خطاب المرحلة (203)... الحل الجذري لأزمة قانون الانتخابات وغيرها بإصلاح مجمل العملية السياسية

| |عدد القراءات : 2153
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

الحل الجذري لأزمة قانون الانتخابات وغيرها بإصلاح مجمل العملية السياسية

 

زار السيد ستيفان دي مستورا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في مكتبه بالنجف الأشرف([1]) حيث طلب السيد دي مستورا الاستئناس برأي المرجعية فيما يخص موضوع انتخابات مجالس المحافظات، وقال سماحة الشيخ (دام ظله): إنني لا أؤمن بالحلول الجزئية لهذه المشكلة أو تلك لأنها تبقى ترقيعات مؤقتة لا تلبث أن تنفجر مشاكل غيرها وإنما نريد حلا ً جذريا لمجمل الوضع الخانق والمزري الذي تمر به البلاد. 

إن الخلاف الذي شهده البرلمان حول قانون انتخابات مجالس المحافظات يبين عمق الشرخ بين الكتل الحاكمة المستبدة بالسلطة وبين الكتل المقصاة إلى حد التصفية وان هذه الأزمة ليست هي المشكلة الوحيدة التي تعاني منها العملية السياسية  بل الملاحظ وجود عدة مشاكل تطفو على السطح بين فترة وأخرى وهذا يدفعنا إلى التفكير في إيجاد حل جذري لمجمل هذه المشاكل والحل كما نراه هو بتطبيق الشعار المرفوع والذي نسمع به ولا نلمس له أثراً وهو (المصالحة الوطنية) أي أن تجلس الكتل السياسية جلسة مصارحة وشفافية وتتناقش فيما بينها لحل هذه المشاكل التي لن تنتهي من دون ذلك، والشاهد على عمق هذا الشرخ وانه هو السبب الحقيقي لهذه الأزمات أن بعض الكتل التي صوتت على المادة (24)([2]) ليس لها قرار أو موقف من هذه المادة بالذات أو من الفريق العارض لها وإنما الذي دفعهم إلى ذلك هو شعورهم بالإقصاء ووجودهم في غير خندق الحكومة، فتجد هذه الكتل انه من الطبيعي أن لا تصوت على مشاريع الحكومة التي لا تنظر فيها الأحزاب الحاكمة إلا إلى مصالحها.

وهذه من وجهة نظري مظاهر وتداعيات للمشكلة التي أشرنا إليها.

وفي معرض إجابته على سؤال توجه بها السفير دي مستورا عن توقعات سماحة الشيخ اليعقوبي للفصل التشريعي القادم لمجلس النواب والاحتمالات الواردة، قال سماحته (دام ظله): إن المبادرة بيد الأحزاب الحاكمة التي عليها أن تجلس مع الكتل المعارضة وتتفاهم معها فإن عدد النواب الذين لم يصوتوا على مشاريع الحكومة بدأ بالتزايد إلى أن شكلوا أغلبية(2) في يوم 22 تموز، ولا بد أن تتفهم وجهات نظرهم والاستماع لهم فإن العملية السياسية الناجحة تُبنى على الشراكة , ومع شديد الأسف إن الواقع لا يشير إلى وجود هذه التوجهات لدى أحزاب السلطة، وقد أسلفنا في لقاء سابق معكم أن العملية السياسية برمتها تحتاج إلى عاملين، عامل مساعد وهو وجود الأمم المتحدة ووساطتها الايجابية في حل المشاكل وتقريب وجهات النظر وعامل ضاغط وهو التغيير المستمر في اصطفافات الكتل السياسية لتجبر الخارج عن الإرادة الوطنية على الرجوع إلى الصف الوطني وإلا فإنه يهدد بالتغيير، لكن هذه الطريقة المتبعة لدى كل الديمقراطيات المتحضرة في العالم لإجبار الحاكم على العودة إلى المسار الصحيح غير موجودة بسبب الإرادة الأمريكية التي ترى من مصلحتها أن يبقى الوضع السياسي كما هو عليه (ربما لحسابات انتخابية أو غيرها) فهي تحول دون تشكيل أي تحالف أو تكتل سياسي يعمل على تغيير الوضع الحالي وإصلاحه.

إن هذه المبادرة وكل ما يساعد على إصلاح الوضع يجب أن ينفذ سريعا لكي تتمكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من إجرائها هذا العام؛ لأن التغيير أصبح مطلباً عاما للشعب، وأن الجميع يرغبون أن يشاركوا في العملية السياسية ويأخذوا دورهم الطبيعي وليظهر كل كيان بحجمه، والوقت ضيق وان أي تأخير يخدم مصالح الكتل المهيمنة التي تريد استمرار هيمنتها غير المشروعة وتجعل هذه المشاكل وسيلة للتغطية على مرادها الحقيقي.

وفي نهاية اللقاء طلب السفير دي مستورا نصيحة من سماحة الشيخ، فقال سماحته: أوصيكم بما قلته في لقاءنا السابق وهو التعامل بموضوعية وحيادية والابتعاد عن المجاملات، وان تكون شجاعا باتخاذ القرار التي تعتقد بأنها صحيحة لأن التاريخ سوف يسجل هذه المرحلة المهمة من تاريخ العراق، ونرجوا أن لا يسجل إلا شيئاً ايجابياً عن السيد دي مستورا.



([1]) تاريخ الزيارة السبت 5  رمضان 1429هـ الموافق 6/9/2008.

([2]) و (3) راجع الهامش رقم (2) (صفحة 358).