الرد العملي على الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد العملي على الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[1]
لا زلنا نعيش تداعيات ما قيل من إنتاج فيلم يسيء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في السينما الأمريكية بإخراج وتمويل يهوديين وقد نشرت بعض المواقع دقائق منه قبل عرضه، مما استفزّ مشاعر المسلمين فخرجوا في تظاهرات واحتجاجات في بلدان إسلامية عديدة، وهاجم بعض المتظاهرين عدة مقرات لسفارات ومؤسسات غربية.
ولم تكن هذه الإساءة هي الأولى فقد دعا بعضهم إلى حرق المصحف الشريف علنا وآخرون رسموا صوراً كاريكاتورية مسيئة، وآخر يؤلف كتاباً شيطانياً أو يؤدون حركات عبثية للسخرية من عبادات المسلمين وشعائرهم. وهكذا
ومن وجهة نظري فإن هذه الأفعال تشعرنا بالزهو والفخر والانتصار لأن صدورها منهم تعني إفلاسهم وهزيمتهم وتدل على اعترافهم بانتصار الإسلام وتقدمه وغزوه لهم وفشل كل مشاريعهم للقضاء على حركته المباركة وإيقاف مدِّها إلى عقر دورهم فلجأوا إلى هذه الأساليب للتضليل وللتشويه، ولو كان الإسلام هزيلاً مهزوماً ضعيفاً لما خافوا منه وقلقوا وقاموا بهذه الأفعال البائسة.
لكننا يجب أن لا نقف عند ردود الأفعال العاطفية المؤقتة فإنها لا تستطيع مقاومة مشاريع أعداء الإسلام المتنوعة من إفساد أخلاقي وتخريب ثقافي وتمزيق لحمة المجتمع وحصار اقتصادي و تجفيف الأنهار وتلويث المياه ونشر الأمراض الخطيرة من خلال أدوية فاسدة، ولا تنتهي عند الاحتلالات العسكرية والهيمنة على القرار السياسي وغيرها مما يخفى على كثيرين حيث يضع المستكبرون لكل بلد وشعب السيناريو المناسب له من وجهة نظرهم.
وألفت نظركم إلى واحد من مشاريعهم التخريبية كُشف عنه خلال هذه الأيام فقد كشفت دائرة الأنواء والرصد الزلزالي انها تملك أدلة على أن التغيير الحاصل بالجو في العراق بفعل فاعل وليس أمراً مناخياً طبيعياً وانهم وبعد جهود مضنية على مدى خمس سنوات استطاعوا الحصول على أدلة تثبت تورط الولايات المتحدة بالتحكم في المناخ العراقي. وانهم قد رصدوا وجود طاقة صناعية تم توجيهها عبر مركز ابحاث الترددات العليا للشفق القطبي الشمالي، بما يعرف بمشروع (هارب HAARP) باعتباره المركز الوحيد القادر على افتعال زلازل وفيضانات وأعاصير ورفع وخفض درجات الحرارة التي تبدو طبيعية، وتوقع خبراء الأرصاد أن ترتفع درجات حرارة العراق في السنوات الثلاثة المقبلة إلى سبعين درجة مئوية مما سيجعل الحياة فيه شديدة الصعوبة.
وبذلك انضمَّ العراق إلى الدول التي يتحكم بمناخها مشروع هارب الذي تديره الولايات المتحدة الأمريكية وقد كشف الموقع الاخباري النيوزلاندي (ناتشرنيوز) عن دراسة تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسببت في الزلزال الذي ضرب اليابان في 11/آذار/2011.
والمثال الآخر توجّه الحكومة الأمريكية لقطع نسل ملايين الناس بإحداث العقم لدى نسائهم وهو نموذج للإبادة البشرية التي تقوم بها الدول المستكبرة المستمدة من ثقافة الصهاينة في احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ غيرهما.
فهذه التصرفات والخطط الهدّامة متوقعة منهم وهم ماضون فيها (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) (التوبة/10) وإلا بماذا يستحلّون الإساءة إلى رسول الله (ص) المبعوث رحمة للعالمين، والذي كان مصدر خير لجميع البشر إلى يوم القيامة وهم يعترفون بذلك حتى جعله أحد مفكريهم على رأس أعظم مئة شخصية صنعت التاريخ والحضارة الإنسانية.
