سيد النقباء
سيد النقباء(1)
أدعوا وأسأل بارئ الأشياءِ |
|
لك أن أخطّ قصائدي بدمائي |
يا من لمحتك للأنام معلماً |
|
درساً ينير مسالك الجهلاءِ |
أقفرتَ من نفس الغرور وطالما |
|
عبث الغرور بأنفس العلماءِ |
وسموت أنت وقد هبطت تواضعاً |
|
أن التواضع سلّم العظماءِ |
فبمثلك الأخلاق تزهر يا فتى |
|
فلذا دعتك بسيد النقباءِ |
ما كنت أُثني عن هوىً أو نزوة |
|
بل كان فرضاً في هواك ثنائي |
حسبي وحسب الشعر فضلاً أنني |
|
أهجو بمدحك في الورى أعدائي |
فتشت في سقر العراق فلم أجد |
|
إلاّك يثلج خافق البؤساءِ |
يأوي إليك المعوزون فتحتفي |
|
بهمُ حفاوة زاهد بكّاءِ |
فيعود من قد جاء يذرف دمعة |
|
فرحاً تراه بهيئة الأمراءِ |
إن أنكروك وأنت سارية السنى |
|
فلأنهم جهِلوا مداك النائي |
وإذا الزمان تقهقرت أخلاقه |
|
يختار أسياداً من البلهاءِ |
ولرب مهذارٍ عرته جهالة |
|
نصرته شِرذمة من الغوغاءِ |
ولرب مجنون ربا خلطاؤه |
|
ولرب ذي لبّ بلا خلطاءِ |
إن ابن آدم خالد في زهده |
|
لا بالضياع وكثرة الصفراءِ |
لو لم تحز إلاّ التواضع خِصلة |
|
لرفعت للإسلام ألف لواءِ |
فالصدق ملعبك المسوّر بالتقى |
|
والافتراء ملاعب الجبناءِ |
دعهم إذا قلبوا الحقائق واصطبر |
|
لا يُرتجى ورع من اللقطاءِ |
قد يسكر الباغي الدنيء بإثمه |
|
حتى يُفيق مُعاقرَ الصهباءِ |
إن طال شيطان القريض سواي ما |
|
أغراني منه النزغ كالشعراءِ |
لا يقدر الشيطان مسّ متيّم |
|
وقف القريض لسيد الشهداءِ |
دعني أغرد ما استطعت فإنني |
|
شادٍ يهيم بروضة غنّاءِ |
ما هذه الأبيات فيض قريحتي |
|
بل هذه الأطلال من أحشائي |
إن كنتُ نجماً يُهتدى بقريضه |
|
هذا لأنك في القريض سمائي |
كم من صديق كنتُ أملِك لُبّه |
|
فإذا عشقتك صار من خصمائي |
إني رأيت الشعر عاراً بيّناً |
|
إن لم يكن وقفاً على النجباءِ |
ورأيت إن العمر مثل سفينة |
|
والصدق كان لظهرها كالماءِ |
لو كان مثلُك كلَ راعٍ في الملا |
|
لتساقطت تترى قوى الفحشاءِ |
طوبى لشيخ فتحّت أبوابه |
|
كيما يرجّح كفة البسطاءِ |
و(حديث روحٍ)([2]) في النعيم لمن ظما |
|
كالسلسبيل لساكن البيداءِ |
ودعابة نزلت عليك بطيبها |
|
من بعل أمّ الظاميء الزهراءِ |
إني لأفخر أن أكون مقلّداً |
|
لك في زمان متخم من داءِ |
ما مال إلاّ للزنيم وما قلى |
|
إلاّ الأباة وصحبة الشرفاءِ |
ولقد سكبت على القُمامة خمرتي |
|
وقتلت حين سكبتها ندمائي |
يأبى الكريم وان تخلّق ثوبه |
|
أن يستعير ملابس الحرباءِ |
وإذا تعرّى الفذّ فرط صموده |
|
صار الصمود لعريه كرداءِ |
من رام نيل المجد دون شروطه |
|
كمن ارتجى شهداً من الرقطاءِ |
لا تعجبنّ إذا الذئاب تكالبت |
|
تسعى إلى جيف بغير حياءِ |
نظرت لهم بغداد نظرة مذهَلٍ |
|
فبكت دماء مقلة الزوراءِ |
ذُبح الفقير من القفا في موطني |
|
والجاني والسكّين في الخضراءِ |
تالله لا يعلو ويشمخ ذو هوىً |
|
ان رام بيتاً في ذرى الجوزاءِ |
وإذا الوزير سرى العُضال بدينه |
|
والله لا يشفيه أيّ دواءِ |
تبّاً لشعر لا يزمجر غاضباً |
|
حتى يقِضَّ مضاجع الرؤساءِ |
وإذا نآى الفقهاء حيث نرومهم |
|
ماذا إذن نجني من الفقهاءِ |
والأمر بالمعروف جوهر ديننا |
|
فمتى سنهدم قلعة الخبثاءِ |
ومتى تُقدّ أصابع قد طالما |
|
عبثت بدين الله والآلاءِ |
ولرب مالٍ قد يصير وان ربا |
|
مثل التراب بقبضة البخلاءِ |
قسماً بصرخة ثائر في كربلا |
|
وبصبر قاهرة الأسى الحوراءِ |
مُرني تجدني صارماً في صارم |
|
إني إليك مدى الزمان فدائي |
إن كنتَ تُبصرُني بملقة حاذق |
|
أفهل أحنّ لمقلة عوراءِ |
هو ذا نُهاك غدا الدليل لحائرٍ |
|
وغدا فؤادُك مسكن الفقراءِ |