محافظة المثنى: نموذج بائس لتردّي أحوال شعبن
بسمه تعالى
محافظة المثنى: نموذج بائس لتردّي أحوال شعبنا[1]
محافظة المثنى بمدنها الأصيلة السماوة والرميثة وغيرها عرفت بالولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وتصدّرها لإحياء الشعائر الحسينية، وقدّمت رموزاً حفظتها الذاكرة الشيعية.
كما عرفت بولائها للمرجعية الدينية ومواقفها الوطنية وتضحياتها الجسيمة على هذا الطريق، والشواهد على ذلك كثيرة كمقاومتها للاحتلال الانكليزي وتفجيرها لثورة العشرين ومواقفها البطولية في معارضة النظام الصدامي والانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1411/ 1991 حيث كان أول وفد تبعثه المرجعية خارج النجف إليها وضمّ ولدي المرجعين الراحلين السيد الخوئي والسيد السبزواري (قدس الله سريهما).
لكن المؤلم أن هذه المحافظة تقبع في ذيل قائمة الفقر حيث تذكر الاحصائيات المختصة أن نسبة الفقر في العراق 24% -أي حوالي ربع السكان- وان محافظة المثنى هي الأشد فقراً حيث تبلغ النسبة فيها 40%.
ليس هذا فحسب، بل من الناحية العلمية أيضاً فقد سألت رئيس جامعتها عن عدد طلبة الكليات الراقية التي تعطي مؤشراً مهماً عن ازدهار المحافظة ورقيها العلمي من أبناء نفس المحافظة وليس من المقبولين من غيرها، فكان معدل نسبتهم في كلية طب الأسنان مثلاً حوالي 15% على ما أتذكر، وهذا دليل على ضعف المستوى العلمي في مدارسها.
إن هذا التردي الكبير في مؤشرات التحضّر والازدهار والرفاه يكشف عن الواقع المزري لأبناء هذه المحافظة بالرغم مما تملكه من مقوّمات واستحقاقات ذكرناها في بداية حديثنا.
وهذا يدقّ في وجوهنا جرس الانذار، ويلقي علينا وعليكم مسؤولية إضافية في الالتفات إلى هذا الواقع ودراسته من جميع الجوانب وتشخيص اسبابه ووضع الحلول والخطوات العملية للمعالجة، وتزداد المسؤولية عليكم -يا طلبة جامعة الصدر الدينية في الرميثة وكذا في السماوة –لأنكم النخب المثقفة والواعية والمخلصة وتمتلكون الشهادة العلمية الراقية والتحصيل الديني المطلوب، ولكثير منكم مواقع وظيفية خدمية، وهذا يعني أن مفاتيح التغيير والاصلاح بأيديكم، والفرصة متاحة لكم أكثر من غيركم.
إن تبادل هذه الهموم ومناقشة هذه القضايا الحيوية هي من مصاديق قول الإمام (عليه السلام) (أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيى أمرنا) لأن فيها صلاح دنيانا وآخرتنا وخدمة الناس وإسعادهم وإدخال السرور والبهجة عليهم وهي من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى.
وإذا أردتم مناقشة أسباب هذا التردي فابدأوا من الحديث النبوي الشريف (صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي، قيل: يا رسول الله ومن هما؟، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الفقهاء والأمراء)[2]، وتتحمل الأمة مسؤولية صناعة هذه القيادات وتمكينها من مقاليد الأمور وخلق هالات عظيمة حولها قد لا تكون أهلاً لها، وهذا هو سبب فشلنا وتراجعنا وتحكّم شذّاذ الآفاق فينا، حتى صرنا -ونحن أغلبية- نستجدي رضا غيرنا وهم أقلّية، حيث الانبطاح أمام مطالب متظاهرين بالآلاف بينما تغمط حقوق أصحاب المسيرات المليونية إلى كربلاء المقدّسة إلى درجة أن ضحايا النظام الصدامي الذين صودرت أو حجزت أملاكهم لم تسترجع إلى حد الآن.
إن من أهم ألقاب الإمام الحسين (عليه السلام) (أبيّ الضيم) فعلى أتباعه والموالين له والذين يقيمون شعائره أن يكونوا أباةً للضيم والخنوع والاستسلام وأن يرفضوا كل من يحاول تجهيلهم وتدجينهم وإخضاعهم مهما كان موقعه ومقامه المزعوم.
[1] من حديث سماحة المرجع اليعقوبي(دام ظله) مع إدارة وطلبة جامعة الصدر الدينية فرع الرميثة يوم 14/ج1/1434 المصادف 26/4/2013.