حول قرار الحكومة الاخير بالتعويض بمبلغ نقدي عن مفردات البطاقة التموينية
بسم الله الرحمن الرحيم
حول قرار الحكومة الاخير بالتعويض بمبلغ نقدي عن مفردات البطاقة التموينية
إننا مع الهدف المعلن لقرار الحكومة الاخير بتعويض المواطن عن مفردات البطاقة التموينية بمبلغ نقدي لمكافحة الفساد في هذا الملف وتحسين حال المواطن العراقي، وندعو الى تعميم هذه الحركة الى كل الملفات الاخرى اذا حققت الهدف المرجو منها.
الا ان هذا الهدف يبقى نظريا وحبراً على ورق ما لم يقترن بوضع آليات عملية وواقعية ومقدور عليها لتنفيذ هذا البرنامج الواسع والخطير.
وحينئذ تبرز امامنا عدة تساؤلات مثيرة للقلق: كيف سيتم إيصال هذه المبالغ الى شعب تعداده (34) مليون انسان وفي راس كل شهر؟
وما الذي يضمن عدم حصول الفساد في هذه الخطوة أيضا؟
وهل للمصارف القدرة على القيام بهذه العملية؟
وهل الحكومة قادرة على ضبط اسعار المواد الغذائية الاساسية في السوق وكبح جماح التجار والحد من جشعهم وتحكمهم في قوت المواطنين؟
وهل التجار قادرون على تلبية حاجة السوق؟
واذا كان البلد يشكو من تضخم بسبب حجم الكتلة النقدية المتداولة منذ سنين ولم تتم معالجة هذه المشكلة، فالى أي مدى سيتفاقم الوضع بسبب ضخ نصف تريليون دينار من العملة شهريا الى السوق؟
وغير من التساؤلات المقلقة حقيقة وامامنا شواهد تشير الى عدم نجاح مثل هذه التجارب كالعيدية التي قررتها الحكومة للمواطنين او الوجبة الاضافية من الحبوب التي لم تصل حتى بعد العيد اللاحق، وبين ايدينا قرار منح الطلبة الجامعيين معونة دراسية وقد مرَّ عليه أشهر من دون ايجاد آلية للتوزيع مع أن عددهم لا يبلغ 1% من مجموع السكان.
إن الشعب قد تعوّد في مثل هكذا حالات أن يدفع ضريبة القرار من دون أن يصله ما وُعد به فترتفع الاسعاروتشح المواد وهو لم يقبض شيئا.
واذكر لذلك مثالا بسيطا الا انه طريف فقد كانت لجامعة الكوفة حافلات تنقل الطلبة من الباب الرئيسي الى كلياتهم ومؤسساتهم مجاناً، فلما صدر قرار المنحة فرضوا أجورا على الطلبة الذين مرّت عليهم أشهر ولم يستلموا شيئا.
فلابد اذن قبل تحديد موعد لتطبيق القرار مفاتحة كل الجهات المعنية حتى تقدّم تقارير حول قدرتها على التنفيذ، ولا مانع من تأجيل تطبيق القرار شهرين أو اكثر لاعطاء فرصة اوسع لتهيئة ظروف النجاح للتطبيق حتى يطمئن المواطن بأن القرار لصالحه، خصوصا وان الموعد المحدد 1/3/2012 يأتي بعد مدة قصيرة من انتهاء شهري محرم وصفر اللذين يستهلكان في شعائرهما مخزون الدولة من المواد الغذائية.
ونقدّم هنا بعض الافكار لانجاح العملية:
اولا:- استثناء مادة الطحين من القرار ويبقى توزيعه بالبطاقات المعينة وبالسعر المقرر حاليا من دون تقليل مبلغ التعويض، لان الخبز اساس حياة الانسان وتوزيع الطحين لم يعاني من المشاكل التي عانت منها مفردات البطاقة الاخرى ولم تتعثر انسيابية توزيعه طيلة هذه السنين الماضية، وان الانتاج المحلي من الحنطة والشعير يغطّي اكثر من حاجة المواطنين، فتحمل الدولة لهذه المادة عن كاهل المواطنين شيء اساسي.
ثانيا:- مفاتحة المصارف لوضع آلية لفتح حسابات مصرفية لكل مواطن بحسب الرقعة الجغرافية لبطاقته التموينية ويوضع مبلع التعويض النقدي تلقائيا كل شهر في حساب المواطن، وبذلك سنتجنب الفساد في توزيع المبالغ، ونخفف من زخم المواطنين، ونتخلص من ضخ كتلة نقدية كبيرة الى السوق.
ثالثا:- وضع ضوابط اسعار السوق وتقديم التسهيلات للتجار، وارشادهم الى القيام بكل ما ينفع المواطن.
رابعا:- تهيئة المؤسسات الحكومية المعنية للقيام بدورها في الدخول الى السوق كمنافس قوي للحد من الاحتكار ورفع الاسعار فوق السعر الدولي المحدد، ولو بدعم بعض البضائع وتجهيز السوق بكميات كبيرة منها.
خامسا:- الاعلان عن اعتبار الموعد المعلن 1/3 غير نهائي وانه قابل للتمديد اذا لم تتم الاستعدادات الكاملة لانجاح العملية، وهذا الاعلان سيخفف الاحتقان والمخاوف والهلع، ويعطي مرونة في الاجراءات.
والله ولي التوفيق
محمد اليعقوبي
النجف الاشرف
23/ذ.ح/ 1433
8/11/2012