وبماذا جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ جاء مبلّغاً لرسالات ربه مكملاً لرسالات الأنبياء السابقين يأمر بالعدل والإحسان ورفض الظلم والبغي والفحشاء والمنكر، فيجب على كل إنسان أن يحبّه ويحترمه ويعظّمه حتى لو كان من غير دين، كما نحترم نحن العلماء الذين قدّموا خدمات للبشرية رغم اختلافنا في الدين وندرس نظرياتهم ونشيد بانجازاتهم العلمية.
فسلوكهم هذا يعني انهم لا يحترمون الإنسانية والعقل والأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية.
فهم بذلك يسيئون إلى أنفسهم ويفضحونها وليس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو أعزّ وأكرم وأعلى من أن تناله حماقاتهم (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر/95) (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة/32).
وإلى جانب هذه الحملة المسعورة التي تستهدف الإسلام، توجد حملة تضاهيها تستهدف التشيّع بالتشويه والتسقيط والاجتثاث والاستئصال بالقتل والإبادة، أو التخلي عن الهوية بالترويع والإرهاب، وجرائمهم التي يندى لها جبين الإنسانية في العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها مما لا حصر له. وهو أيضاً دليل هزيمتهم أمام تقدّم التشيع وانتشار تعاليم أهل البيت (عليهم السلام)، فيحاولون إطفاء نور الله بهذه الأساليب الوضيعة.
إن الكثير من هؤلاء الذين يتظاهرون ويحتجون بحماس في شوارع المدن الإسلامية هم الذين يقتلون الأبرياء ويفجّرونهم في المدارس والأسواق والمساجد والأماكن العامة باسم الإسلام واسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهم أشد إساءة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من صنّاع الفلم والرسوم والروايات الشيطانية، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يغفر لمن يسيء إلى شخصه المبارك بقول أو فعل لكنه كان لا يسكت على أي ظلم يوجَّه إلى الإنسان خصوصاً إذا بلغ الدماء.
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب في مسجد الكوفة، فقال كلاماً أذهل الجالسين، فقال رجل من الخوارج (قاتله الله كافراً ما أفقهه) فوثب إليه القوم ليقتلوه، فقال (عليه السلام) (رويداً إنما هو سبٌّ بسبّ أو عفوٌ عن ذنب)[2] ولا مجال لأي عقوبة أخرى، ولما لم يكن من أخلاق أمير المؤمنين (عليه السلام) مقابلة السيئة بمثلها فقد عفا عنه وهو رئيس الدولة الإسلامية.
لكن امرأة أتته يوماً تشتكي والي البصرة فحرّر كتاباً على الفور يعزل فيه ذلك الوالي.
وليعلم هؤلاء المحتجون أن من أهداف الاستكبار في إثارة هذه الأفعال المسيئة إنما هو ليستفزّوا مشاعر المسلمين ويدفعوهم فالرد على هؤلاء الأعداء الذي يريدون منا التخلّي عن هويتنا (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) (البقرة/120) أو اجتثاث وجودنا واستئصاله، هو بمزيد من الالتزام بديننا وقرآننا وتعاليم أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم أجمعين) والأخذ بسيرتهم وهديهم خصوصاً منكم معاشر الشباب والفتيان الذين تتلون القرآن وتنشدون الأناشيد في حب الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام) وتتعهدون بالثبات والنصرة وأنتم في عمر الزهور والغرائز المتدفقة، وبذلك تشعرونهم باليأس والإحباط والفشل لأن كل هدفهم سلخنا من مبادئنا ومعتقداتنا.
وأن تردّوا بمزيد من النجاح والتفوّق والإبداع والانجاز في كل الميادين التي تتواجدون فيها، فحينما أسمع من بعض الوفود الحاضرة أن عدد من أعفوا بكل الدروس في المرحلتين الرابعة والخامسة الاعدادية في مدينة المشخاب وحدها هو (160) طالباً وطالبة، وان عدد من نجحوا بمعدل يفوق 90% في الدراسة الإعدادية في المدينة من الدور الأول هم (25) طالباً وطالبة فهذا نموذج لما أقصده من الرد العملي وإدخال اليأس على الأعداء.
