أحكام الوقف

| |عدد القراءات : 2978
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

أحكام الوقف

  (مسألة 525): الوقف هو (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة)، وإذا تمّ بشروطــه الشرعيــة خرج المــال الموقوف عن ملك الواقف وأصبح مما لا يوهب ولا يورث ولا يباع إلاّ في موارد معينة يجوز فيها البيع كما تقدّم في المسألة (41)  وما بعدها.

  (مسألة 526): لا يتحقّق الوقف بمجرد النية، بل لابدّ من إنشائه بلفظ كــ(وقفتُ هذا الفراش على المسجد) أو بفعل كإعطاء الفراش إلى قيّم المسجد بنية وقفه، ومثله تعمير جدار المسجد أو بناء أرض على طراز ما تُبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً فإنه يكون وقفاً بذلك.

  (مسألة 527): يعتبر في الواقف: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، وعدم الحجر عن التصرف في الشيء المراد وقفه لسَفَه أو فَلَس، فلا يصحّ وقف الصـبي والمجنــون والمكــره والغافــل والســاهي والمحجور عليه.

  (مسألة 528): يعتبر في الوقف أمور:

  أ ــ عدم توقيته بمدة، فلو قال: (داري وقف على الفقراء إلى سنة) بطل وقفاً، ويصحّ حبساً إذا قصد ذلك.

  ب ــ أن يكون منجّزاً، فلو قال: (هذا وقف بعد مماتي) لم يصحّ، نعم إذا فهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف وجب العمل بها ضمن الثلث المخوّل به إذا كانت الوصية نافذة فيجعل وقفاً بعد وفاته.

  ج ــ أن لا يكون وقفاً على نفس الواقف ولو في ضمن آخرين، فلو  وقف أرضاً لأن يدفن فيها لم يصحّ، ولو وقف دكاناً لأن تصرف منافعه بعد موته على من يقرأ القرآن على قبره ويهدي إليه ثوابه صحّ، وإذا وقف بستاناً على الفقراء لتصرف منافعه عليهم وكان الواقف فقيراً حين الوقف أو أصبح كذلك بعده جاز له الانتفاع بمنافعه كغيره إلاّ إذا كان من قصده خروج نفسه.

  د ــ قبض العين الموقوفة إذا كان من الأوقاف الخاصة، فلا يصحّ الوقف إذا لم يقبضها الموقوف عليه أو وكيله أو وليّه، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأولى عمن يوجد منها بعد ذلك، وإذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقّق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر.

 ولا يعتبر القبض في صحة الوقف على العناوين العامة، فلو قال: (وقفتُ هذه الأرض مقبرة للمسلمين) صارت وقفّا وإن لم تقبض من قبل المتولي أو الحاكم الشرعي.

 هــ ــ أن يكون الموقوف عيناً خارجية ومما يمكن الانتفاع بها مدة معتدًّا بها منفعة محلّلة مع بقاء عينها، فلا يصحّ وقف الدين ولا وقف الأطعمة ونحوها مما لا نفع فيه إلاّ بإتلاف عينه ولا وقف الورد للشم مع أنه لا يبقى إلاّ مدة قصيرة، ولا وقف آلات اللهو المحرّم.

 و ــ وجود الموقوف عليه حال الوقف إذا كان من الأوقاف الخاصة، فلا يصحّ الوقف على المعدوم في حين الوقف، كما إذا وقف على من سيولد له من الأولاد، وفي صحّة الوقف على الحمل قبل أن يولد إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، نعم إذا لوحظ الحمل بل المعدوم تبعاً لمن هو موجود بالفعل بأن يجعل طبقة ثانية أو مساوياً للموجود في الطبقة بحيث لو وجد لشاركه صحّ الوقف.

  (مسألة 529): لا يعتبر قصد القربة في صحّة الوقف ولاسيما في الوقف الخاص كالوقف على الذرية، كما لا يعتبر القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان اعتباره أحوط استحباباً.

  (مسألة 530): يجوز للواقف في وقف غير المسجد أن يجعل في ضمن إنشاء الوقف تولية الوقف ونظارته لنفسه مادام الحياة أو إلى مدة محددة وكذلك يجوز أن يجعلها لغيره، كما يجوز أن يجعل أمر التولية لنفسه أو لشخص آخر بأن يكون المتولي كل من يعيّنه نفسه أو ذلك الشخص، ولو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول سواء أكان حاضراً في مجلس إيقاع الوقف أم كان غائباً ثم بلغه ذلك، ولو قبل التولية تعيّن ووجب عليه العمل بما قرّره الواقف من الشروط، ولكن له أن يعزل نفسه عن التولية بعد ذلك.

  (مسألة 531): يعتبر في متولي الوقف أن تكون له الكفاية لإدارة شؤونه ولو بالاستعانة بالغير، كما يعتبر أن يكون موثوقاً به في العمل وفق ما يقتضيه الوقف.

