خطاب المرحلة (235)... تزوّدوا بالموعظة والوعي
بسم الله الرحمن الرحيم
تزوّدوا بالموعظة والوعي ([1])
نحن في نهاية عام هجري هو 1430 ونتطلّع مع هلال محرم الحرام إلى عام جديد هو 1431 بناء على ما هو الجاري بين الناس، وإلا فإن في بعض الأدعية ما يشير إلى أن بداية العام تكون في أول رمضان، وقيل أن العام الهجري يبدأ من الأول من ربيع الأول باعتبار أن هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في ذلك التاريخ.
وعلى أي حال فإن نهاية العام تمثل محطة للمراجعة وتقييم الأعمال والاتعاظ بما مرّ خلال العام وتصحيح الأخطاء والاستزادة من الأعمال الصالحة، وهو أقل ما يمكن من المحاسبة المأمور بها شرعاً، ومن غفل عنها كثرت سيئاته وتراكم الرين على قلبه حتى يسوّد والعياذ بالله فلا تنفع الموعظة عندئذٍ، كما ترون كيف أن كثيراً من المتدينين بحسب الظاهر لما تصدّوا للحكم وأقبلت عليهم الدنيا واستطيبوا طعمها انهمكوا في اتباع الهوى ولم تنفع فيهم الموعظة حتى انتشر الفساد والظلم وحانات الخمور والملاهي بشكل لم يسبق له نظير حتى في العصور السابقة.
فاجعلوا زادكم الموعظة واحيوا بها قلوبكم ولا تغفلوا عن ذكر الله تبارك وتعالى. واعقدوا العزم على أن تكون الصفحات البيضاء التي تنشر لكم مع بداية السنة الجديدة مليئة بالأعمال الصالحة وكل ما يقربكم إلى الله تعالى. والجأوا إلى الله تبارك وتعالى بطلب الصفح والمغفرة عما مضى فانه غفور رحيم ويغفر الذنوب جميعاً لمن عزم بصدق على التوبة.
ومع بداية العام الجديد اعتاد الناس على إقامة الأفراح وتبادل التهاني، خصوصاً في بداية العام الميلادي حيث يعمّ الفسق والفجور ولا أدري بماذا يفرحون، وهل جزاء فضل الله تعالى عليهم بإبقائهم أحياء أصحاء معافين أن يعصوه بهذا الفظائع؟
إن من يحقّ له الفرح هو من بلغ الهدف وحقق النتائج المرجوّة كالطالب الذي نجح في الامتحان ويتفوّق فانه يفرح أما أن يفرح الفاشل فهذا ضرب من الجنون، فهؤلاء الفرحون بالعام الجديد هل نجحوا في امتحانهم في هذه الدنيا؟ وهل حققوا الأهداف التي خلقوا من أجلها؟ الجواب: لا طبعاً فبماذا يفرحون؟.
أما شيعة أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم يفتتحون العام الجديد بذكرى استشهاد أبي عبد الله (عليه السلام) فيحيون شعائرها ويستلهمون الدروس من تلك الثورة المباركة.
وكيفية التعاطي مع قضية أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) تختلف أشكالها بحسب الأشخاص فقد يُقبل من العامة ما لا يقبل من النخب المثقفة الواعية، وعلى الإنسان أن لا ينساق وراء بعض السلوكيات الاجتماعية مهما كانت صالحة في نفسها ويغفل عن دوره المطلوب منه، ونحن في عالم مليء بالتحديات المتنوعة فلا يعذر أحد عندما يترك موقعه من العمل اللائق به ويذهب ليؤدي دور غيره فتحصل ثغرة في كيان الإسلام والمسلمين وإضرار بالمصالح العامة وأقرب مثال اذكره لذلك هو هل يجوز لرجل الأمن المكلف بحماية الزوار من هجمات الإرهابيين المتوحشين أن يذهب للمشاركة في توزيع الطعام أو اللطم على الصدور ويترك ظهور المؤمنين معرضة لرصاص الغدر؟
فانتم من الطلائع الواعية للمجتمع ولا بد أن تكون نصرتكم لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالشكل الذي يناسبكم والذي يُعرف من خلال القراءة الواعية لتلك الثورة المباركة، مثلاً مواجهة الشبهات التي يلقيها أعداء أهل البيت (عليهم السلام) والفتن التي تعصف بالمجتمع، فلا يزال يوجد من يتهم الشيعة بتحريف القرآن ويظهر على شاشات الفضائيات وهو يعلم أنه مفتر آثم فهاهي إذاعات القرآن الكريم والفضائيات في البلاد الشيعية هل تتلو غير هذا القرآن الموجود في أيدي جميع المسلمين والمطبوع في القاهرة ودمشق والرياض، ويحجّ مئات الآلاف من الشيعة إلى الديار المقدسة فهل وجدوا عندهم غير هذا القرآن؟ وها هي كتب الشيعة وأحاديثهم التي تستدل بآيات القرآن فهل وجدوا فيها حرفاً زائداً؟
وعلى صعيد آخر ترون كيف أن أدعياء المهدوية والمولوية والسفارة والسلوكية لا يقطع منهم رأس حتى يبرز آخر مستغلين الجهلة والقلقين والمندفعين والمتعصبين وأمثالهم.
وترون الدول المستكبرة كيف تخلق الأزمات لشعوب العالم لابتزازها وإخضاعها فمن أنفلونزا الطيور إلى أنفلونزا الخنازير إلى أنفلونزا الماعز الذي أعلنوا عنه قبل أيام بعد أن كسبوا المليارات من إشاعة الرعب والقلق من سابقه.
وخلاصة ما تقدم أن تتسلحوا لصلاح دنياكم والفلاح في أخراكم بالموعظة والوعي، وتوجد مصادر كثيرة لتحصيلهما كالكتب والمحاضرات والمجالس الحسينية فاستفيدوا منها.
([1] ) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع حشد كبير من طلبة كلية الطب/ جامعة البصرة وجامعة الصدر الدينية في كربلاء المقدسة يوم الخميس 29 ذي الحجة 1430 المصادف 17/12/2009.