خطاب المرحلة (201)... حوارات سياسية : الشعب يطالب بالتغيير

| |عدد القراءات : 1830
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

حوارات سياسية : الشعب يطالب بالتغيير

 استقبل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله ) في مكتبه في النجف الأشرف المحلل السياسي والإعلامي السيد صادق الموسوي مدير المركز الوطني للإعلام العراقي في لندن([1]) ورافقه  رئيس تحرير وكالة الأنباء العراقية (أصوات) ومراسل صحيفة الحياة اللندنية الأستاذ فاضل رشاد، وطلب السيد الموسوي الاستئناس برأي المرجعية الدينية في النجف الأشرف في جملة من القضايا السياسية وجرى الحوار التالي:

الشعب يطالب بالتغيير

 سؤال : هل تتوقعون تغييراً في الخارطة السياسية في ضوء نتائج انتخابات مجالس المحافظات المقبلة والانتخابات العامة في نهاية السنة القادمة؟

سماحة الشيخ  : الشعب يريد التغيير بعد أن نفض يده من الحاكمين، لكن فرصة التغيير ضعيفة لان الأحزاب الحاكمة تمتلك كل عناصر التأثير على الناخبين  أو المرشحين بالترهيب والترغيب، فبأيديهم السلطة، ويحتكرون وظائف الدولة، ولديهم المال الذي هو ثروة الشعب، ويسيطرون على القوى الأمنية التي تُوَظََّف في كثير من الأحيان لتنفيذ أجندات الأحزاب لتصبح مليشيات بلباس رسمي, ويستطيعون أيضا استغلال الدين واسم المرجعية الدينية أو القومية أو الطائفية، فالتعويل على تداول حقيقي للسلطة احتمال ضعيف، والديمقراطية التي يتحدثون عنها وصفتُها بالعوراء، لأنهم يتمسكون بها بمقدار ما يقوي سلطتهم ويحقق مصالحهم ويتركون الجانب الآخر منها.                 

نعم قد يحصل تغيير بطيء على المدى الطويل إذا لم تستغل الكتل المهيمنة على السلطة هذا الوقت لإحكام قبضتها وسد الفرصة على الآخرين، وقد يحصل قبل ذلك (حتى أقرب من الانتخابات) حينما  تعي الكتل السياسية  مسؤولياتها أمام الله تعالى والشعب والتاريخ وتسعى بجد لإصلاح الحال، ويقترن ذلك بأن تترك الولايات المتحدة القوى السياسية تمارس العملية الديمقراطية بشكل صحيح من دون أن تمارس ضغطاً لإبقاء الوضع الذي يلائم مصالحها ولا يربك أوضاعها الداخلية ويساهم انسحاب القوات الأمريكية في إجبار السياسيين المتصارعين على الجلوس إلى مائدة الحل خوفاً من انفراط عقد مصالحهم كلياً, أما وجود قوة كبيرة تؤمّن لهم بقاء الوضع فإنه يشجعهم على الاستمرار في الصراع.   

 

أغراض أمريكا من عدم تغيير الخارطة السياسية

 

سؤال : من المعلوم أن بعض الكتل الحاكمة - وأعني الإسلامية منها- لا ترغب الولايات المتحدة في بقاء نفوذها، ولها أجندات سياسية تعارض التوجهات الأمريكية فلماذا لا تسعى أمريكا للتغيير والحد من نفوذها؟ وهل هي عاجزة عن ذلك؟

سماحة الشيخ : هذا مرتبط بحسابات داخلية وخارجية تخصُّها، ولا اعتقد أن هذه القوى تعارض الإرادة الأمريكية إلا بمقدار الاستهلاك الإعلامي وذّر الرماد في العيون فهي تتميز ببراغماتية مدهشة - على حد تعبير احد مراكز الدراسات في أمريكا- ومستعدة للتخلي عن كل ما تؤمن به إذا شعرت بأن ذلك يستفز أمريكا ويدفعها إلى إبعاد هذه القوى عن السلطة  فماذا تريد أمريكا أكثر من تحقيق مصالحها على أيدي الإسلاميين !! وبالتالي سقوطهم في أعين الناس وفشل مشروعهم.

بل إننا نرى كيف تتسابق الجهات الإسلامية الحاكمة لإعلان البراءة من المشروع الإسلامي وتبنيها لما يخالف الدين، حيث جعلوا علامة التحسن الأمني وقضائهم على الجماعات المسلحة، إشاعة الفسق والفجور([2]) وتجارة الخمور التي تباع علناً على قارعة الطريق التي يسلكها زعماء الائتلاف في الكرادة والجادرية وبمقربة من مقراتهم وتحت حماية القوى الأمنية مما لا يوجد نظيره حتى في أكثر الدول تحرراً من الدين، ولا ادري ما هي الملازمة بين الأمرين! وهل هو نصرٌ على الإسلام أم على الجماعات المسلحة والقوى الإرهابية التي تحمل اسم الإسلام زوراً.

 

الشك في نزاهة الانتخابات

 

سؤال : هل تشككون بإمكان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة؟

سماحة الشيخ : يوجد لدينا ولدى كل المراقبين أكثر من الشك، وخيار التزوير في الانتخابات قائم، والمراقب لتصرفات الأحزاب المتسلطة واستخدامها مختلف الوسائل حتى غير المشروعة لإحكام قبضتها على السلطة وتصفية الخصوم  لا يبقى لديه شك في أنهم لا يتخلون عن السلطة بهذه الطريقة السلمية الشفافة عبر صناديق الاقتراع وكمثال على ذلك لاحظ العراقيل التي وضعوها لكي لا تجري الانتخابات في وقتها، فاستعملوا النقض الرئاسي ضد قانون مجالس المحافظات الذي لم يُمرَّر إلا ضمن صفقة القوانين الثلاثة([3])، ولم يتراجعوا عن نقضهم إلا بضغط أمريكي عندما زار (ديك تشيني) نائب الرئيس الأمريكي بغداد، ثم شككوا في آلية تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومكاتبها الفرعية لإعادة العملية إلى نقطة الصفر رغم أن الآلية اقرّها البرلمان وساروا عليها، ثم الملابسات التي رافقت إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات.



([1]) تاريخ اللقاء 22 شعبان 1429 المصادف 24/8/2008.

([2]) إشارة إلى ما حصلت من ظواهر في البصرة ومدينة الصدر ببغداد بعد انتهاء عملية (صولة الفرسان).

([3]) استمر صراع المصالح بين الكتل السياسية عدة أشهر وشهد ضغطاً خارجياً ومن المفوضية العليا للانتخابات لعجزها عن إجراء الانتخابات في موعدها إذا تأخر إقرار القانون، وقد صوت البرلمان يوم 18 رجب الموافق 22/7 على صيغة القانون وبضمنه المادة (24) التي أغضبت الأكراد فنقضه رئيس الجمهورية الطالباني وأعيد إلى البرلمان واستمر الصراع حتى اقره البرلمان يوم 23 رمضان 1429 المصادف 24/9/2010 وستأتي بعض الإشارة إليه في لقاء رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق (صفحة 356) من هذا المجلد.