ربما سمعتم بما حصل قبل اسبوعين حينما قام مسلحون مجهولون باغتيال عالم نووي عراقي[3] مقيم في بريطانيا منذ أكثر من 30 عاماً حينما كان في زيارة إلى فرنسا فقتلوه وزوجته وامرأة مسنّة معهما وجرحت ابنة له مع اختها، وحصل كل ذلك بدم بارد ولم يهتم الإعلام بالحدث ولا تحرك ملف التحقيق لكشف ملابسات الحادث.
وأن تردّوا بتوسيع قاعدة الالتزام بالدين والرجوع إلى الله تبارك وتعالى فتحثون الذي لا يصلي على المحافظة عليها، وتقنعون غير المحجبة بالالتزام بالحجاب العفيف لأنه رمز جمالها وكمالها، وتدعون إلى التحابب والألفة وحل المشاكل بالحوار ونحوها واذكروا لهم قوله تعالى (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) فمع أي إمام يحبون أن يحشروا، ولاشك انهم لا يستبدلون برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء والحسن والحسين والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) أحداً غيرهم، إذن فليأخذوا بسيرتهم وتعاليمهم.
وان تردّوا على خططهم الشيطانية في استئصال وجود المسلمين بزيادة الانجاب وتكثير النسل لإدخال السرور على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولزيادة النسمات التي تشهد لله تعالى بالوحدانية ولرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرسالة ولأمير المؤمنين بالولاية، فقد روي عنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (اطلبوا الولد فإني مكاثر بكم الأمم غداً)[4] وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال (تزوّجوا فإني مكاثر بكم الأمم غداً في القيامة حتى ان السقط يجيء محنبطاً على باب الجنة فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي الجنة قبلي).[5] مع الاهتمام بتربيتهم تربية صالحة وجعلهم عناصر مثمرة مباركة.
وقد قلت في أكثر من مناسبة أن عدد الأطفال المطلوب لكل زوجين هو أربعة على الأقل للمحافظة على الوجود، ولتكثير النسل، فإذا قصّر المسلمون في تحقيق الهدف وهو تكثير النسل، فقد خالفوا وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعانوا أعدائهم على أنفسهم.
إن مقولة (تحديد النسل) و (تقليل الإنجاب) هي من الثقافة المدمّرة التي دسّها الأعداء في عقول المسلمين، وأكثر الأسباب التي تُقال في تبريرها ليست مقبولة كصعوبة المعيشة وزيادة تكاليف الحياة، لأن الله تعالى هو الرازق لعباده وليتذكر الوالدان اللذان يقولان مثل هذا الكلام انهما كانا حملين في بطن الأم ويأتيهما رزقهما رغداً هنيئاً سائغاً، فلا يعول الفرد على نفسه ويغفل عن لطف الله تعالى، روي عن رسول الله قوله (اتخذوا الأهل فإنهم أ رزق لكم).[6]
[1] من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) مع عدة وفود منها مدرسة أشبال المنتظر في الناصرية، ومجموعة الطلبة المتفوّقين في الدراسة الإعدادية في المشخاب يوم الأربعاء 2/ذ.ق/1433 المصادف 19/9/2012 وقام فتيان المدرسة بعدة فعاليات قرآنية وأناشيد.
[2] نهج البلاغة، الحكمة 420.
[3] وقع الحادث يوم 5/9/2012 في منطقة (شيفالين) شرق فرنسا، والمستهدف اسمه (سعد الحلي) وهو عالم نووي عامل في مختبر نووي سري للغاية في بريطانيا، وكان معروفاً بكرهه للأمريكيين، هرب من العراق عام 1978، وقد ذاع صيته أخيراً بعد نجاحه في إنتاج مسرّع جسيمات عملاق يستطيع صنع مواد مشعّة. وقد عمل في مختبر (روثر فورد ابليتون) للأبحاث الذي حظي بشهرة عالمية في ثمانينات القرن الماضي.
[4]، 5 ، 6 وسائل الشيعة، كتاب النكاح، أبواب مقدماته، باب1 ح2، 6و باب 2ح 4.