قصيدة رزء الخميس ونكبة الثُلاثاء
بسمه تعالى
رزء الخميس ونكبة الثُلثاء([1])
ضحكت جراحك فاستبدّ بكائي |
|
وجرت بفيض مدامعي ودمائي |
وتقطّعت أوصال جسمك عافراً |
|
فتيممت بترابها أشلائي |
وتصدعت أضلاع صدرك خُشَّعاً |
|
فجبرت كسر الشرعة السمحاء |
ففتحت صدرك للسهام بطعنة |
|
فتمزقت بسهامهم أحشائي |
وشهقت تلتذّ الممات بعزة |
|
وزفرت ترفض ذلة الأحياء |
أخضاب حناء يلوح بشيبةٍ |
|
في عارضيك أم اختضاب دماء |
ورفعت طرفك للسماء بنظرة |
|
فاحمر وجه الكون باستحياءِ |
ووقفت مكلوماً يكلم ربه |
|
رباه إن يرضيك هاك عطائي |
إن كان ابنٌ للخليل فداءه |
|
فأنا وصحبي والعيال فدائي |
فلتنحني لك هام املاك السما |
|
ولتنحني لك قامة العظماء |
ولتكتحل حور الجنان وتختضب |
|
بتراب نعلك لا من الحنّاء |
يا ذخر أجدادٍ إلى أحفادهم |
|
وذخيرة الآباء للأبناء |
يا خير داعٍ للإله وناصرٍ |
|
يا خير مأمول وخير رجاءِ |
يا خير مشفوعٍ به ومشفعٍ |
|
يا شافعاً لمعاشرِ الشفعاء |
يا آخر الأنوار بعد محمد |
|
وعليَّ والمسموم والزهراء |
كم حاربتك منابر مأجورة |
|
كم آلمتك مواكب السفهاء |
كم قاتلتك بجهلها ونفاقها |
|
وبما ادعته شعائراً بغباء |
واستصغروك وأنت طودٌ شامخٌ |
|
لا عيب في المرئي بل في الرائي |
واستظهروك بمظهر حاشاكه |
|
يا مظهر الملكوت والعلياء |
جهلٌ نفاق واكتساب منافع |
|
بطرٌ رياءٌ مبلغ البلهاء |
فأراك تُشتم في رحابِ مجالس |
|
وينال منك بمجلس وعزاءِ |
وأرك مذبوحاً بسيف جهالةٍ |
|
وعمالةٍ وحثالةٍ أمراء |
قد لامني بعض الكرام تخوفوا |
|
بغض اللئام ولوثة الرعناء |
أنا لم أخف في الله لومة لائم |
|
لا كيد باغٍ لا عظيم بلاء |
أنا للحسين نعاله وترابه |
|
أنا للشعائر حارس وفدائي |
ليس التفاخر بارتقاء منابرٍ |
|
كم يلعن القرآن من قرّاءِ |
إن التفاخر بافتداء شريعةٍ |
|
غراء لا أنشودةٍ وبكاء |
أنا قبل أن ترقوا منابر فتنةٍ |
|
أرقى منابر دعوةٍ وولاءِ |
أرقى مجاهدة وليس تكسباً |
|
زمن الشدائد لا زمانَ رخاءِ |
إن صرت تدعو للحسين فدعوتي |
|
أو صرت تحدوا فالحداء حدائي |
أشكو لمدرسة الخطابة خطبها |
|
وخطابها وخطيبها الخطاءِ |
سكتت بنطقك ألسن الفصحاءِ |
|
وهذت بصمتك السن اللكناءِ |
قد حرفت دور المنابر تبتغي |
|
درَّ المنابر ما ارعوت لحياءِ |
وتراقصت فوق الضمائر تدعي |
|
حفظ الشعائر يا له من داءِ |
إن الشعائر عَبرةٌ بل عِبرةٌ |
|
ليست خواراً لا ولا برُغاءِ |
ليست بأغنيةٍ ولا هي مرقصٌ |
|
هي منسك العباد والعرفاءِ |
ليست مسيراً خالياً من حكمةً |
|
هي ثورة الأحرار والأمناءِ |
ليست لمعتوه ولا لمخرِّفٍ |
|
هي مسلك الحكماء والعقلاء |
أهل المنابر والشعائر ما لكم |
|
أموات أنتم أم من الأحياءِ |
هلا خدمتم دينكم بمنابرٍ |
|
أم أوقفت لشتيمة العلماءِ |
أين انتصاركم لدين محمدٍ |
|
ولفقه جعفرنا أبي الفقهاءِ |
أو تفزعون لكل أمرٍ تافهٍ |
|
وتهوّمون لأعظمِ الأرزاءِ |
إيهٍ أبا الأحرار هل من زائرٍ |
|
حرّ ليعلن موقف النبلاءِ |
ما بال جعفر يرفضون قضاءهُ |
|
ويحكّمون محاكم اللقطاءِ |
ما عيبه كي يُستهان بفقهه |
|
ويقدّسون شريعةِ الطلقاءِ |
وقد اصطلى قلب الإمام بخنجرٍ |
|
علماء سوءٍ ساسة لعناءِ |
أهل العراق إلى متى وإلى متى |
|
ينأى بكم جهلٌ عن الصلحاءِ |
تذرونهم وتقبّلون أيادياً |
|
لعمائم الأهواء والإغواءِ |
سهمان قد غرزا بقلب محمدٍ |
|
رزء الخميس ونكبة الثلثاءِ |
ألأنّ كفّ الشيخ كانت خلفه |
|
أم للفضيلة مقصد الإقصاءِ |
إن كان دفناً للولي فدونكم |
|
تأريخ أهل البيت ليس بنائي |
لن تطفئوا نور الإله بوحيه |
|
لن تظفروا بسراجه الوضّاءِ |
أو كان سلباً للفضيلة حقّها |
|
فهو التآمر منهج العملاءِ |
إن كان ملك الري نصب عيونكم |
|
فجميع ما دون الحُسين ورائي |
جسداً قُتلت أبا الإباء بكربلاء |
|
روحاً قتلت بمجلس الوزراءِ |
ابن المسيح أقرّه وأجازهُ |
|
وكذا تكون طبائع الشرفاءِ |
[1] قصيدة رائعة ألقاها فضيلة الأديب الواعي علي خصاف بحضور سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) وحشد من الزوار يوم الأربعين 20/صفر/1435 المصادف 24/12/2013.