بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة للتدخين .. المرجع اليعقوبي يدعو الجهات الدينية ...
9 -رجب- 1433هـ
الموافق 30-5-2012
بسمه تعالى
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة للتدخين .. المرجع اليعقوبي يدعو الجهات الدينية والمؤسسات النافذة الى اتخاذ التشريعات الكفيلة بالحد من التدخين .
جدد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي – مد ظله – دعوته لترك التدخين واتخاذ ما يمكن من التدابير لمكافحته و الحد من تاثيره .
جاء ذلك في كلمته الموسومة بـ ( أما آن لنا ان نترك التدخين ) والتي القاها بجمع من المؤمنين بمكتبه في النجف الاشرف بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين .
وتطرق سماحته الى قضية مهمة ومشكلة كبيرة تعاني منها البشرية وهي انها تعيد نفسها الى البلاءات المادية و المعنوية التي استنقذها منها الله تبارك وتعالى .
وقال سماحته : توجد حقيقة اجتماعية مؤسفة في حياة البشرية وهي أن كلما أنقذهم الله تعالى من بلاء معنوي أو مادي أعادوا أنفسهم إلى مثله أو أسوأ منه مثلا كانوا يعيشون جاهلية مليئة بالظلم والفساد والقتل والانحطاط فأنقذهم الله تعالى بالإسلام وبرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنهم ما لبثوا أن انقلبوا على الأعقاب بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم عادوا إلى جاهليتهم الأولى.
وأشار سماحته الى الاضرار الاخرى - فضلا عن الاضرار الصحية المتعارفة - التي تنتج عن التدخين وتؤثر على صحة الفرد و المجتمع كهدر الاموال الضخمة وتلويث البيئة ونفقات العلاج من اثار الادمان عليها وغيرها من الاضرار الاجتماعية و الاخلاقية .
حيث قال : وإذا انتقلنا إلى الأضرار الأخرى كهدر الأموال الضخمة على نفس العملية أو تداعياتها كتلوث البيئة أو نفقات العلاج من آثارها والإدمان عليها أو المشاكل الناتجة بسببها أو تكاليف تصنيعها وغيرها كثير.
وللتدخين أضرار اجتماعية حيث ينظر كثيرون إلى هذه الحالة باشمئزاز وينفرون من صاحبها، وقد سمعنا كثيرين ممن يريد الزواج أنه يشترط على الطرف الآخر أن لا يكون مدخنا.
ولا نغفل عن النقص الأخلاقي، لأن التدخين يوجب الاعتياد والإدمان والخضوع للعادة والاستجابة لمتطلباتها منقصة أخلاقية، خصوصا إذا تحولت إلى قوة ضاغطة لا يستطيع أن يتحرر منها، وقد ذكرنا في حديث سابق شرحنا فيه قول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (ما أقبح المؤمن أن تكون له رغبة تذله) قضية واقعية كانت فيها عادة التدخين سببا لإعدام واعتقال العشرات من المؤمنين.
وبعد كل هذا يحق لنا أن نسأل المدخنين (حتى متى التدخين)([1])، ولعله يجوز لي أن أتلو بعضا من هذه الآية الشريفة التي نزلت في غيرهم لكنها تجري بمستوى من المستويات على هذه الحالة وغيرها (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ...) (الحديد/16).
كما فصّل سماحته الاجابة عن سؤال محتمل الورود مفاده ما السبب عدم وجود نص فتوائي صريح للفقهاء (اعلى الله مقامهم ) يحرم التدخين .
لافتاً الى عناوين اخرى التي تتضمن حكم التدخين والتي لم ترد بالعنوان الاولي لعدم موضوعه في زمان صدور النص .
اذ قال : فحكم التدخين وإن لم يرد بالشكل الأول لعدم وجود موضوعه في زمان صدور النصوص، إلاّ أنّه قد يدخل في بعض العناوين الأخرى، فقد أعطينا فكرة عن: ضرره على المدخّن نفسه من جهات عديدة، وقد عرفنا ان ضرره أكثر من كثير من الأمراض الفتّاكة حتى الايدز، ففي الإحصائيات الدولية أنّ الذين ماتوا بمرض الايدز منذ ظهوره عام 1981 إلى عام 1992 أي في أكثر من عشر سنوات أقل من الذين يموتون بسبب استعمال التبغ في سنة واحدة.
1- ضرره على الآخرين وهو محرّم.
2- تبذير الأموال، وقد قال تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) (الإسراء/27)، والإسراف في إنفاقها بغير وجهٍ معقول، والله تعالى (لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام/141).
فالفقهاء إذن يضعون هذه الحقائق أمام الإنسان ويوكلون التطبيق إليه في هذا المورد وفي كل قضية لم ترد بعنوانها الخاص في النصوص الشرعية، خصوصاً وان الناس يختلفون فيما بينهم في قابلياتهم وأحوالهم.
كما حث سماحته كل صناع الرأي والثقافة المجتمعية كعلماء الدين والخطباء والمفكرين والمؤسسات الصحية و الاعلامية على العمل وبمختلف الوسائل المتاحة والمؤثرة لتوعية المجتمع من خطورة هذه الآفة والاثار المترتبة عليها .
وعَّد سماحته وعي المشكلة و الالتفات ببصيرة ومعرفة الى اثارها هي المرحلة الاولى في طريق المكافحة و العلاج ..
وفي نهاية كلمته ذكَّر سماحته بقرب حلول شهر رمضان المبارك الذي يعد فرصة كبيرة للامتناع عن التدخين لما فيه من الالطاف الخاصة التي تزيد من عزم المؤمن وقوة ارادته في مواجهة رغبات النفس والتغلب عليها ..
كما دعا سماحته المؤسسة الدينية والمؤسسات التنفيذية و التشريعية الى اتخاذ التشريعات الكفيلة بالحد من التدخين .
بقوله : ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك فليغتنم المدخنون فرصة الامتناع عن التدخين في نهار كل أيام الشهر أثناء الصوم ليستمدوا منها القوة والعزم لتركه نهائياً، فإنّ علة تشريع الصيام تحصيل التقوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/183) والتقوى هي صفة القابلية على الامتناع عن ممارسة الخطأ والوقوع فيه.
وهنا يأتي أيضاً دور المؤسسات والجهات النافذة باتخاذ التشريعات الكفيلة لتضييق الدائرة على هذه الظاهرة، كإصدار المرجعيات الدينية فتوى بمنع التدخين في المساجد والحسينيات والعتبات المقدسة والتجمعات العامة لما فيه من إضرار بالآخرين ومضايقة لهم وهذا غير جائز.
وقد استجاب البرلمان قبل عطلته الفصلية هذه وقرر المنع من التدخين في مؤسسات الدولة وسيارات النقل العام ونحوها.