أحكام المضاربة
المضاربة: هي أن يدفع الإنسان مالاً إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف، أو الثلث، أو نحو ذلك.
ويعتبر فيها أُمور:
الأول: الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو نحو ذلك، ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
الثاني: البلوغ، والعقل، والاختيار، في كل من المالك والعامل، وأما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.
الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.
الرابع: أن يكون الربح بينهما، فلو شُرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلا إذا اشترط على الأجنبي عمل متعلق بالتجارة.
الخامس: أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل، فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح.
هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، وأما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.
وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزاً من التجارة حتى مع الإستعانة بالغير بطلت المضاربة، ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول وطروه بعد حين، فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
السادس: ان يكون المال المدفوع من العملات المحلية او العالمية أي من النقد ولا يصح ان يدفع له بضاعة ويجعلها مالاً للمضاربة، او يضارب معه بالدّين الذي في ذمته حتى يقبضه منه ويسلم اليه على انه مال للمضاربة.
(مسألة 190): لا خسران على العامل من دون تفريط، وإذا اشترط المالك على العامل في ضمن العقد أن تكـون الخسـارة عليهمـا كالربـح فالظاهـر بطـلان الشرط، نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه اذا وقعت صح ولا بأس به.
(مسألة 191): عقد المضاربة جائز من الطرفين لانه من العقود الأذنية فيجوز لكل منهما فسخه، سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، وسواء كان قبل تحقق الربح أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص.
(مسألة 192): يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس على ان لا يكون في اختياره أي تقصير أو لا مبالاة او مجازفة غير محسوبة، نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك، إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق اليه، وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن.
(مسألة 193): تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
(مسالة 194): ما تعارف عليه البعض هذه الايام من دفع مال الى شخص ليعمل به مقابل دفع مبلغّ محدد كل مدة معينة ليس مضاربة لافتقاره للشرط الثالث المتقدم، لكنها معاملة صحيحة بشروط:
1. أن يكون المبلغ المحدد يعتبر ربحا متعارفا للمال المدفوع.
2. أن يعمل العامل فعلا بالمال فلو أنفقه في بعض حوائجه لا يستحق صاحب المال المبلغ المحدد له.
3. عدم استحقاق دافع المال للمبلغ المحدد له الا بعد ظهور الربح للعامل، فلو خسر او كان السوق معطلاً خلال تلك المدة لم يصح مطالبته بشيء.
(مسألة 195): ما يرد على مال المضاربة من خسارة أو تلف ـ بحريق او سرقة او غيرهما ـ يجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية من دون فرق في ذلك بين الربح اللاحق والسابق، فملكية العامل لحصته من الربح السابق متزلزلة كلها أو بعضها بعروض الخسران أو التلف فيما بعد، ولا يحصل الاستقرار إلا بانتهاء أمد المضاربة أو حصول الفسخ، نعم إذا اشترط العامل على المالك في ضمن العقد عدم كون الربح جابراً للخسران أو التلف المتقدّم على الربح أو المتأخر عنه صح الشرط وعمل به.
او كانا يتحاسبان في راس كل مدة معينة، فاذا ظهر ربح لهما وتحاسبا في راس مدة اصبح ربح كل منهما مالاً مملوكا لصاحبه وليس من مال الشركة فلا يجبر منه الخسران الذي يقع لاحقاً، لان العمل بعد انتهاء كل مدة يعتبر عقدا اذنياً جديدا.