النظام السياسي الجديد يكرّم القتلة المجرمين ويهمل ضحايا صدام

| |عدد القراءات : 4738
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

  النظام السياسي الجديد يكرّم القتلة المجرمين ويهمل ضحايا صدام

استقبل سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله) الشهيد الحي السيد جبار الغالبي أحد الناجين من المقابر الجماعية التي أنشأها صدام المقبور عقب الانتفاضة الشعبانية عام 1991 والذي يظهر في كثير من الصور المحفوظة لجرائم أزلام صدام ضد أبناء مدن الوسط والجنوب، فكان السيد الغالبي من الشهود النوادر على تلك الجريمة البشعة بحق الإنسانية.

وقد تحدّث جناب السيد عن ظروف اعتقاله في ضواحي مدينته الغراف عندما اجتاحت قوات الحرس الجمهوري المدن المنتفضة في وسط وجنوب العراق ثم اقتيدوا إلى معتقل الرضوانية الرهيب في بغداد مع الآلاف من أبناء الشعب العراقي الأبيّ، وكانت المجاميع تلو المجاميع تساق إلى التعذيب والإعدام أمام عينه.

وبعد (54) يوماً قضاياها في الاعتقال قيّض الله تعالى له ضابطاً من أبناء الموصل عرف انه من نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمّن له طريقاً للهروب من المعتقل هو وثلاثة من زملائه إلى البساتين المحيطة بالمنطقة، أراد بذلك أن يكرّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذريته، ثم قضى تلك السنين العجاف متخفياً ومتنقلاً بين المدن والقرى.

وبعد سقوط صدام اللعين ظنّ أن النظام الجديد الذي قام على دعاوى مظلومية الشعب العراقي سينصفه ويضمن له حياة كريمة تعوضه عن السير مما لاقاه من بطش النظام، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحصل، وباءت محاولاته بالفشل ولم يحصل على شيء لأنه لا يحتفظ بـ (مقتبس حكم) ونحوها من التبريرات، مع أن الأفلام التي توثق اعتداء أزلام النظام على الأبرياء في الناصرية بقيادة المقبورين علي حسن المجيد الكيمياوي ومحمد حمزة الزبيدي، يظهر فيها السيد الغالبي وهو يتعرض للاعتداء والضرب.

وبعد أن رحب سماحة الشيخ بضيفه واستقبله بحفاوة بالغة: عبّر عن ألمه وخيبة أمله بهذا النظام السياسي الجديد الذي تسلّق السلطة رافعاً لواء المظالم التي تعرّض لها الشعب العراقي خصوصاً ضحايا المقابر الجماعية، وما إن ترسخت قدمه حتى أدار ظهره للمحرومين والمظلومين الذين عاشوا تلك المحنة التي أهلكت الحرث والنسل.

وقال سماحته: ان العقلاء والأمم المتحضرة تحتفظ بأي أثر لتاريخها وأحدثاها فتجعل متحفاً لثياب هذا وأدوات ذاك حتى الحذاء الذي كان يلبسه، وتحتفل برموزها وتحيط بالرعاية الكاملة، وتوظف أقلامها وكتبها لتسجيل إفادة الشهود على العصر وتدوينها لأنها لا تمثل تاريخ شخص معين بل تاريخ أمة بكاملها خصوصاً مثل هذه الأحداث التي عاشها السيد الغالبي والتي تمثل نكسة وانحطاطاً كبيرين، سوّدا تاريخ الإنسانية.

واستغرب سماحته من المفارقات التي نعيشها في ظل النظام السياسي الجديد، فبينما يقدم ضابط (سني) من أبناء الموصل الحدباء على إطلاق سراح (شيعة) وهو يعلم أن أقل عقوبة ستصيبه هي الإعدام بالأساليب الوحشية لا لشيء إلا للتقرب إلى الله تعالى ورسوله، لكن النظام الجديد الذي يتزعمه الشيعة يمتنع عن توفير أبسط استحقاقات هؤلاء المحرومين.

وبينما تصدر القرارات تلو القرارات لـ (إنصاف) أزلام النظام البائد من رواتب تقاعدية ضخمة ورتب رفيعة وتعويض عن المدة والسقوط إلى الآن باسم المصالحة الوطنية وهم يقيمون في الدول المجاورة للتآمر على العراق وشعبه، ويمنحون الوظائف العسكرية والمدنية المهمة في الدولة وهم يستغلون وجودهم فيها لتخريب البلد وسرقة المال العام وإهانة الشعب وسحق كرامته.

وفي مقابل ذلك يحرم الشرفاء المضحون الذين أبوا الخضوع لصدام وانتفضوا لمواجهة بطشه وظلمه من أبسط حقوقهم، وعندما يراجعون الدوائر يسألون بسخرية: لماذا لم يعدمكم صدّام.

هذا هو الوضع البائس الذي نعيشهِ، والذي يضاعف علينا مسؤولية السعي لإصلاحه وإعادته إلى الوضع الطبيعي الذي يرضي الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، وان ابراز مثل هذه المظالم تخلق الحوافز لدى الشعب ليعي دوره وواجبه في اختيار المخلصين المتفانين في خدمته.

وفي ختام اللقاء وعد سماحة المرجع ببذل الوسع في تحصيل ما يمكن من حقوقه، وتشكّر الضيف من تعاطف سماحة المرجع معه واهتمامه بأمره والحفاوة التي استقبله بها.