خطاب المرحلة (271)... قولوا لا إله إلا الله تفلحوا

| |عدد القراءات : 2402
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (1)

           تعيش أمتنا بل الإنسانية جميعاً الكثير من المشاكل والتعقيدات سواء على الصعيد الشخصي أو العائلي أو على الصعيد الاجتماعي أو السياسي وغيرها، فالقلق والخوف والضيق ضارب بأطنابه في كل أرجاء الحياة، والبشر في حيرة من أمرهم لا يعرفون كيفية حل الأزمات ومعالجة المشاكل والخروج من هذه المعضلات، وكلما قدمت عقولهم القاصرة حلاً بحسب ظنهم وجدوا أنفسهم أكثر غرقاً في المشاكل فما هو المخرج؟

          لقد أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحل قبل ألف وأربعمائة عام وفي أول كلمة قالها لقريش في بدء رسالته المباركة فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)  فالفلاح والسعادة في التخلي عن طاعة وإتباع ما سوى الله تبارك وتعالى من أهواء وشهوات وشياطين الإنس والجن.

          ولا تعني كلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الاكتفاء بقول هذه الكلمة بل العمل بمقتضاها وهذا ما فهمته قريش ووقفت بكل قوة في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن في العمل بهذه الكلمة تهديداً لمصالحهم وزوالاً لوجوداتهم الزائفة، ولذلك فهم لم يكونوا يواجهون الأحناف الموحدين الذين كانوا بين ظهرانيهم قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم لم يكونوا يتحركون لتجسيد هذه الحقيقة على الأرض.

          وكان ترسيخ هذه الحقيقة والعمل على نشرها هي قضية الإسلام الكبرى التي واصل إرسائها الأئمة المعصومون (سلام الله عليهم) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحينما اجتمع أربعة آلاف من العلماء ورواة الحديث حول الإمام الرضا (عليه السلام) في نيسابور وهو في طريقه من المدينة المنورة إلى خراسان وطلبوا منه حديث يروونه عنه عن آبائه الطاهرين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فماذا كان حديثه (عليه السلام) قال بعد أن ذكر السند المبارك الذي قيل فيه انه لو قرئ على مجنون لبُرئ عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل عن الله تبارك وتعالى قال (لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي) وهمس (عليه السلام) (بشرطها وشروطها وأنا من شروطها).

          لكن الناس الذين آمنوا بهذه الحقيقة نظرياً ولم يحولوها إلى واقع يعيشونه في حياتهم هم الذين أوقعوا أنفسهم في هذه الحياة النكدة المعقدة، فقد آمنوا بالله تعالى نظرياً وعبدوه شكلياً لكنهم في كثير من تفاصيل حياتهم يعبدون ويطيعون آلهة أخرى . قال تعالى [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ] (يوسف:110).

          قال تعالى [وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] (طه:124)  وقال تعالى [وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ] (الزخرف:36)  فتصوروا شقاء الإنسان إذا كان قرينه الذي يصاحبه شيطاناً يضلّه ويصده عن سواء السبيل.

          لكن من يحيا حياة الإيمان ويحسدّها في حياته بالأعمال الصالحة فإن حياته تكون سعيدة طيبة، قال تعالى [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ] (النحل:97).



([1]) لبى سماحة الشيخ (دام ظله) دعوة حملة (الشهاب) القطيفية مساء الخميس 5/ذ.ح./1431 الموافق 11/11/2010، وكان في استقباله مجموعة من الفضلاء والمؤمنين، وألقى سماحته هذه الكلمة فيهم.