خطاب المرحلة (147)... المرجعية حصن يحمي عقائد الأمة ويصحح سلوكها من الفتن الضالّة
المرجعية حصن يحمي عقائد الأمة ويصحح سلوكها من الفتن الضالّة ([1])
تكاد الدعوات الضالّة رغم تباين مناهجها وتقاطعها في عملها تتحد على قاسم مشترك تجتمع عليه هو ضرب المرجعية وتسقيطها وتشويه صورتها وإلغاء دورها في المجتمع، يستوي في ذلك أدعياء المهدوية والسفارة والبابية والسلوكية وسائر العناوين المرتبطة بقضية الإمام المهدي (عليه السلام) وظهوره الميمون.
والسر في ذلك أن هؤلاء يراهنون في نجاح دعواتهم على سذاجة الناس وجهلهم وتخلّفهّم، ومع وجود مرجعية جامعة للشروط والتي من مهامها توعية الأمة وهدايتها إلى الحق فإن مثل تلك الدعوات الضالة لا تجد طريقها إلى إغواء الناس وإضلالهم، لان من أوصاف العلماء بحسب ما ورد في الروايات الشريفة أنهم (حصون الإسلام) فكما إن الحصون توضع على حدود الكيان لتحفظ ثغوره وتصد هجمات الأعداء، كذلك دور العلماء والمرجعية الرشيدة فإن من وظائفهم حماية عقائد الناس وسلوكهم من الفساد والانحراف فهم مرابطون على هذه الثغور والفجوات العقائدية والفكرية ليردّوا الأعداء من الجن والإنس الذين يتسللون منها إلى عقول وقلوب ونفوس الناس .
والمرجعية لا يصل إليها الشخص بين عشية وضحاها ولا يتقمصها مجهول لا يعرف من أين جاء كما يتسلل هؤلاء النكرات الدجالون، وإنما يعرف تاريخ الشخص الذي يتصدى للمرجعية بوضوح لسنين طويلة تكون كافية للاطمئنان إلى علمه الذي يصل إلى درجة الاجتهاد وحسن سيرته المعبّر عنها بالعدالة ونقاء أصله المعرف بطهارة المولد، ومثل هذا الطريق الطويل المليء بالجهد والمثابرة وتزكية النفس لا يروق لأولئك المغرورين الحالمين بالجاه والثروة، فيركبون موجة الدعوات المهدوية والمسالك العرفانية وغيرها من الدعوات الغيبية التي تنطلي على السذج للوصول إلى أهدافهم.
فإذا أطمأنّت الأمة إلى تحقق الصفات في مرجعية ما فعليها أن تؤدي وظيفتها تجاه مرجعيتها وقد حددّها الإمام الباقر (عليه السلام) بقوله (إنما كُلَّف الناس ثلاثاً: معرفة الأئمة، والتسليم لهم فيما ورد إليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه).
والمرجع هو نائب نوعي للإمام المعصوم وليس نائباً شخصياً أي انه محدد بالأوصاف والشروط من قبل المعصوم وليس بالاسم، وتوجد روايات عديدة عنهم (عليهم السلام) بهذا الصدد ومنها ما روي عن الإمام المهدي (عليه السلام) (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
وإذا كانت هذه وصية الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يتاجر باسمه أصحاب تلك الدعوات الضالة فكيف يسقطون من نصّبه الإمام المهدي حجة عليهم وأمرهم بإتباعِهم؟ ومع هذا الانفضاح لدعواتهم الضالّة كيف تنطلي خدعهم على الناس؟ وكيف يصدقونهم من دون أن يعرفوا لهم تاريخاً مشرفاً فهم إما نكرات أو مجهولون ولا تعرف لهم سابقة في علم ولا دين؟
([1]) من تعليقات سماحة الشيخ اليعقوبي على بعض الدعوات الضالة التي ظهرت مؤخراً والمقصود حركة (جند السماء) التي خاضت معركة ضارية مع القوات الحكومية والأمريكية في منطقة الزركة شمال النجف على طريق كربلاء وأسفرت عن قتل وجرح المئات يوم 8/محرم/1428 المصادف 28 /1/2007 .