خطاب المرحلة (153)... المرجعية الشاهدة تدين ردود أفعال كتلة الائتلاف
المرجعية الشاهدة تدين ردود أفعال كتلة الائتلاف(1)
أثار استغرابنا ما صدر من ردود أفعال من كتلة الائتلاف الموحّد إزاء قرار حزب الفضيلة الإسلامي بالانسحاب من الائتلاف.
وقد صدرت هذه المواقف منهم في نفس اليوم من دون أن يستمعوا إلى وجهات نظر أبناء الفضيلة وأسباب انسحابهم لاستيعابها وإجراء مراجعة للذات[2] والأداء خلال المرحلة السابقة لإصلاح الوضع وتلافي ما هو أسوأ ولأخذ العبرة من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): (مَنْ ضَيَّعَهُ الأقرَبُ أُتِيحَ لَهُ الأبْعَدُ).
والأكثر غرابة أن بعضها جاء على لسان السيد رئيس الوزراء الذي يفترض في موقعه أنه مسؤول عن كل العراقيين ويكون بمسافة واحدة عنهم جميعاً وليس منحازاً لفريق دون آخر، مما يجعلنا نشكّك في مصداقية المصالحة الوطنية التي تبنّتها الحكومة ودعمنا ما هو صالحٌ منها.
إن هذه التصرفات تثبت صدق دعاوى حزب الفضيلة الإسلامي بان القوى المتنفذة في الائتلاف مارست معهم أسوا حالات الظلم والإقصاء ومصادرة الحقوق والإلغاء التام والإهانة والازدراء، فهل هذا جزاؤهم وقد كانوا أشد الناس حماساً لنصرة الائتلاف والحشد له والتضحية من أجل وحدته وعزته وكانت لمرجعيتهم الرشيدة أقوى موقف لحّث الناس على انتخابهم؟ ورغم كل ذلك فقد كان بيان انسحاب الحزب مهذّباً وواعياً وبعيداً عن إثارة كل هذه التظلمات والشكاوى، حرصاً على سمعة الائتلاف وكرامته وركز على مبرّره الرئيسي وهو تأسيس مشروع وطني لإنقاذ العراق وشعبه وإخراجه من أزمته ، وإبراز خصوصيات الحزب ومن حق حزب الفضيلة الإسلامي أن يُبرز خصوصيته سواء على الصعيد المرجعي أو على الصعيد السياسي التي غيّبها الآخرون وتعّمدوا إخفاءها فما الذي أغاظهم من كل ذلك؟
إن إجراء مراجعة لنصائحنا وتوجيهاتنا التي قدمّناها لرموز الائتلاف منذ أكثر من عام حينما بدأ الصراع على منصب رئاسة الحكومة بحيث وصلت إلى تآمر بعضهم على بعض، ووجّهت لهم بسبب ذلك إهانة عظيمة حينما اُجبروا على تغيير مرشحهم لرئاسة الوزراء الذي انتخبوه داخل الكتلة بالآليات التي آمنوا بها([2])، وتابعنا معهم تشخيص كل هذه الحالات وطالبناهم بتحسين أدائهم وحماية المسيرة من الانحراف عن الأهداف التي توخّتها المرجعية الرشيدة من تشكيل هذه الكتلة. إن إجراء هذه المراجعة ستشخّص العلل وتعين العلاج الناجح لها.
إن من خصائص المرجعية الرشيدة الوارثة والنائبة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام أنها شاهدة على الأمة [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً] (البقرة:143).
ولا يمكن أن تكون شاهد زور، لذا فإنها لا تستطيع أن تبارك أي انحراف أو تسكت عنه أو تعطي الشرعية له ولابد أن تعلن للأمة عدم إمضائها لمثله خصوصاً في الأيام الأخيرة حيث ساهمت كتلة الائتلاف في اتخاذ قرارات معادية لمصلحة العراق وشعبه ومستقبله.
وفي نفس الوقت أن المرجعية الرشيدة لا يضّرها هذا الخذلان والعداء لأنها قوية بحقها وبمظلوميتها وصبرها وحكمتها ووعي وإخلاص أبنائها بلطف الله تبارك وتعالى، ولذا فإنها ليست عاجزة بفضل الله تبارك وتعالى عن إيجاد البديل الصالح عند توفّر مقوماته إن شاء الله تعالى.
إن ما صدر من (أخوة يوسف) من أقوال وأفعال تجاه المرجعية الرشيدة وأبناء الفضيلة ينعش الآمال أن يمّن الله تبارك وتعالى على ابن يعقوب هذا كما منّ على ابن يعقوب الصديّق النبي (صلوات الله عليهم) رغم مكائد وغدر إخوته لكنهم جاؤوه في النهاية وقالوا له: [تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ] (يوسف:91).