  (مسألة 532): إذا لم يجعل الواقف متولياً للوقف ولم يجعل حق نصبه لنفسه أو لغيره فالعين الموقوفة إن كانت وقفاً على أفراد معيّنين على نحو التمليك كأولاد الواقف ــ مثلاً ــ جاز لهم التصرف فيها بما يتوقف عليه انتفاعهم منها من دون أخذ إجازة أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين رشيدين، وإن لم يكونوا كذلك كان زمام ذلك بيد وليّهم الشرعي، وأما التصرف في العين الموقوفة بما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة مصلحة البطون اللاحقة من تعميرها وإجارتها على الطبقات اللاحقة فالأمر فيه بيد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.

  وإذا كانت العين الموقوفة وقفاً على جهة عامة أو خاصة أو عنوان كذلك كالبستان الموقوف على الفقراء أو الخيرات فالمتولي لهَ في حال عدم نصب الواقف أحداً للتولية وعدم جعل حق النصب لنفسه أو لغيرهَ هو الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.

  (مسألة 533): تختصّ المساجد بأنه لا تولية لأحد عليها، فليس لواقف الأرض مسجداً أن ينصب متولّياً عليه بمعنى أن يكون له حق التصرف في الوقف  ــ  وهو المسجد ــ  فيمنع من يشاء من الدخول ونحوه فللمساجد أحكام وآداب لا يكون لأحد تولية عليها، نعم تجوز التولية لموقوفات المسجد من بناء وفرش وآلات إنارة وتبريد وتدفئة ونحوها.

  (مسألة 534): إذا ظهرت خيانة من المتولي للوقف كعدم صرفه منافع الوقف في الموارد المقررة في الوقفية ضمّ إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها، وإن لم يمكن ذلك عزله ونصب شخصاً آخر متولّيًا له.

  (مسألة 535): إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن الوقفية ولا يجوز بيعها وإن تعذّر تعميره إلى الأبد، وأما غير المسجد من الأعيان الموقوفة مثل البستان والدار فتبطل وقفيّتها بالخراب الموجب لزوال العنوان إذا كانت الوقفية قائمة بذلك العنوان ومقيّدة ببقائه، كوقف البستان مادام كذلك وعندئذٍ يرجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته، وهذا بخلاف ما إذا كان الملحوظ في الوقفية كلاًّ من العين والعنوان ــ كما هو الغالب ــ فإنه إذا زال العنوان فإن أمكن تعمير العين الموقوفة وإعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها ــ كأن يصالح شخصاً على إعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لمدة معينة ولو كانت طويلة نسبياً ــ لزم ذلك وتعيّن، وإن توقف إعادة عنوانها على بيعِ بعضها ليعمر الباقي فالأحوط لزوماً تعيّنه، وإن تعذّر إعادة العنوان إليها مطلقاً ولكن أمكن استنماء عرصتها بوجه آخر فهو المتعيّن، وإن لم يمكن بيعت، والأحوط لزوماً أن يشترى بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الأول، بل الأحوط لزوماً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأول مع الإمكان وإلاّ فالأقرب إليه، وإن تعذّر هذا أيضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.

  (مسألة 536): ما يوقف على المساجد والمشاهد ونحوهما من آلات الإنارة والتكييف والفرش ونحوها لا يجوز نقلها إلى محلّ آخر مادام يمكن الانتفاع بها في المكان الذي وقفت عليه، وأما لو فرض استغناؤه عنها بالمرة بحيث لا يترتب على إبقائها فيه إلاّ الضياع والتلف نقلت إلى محلّ آخر مماثل له، بأن يجعل ما للمسجد لمسجدٍ آخر وما للحسينية في حسينية أخرى، فإن لم يوجد المماثل أو استغنى عنه بالمرة جعل في المصالح العامة.

  هذا إذا أمكن الانتفاع به باقياً على حاله، وأما لو فرض أنه لا ينتفع إلاّ ببيعه بحيث لو بقي لضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل الموقوف عليه إن كان في حاجة إليه وإلاّ ففي المماثل ثم المصالح العامة مثل ما مرّ.

  (مسألة 537): لا يجوز صرف منافع المال الموقوف على ترميم مسجد معيّن في ترميم مسجد آخر، نعم إذا كان المسجد الموقوف عليه في غنى عن الترميم إلى أمد بعيد ولم يتيسّر تجميع عوائد الوقف وادّخارها إلى حين احتياجه فالأحوط لزوماً صرفها فيما هو الأقرب إلى مقصود الواقف من تأمين سائر احتياجات المسجد الموقوف عليه أو ترميم مسجد آخر حسب اختلاف الموارد.

  (مسألة 538): إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها، فإن لم يكن لها ما يصرف عليها في ذلك صرف جزء من نمائها وجوباً مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم، وإذا احتاج إلى تمام النماء في التعمير أو الترميم بحيث لولاه لا يبقى للطبقات اللاحقة صرف النماء بتمامه في ذلك وإن أدّى إلى حرمان الطبقة الموجودة.

  (مسألة 539): إذا أراد المتولي للوقف بيعه بدعوى وجود المسوّغ للبيع لم يجز الشراء منه إلاّ بعد التثبّت من وجوده، وأما لو بيعت العين الموقوفة ثم حدث للمشتري أو لطرف ثالث شك في وجود المسوّغ للبيع في حينه جاز البناء على صحته، نعم إذا تنازع المتولي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوّغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعي فحكم بعدم ثبوت المسوّغ وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره.