيدة والدين، غرابة عنوان هذه الدراسة الموجزة والمتواضعة التي تطرق آذانهم وأسماعهم لأول مرة، وقد تزداد دهشتهم أكثر حينما يطالعون ((بانتباه كاف)) محتوياتها الموجزة،وهي تتناول موضوع جديد في العمل الرسالي له من الأهمية والخطورة الشيء الكبير!!!
لكن هذه الدهشة وذلك الاستغراب سرعان ما يزولان حينما يتفق معي أخوة الدين والعقيدة على ضرورة إيلاء المواضيع الرسالية العملية والحركية ما تستحق من اهتمام ورعاية.
وعندما أحصل ((بعون الله تعالى)) على اتفاق أخوة الدين معي على ضرورة إدخال المعادل الموضوعي الإسلامي ـ عنوان البحث ـ في عملهم الرسالي مقابل المثال المادي وفي عملية مواجهة له وصراع ضده لتحقيق الغلبة والظفر، أكون قد أديت الأمانة ولا ننكر أن هناك وسائل عملية أخرى ترفد العمل الرسالي وتشربه في ساحة الصراع التاريخية التي جرت وتجري بين الدين وأعدائه والى ان يقضي الله أمراً كان مفعولا ويحق الحق بكلماته ويقطع دابر الظلمة والكافرين.
ولأن عنفوان الطغيان الكافر قد بلغ أقصى مداه في هجمته ضد العقيدة الإسلامية والملة، فأننا مدعوون جميعاً ـ كل بقدره ووسعيه ـ أن نقيم عملنا الرسالي ونستجمع قوانا ونحدد أخطاءنا ونطورّ مواردنا وإمكانياتنا ونبين مواقعنا الحالية بدقة، لنتعرف على الأسلوب الأمثل الذي يحقق لنا النصر الناجز والغلبة في ساحة المواجهة التاريخية هذه.
وانه من بين أهم الوسائل المتاحة أمامنا يبرز المعادل الموضوعي وهو ينادينا بقوة، ليضع نفسه وإمكانياته تحت تصرفنا ويساعدنا في عملنا الرسالي الإصلاحي.
وأنني لا أنكر انه هناك محاولات قد جرت لبيان الأدوات والوسائل المستخدمة في عمليات المواجهة والمغالبة، لكنها على أية حال بحاجة إلى إغناء وتطوير أكثر وجزى الله تعالى هؤلاء خير جزاء، لكنه تبقى الخبرة الميدانية زائداً العمق العلمي والنظري للمؤمن الرسالي هو المطلوب دائماً، وهذه نقطة سلبية تحسب ضدنا مع الأسف الشديد، ولهذه السبب ولغيره من الأسباب كانت الغلبة تحسم لصالح أعداء الله ورسوله والذين آمنوا.
وهنا يجب الالتفات إلى أن استخدام جميع الإمكانيات المتاحة بكفاءة عالية ضمن منظور فكري واقعي يستوعب جميع وجوه عملية الصراع، هو المطلوب وبشكل ملح جداً في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الدين وأولياءه، لأن واقعنا الحالي يدل على أننا إن تقدمنا خطوة واحدة، فأننا نتراجع خطوات عديدة.
وهذه - لعمري - مأساة كبيرة بل وواقع مرّ يجب تغيره بعون الله وبحركة نوعية جديدة وهذه مهمة صعبة جداً.
لكنها ليست مستحيلة، فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة
كما يقول المثل الشائع.
ولهذه السبب ولغيره فأني أشعر بخطورة الحال ودقة الموقف الحرج الذي أصبحت به الرسالة والملَّة حالياً، وأني اهتف بجميع أخوة العقيدة والأيمان الرسالي الذين جعلوا الرسالة الغراء محور حياتهم ومرتكز حركتهم وغاية وجودهم، والأمانة الكبرى التي تطوق أعناقهم، أدعوهم بإخلاص وحب ان يولوا هذا الأمر الخطير الاهتمام الذي يستحقه، وان يعطوه من جهدهم وفكرهم وعملهم الخالص لله تعالى، غنياً ثريِاً يعطي ثماراً طيبة ممثلة بأطروحات علمية وواقعية ترفد جبهة الحق ضد الباطل بأسباب النصر والغلبة.
ومحاولتنا المتواضعة هذه ـ التي أقدمها بين أيديكم ـ تصب في هذا الاتجاه الرباني، منطلقين من شعار ((بدل ان تعلن الظلام إشعل شمعة)) وببركة الخالق الأعظم الأجل الأكرم الذي وعدنا بالهداية لسلبية بقوله ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا وان الله مع المحسنين.
(وإنني أعتذر لكم مقدماً عن الهفوات والأخطاء التي يحتويها هذا البحث الموجز وأساله تعالى ان يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يوفقنا جميعاً لنيل مرضاته والفوز برحمته وعطف في ذلك اليوم المشهود الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتاه بقلب سليم، انه سميع مجيب والحمد
لله رب العالمين، عليه أتوكل واليه أنيب، والعاقبة للمتقين).
الأحقر إلى ربه
أبو علي المنيب
ربيع الثاني 1422 هـ
تموز 2001م
الكتاب متوفر في دار جامعة الصدر للطبع والنشر والتوزيع/ النجف الاشرف