ولان سنن الله تعالى واحدة في خلقه [فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً] (فاطر:43).
وسوف لا يكون الجواب عندئذ بلطف الله تبارك وتعالى إلا جواب النبي الكريم يوسف الصديق (عليه السلام) [قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] (يوسف:92).
إن مما يثير الأسى والألم أن لا يتعّظ الإنسان من التجارب ولا يستمع إلى كلمة الحق ويصّر على المضي في ارتكاب الأخطاء [يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون] (يس:30).
وكفى بأبناء الفضيلة سمواً أن يعمل إخوتهم فيهم كل هذا ويحرمونهم من كل حقوقهم وهم يترفّعون عن الرد ويزدادون عزيمة في السير على بصيرةٍ من أمرهم [وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ] (يوسف:6).
([1]) صدر هذا البيان بتاريخ 9/ ربيع الأول/ 1428 المصادف 29/3/2007 لإدانة التصرفات العدوانية التي صدرت من كتلة الائتلاف العراقي الموحد وعصاباته ضد أبناء المرجعية الرشيدة وحزب الفضيلة الإسلامي إثر انسحابه من الكتلة ببيان أعلنه أعضاء الحزب في مؤتمر صحفي يوم 17/صفر/1428 المصادف 7/3/2007 ورد عليه رموز الائتلاف بعبارات حقودة ولئيمة كما هوجمت مقرات للحزب في السماوة والصويرة وغيرها وقد كتب سماحة الشيخ اليعقوبي بيده بيان الانسحاب ليكون دقيقاً وواضحاً في بيان الأهداف وليتجنب المهاترات الكلامية وهذا هو نص البيان.
بسم الله الرحمن الرحيم
إننا في حزب الفضيلة الإسلامي حينما ساهمنا في تشكيل كتلة الائتلاف وشكل إخواننا كتلة التوافق والتحالف الكردستاني كنّا نعتقد أنها خطوة أولى لتوحيد كل مكون من مكونات النسيج العراقي ومن ثم السعي لتوحيد العراقيين جميعا وبناء عراق حر مزدهر كريم.
لكن الذي حصل أن كل كتلة انغلقت على نفسها وجعلت سوء الظن هو معيار كل تحرك للكتلة الأخرى وبدأت الكتل تتصرف وكأنهم خصوم يريد كل منهم أن يقضم من استحقاق الأخر ولم يعملوا كإخوة أبناء بلد واحد هو كالسفينة إن نجت نجا الجميع وان غرقت غرق الجميع لا سامح الله وقد تنبأنا للنهاية القاتمة التي سيصل إليها العراق في ظل هذه السياسات الخاطئة وعبرنا عن رفضنا لهذه السياسات بالانسحاب من الحكومة.
لذا فإننا في حزب الفضيلة الإسلامي نرى أن الخطوة الأولى على طريق إنقاذ العراق من أزمته الخانقة هذه تبدأ من تفكيك هذه الكتل وعدم فسح المجال أمام تشكيل كتل على أساس طائفي أو عرقي لأنه أدى إلى تخندق الشعب العراقي وانقسامه على نفسه، وان تشكل الكتل على أساس المشاريع الوطنية التي تجعل مصلحة العراق والعراقيين هي المعيار وتتسامى عن المصالح الشخصية والفئوية وفي ضوء هذا المشروع الوطني تعلن كتلة الفضيلة في البرلمان المكونة من (15) عضوا عن انسحابها من كتلة الائتلاف العراقي الموحد وتتصرف في البرلمان ككتلة منفردة في انتظار توفر القناعات الكاملة لدى الأحزاب والكيانات السياسية لإطلاق مشروع وطني يقوم على أساس وحدة العراق وسيادته واحترام المبادئ التي يؤمن بها شعبه وضمان حقوق الحياة الحرة الكريمة للعراق.
17/صفر/1428
7/3/2007
([2]) انقسمت الكتل داخل الائتلاف العراقي الموحد بين مرشح الدعوة د.إبراهيم الجعفري ومرشح المجلس الأعلى د.عادل عبد المهدي، وأحالوا الأمر إلى التصويت ففاز الأول بـ(64) ائباً مقابل (63) نائباً، لكن الطرف الثاني لم يتحمس للنتيجة فحفّز بعض الكتل خارج الائتلاف كالتحالف الكردستاني إلى رفض ترشيخ د.الجعفري وبقيت الأمور معطلة حتى تنازل الجعفري ووقع التوافق على اختيار بديل له من الدعوة وهو الأستاذ نوري كامل المالكي.