خطاب المرحلة (144)... إذا كانت الحكومة جادة في المصالحة الوطنية فلتتصالح مع الشعب أولاً
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كانت الحكومة جادة في المصالحة الوطنية فلتتصالح مع الشعب أولاً ([1])
انطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية والمرارة التي أوجعت قلوبنا لما يعانيه الشعب العراقي من وضع مأساوي يبقى وصمة عار على كل من يؤججّه وينفخ ناره ويمدّه من داخل العراق وخارجه ، فإننا لم نتوانى عن تلبية أي دعوة وحضور أي مؤتمر لإنقاذ العراق وأهله مهما تضاءلت فرص نجاحه بل كنّا السبّاقين لتقديم الرؤى والمشاريع التي تتكفل حل ألازمة .
ولكن هذه المحاولات تفشل في حل المشكلة وتنتهي إلى حيث بدأت بل إن الحالة تسوء بعد كل واحدة من هذه المحاولات، وكل ما نتج عنها تكريس حالة الاستسلام والذلة والخضوع لشروط الإرهابيين وقتلة الشعب وترسيخ ثقافة الابتزاز بقوة السلاح، وتشجيع كل صاحب مطلب سواء كان حقا أو باطلا إلى اللجوء للعنف واستعمال السلاح لتحقيق مطلبه، ويبقى الشعب المسالم البريء الأعزل الذي يمنعه دينه وأخلاقه وتقاليده عن ارتكاب الظلم والفساد يبقى محروماً من ابسط حقوقه ويعيش دون خط الفقر في مدنٍ تسبح على بحار من النفط.
إن الحكومة والأحزاب المتسلّطة إذا كانت جادة في (المصالحة الوطنية) فلتتصالح أولاً مع الشعب الذي تهدر ثرواته وتملا بها جيوب الزعماء المتنفذين فإن هذا الشعب يتميز غضباً وحنقاً وغيضاً عليهم.
كيف يرضى الشعب أن يكرَّم أزلام صدام المقبور([2]) ويعطون الامتيازات الضخمة التي سيوظفونها حتماً في زيادة ولوغهم في دماء العراقيين وإنعاش الإرهاب، بينما تبقى عوائل الشهداء الأبرار والسجناء الذين ذاقوا صنوف العذاب وكل المحرومين الذين عانوا الأمرّين تحت وطأة ظلم صدام وبطشه وقسوته، يبقون في هذا الحال البائس التعيس من دون أن تكلّف الحكومة نفسها بتكريمهم بما يحفظ ماء وجوههم، بل حتى لم تتحرك بخطوات جدّية لإعادة أموالهم وممتلكاتهم التي صادرها صدام وأزلامه وبيعت بثمن بخس ولا يستطيعون استردادها فينظرون إليها بأعينهم وقلوبهم تحترق!!
وإذا يممّت وجهك شطر المهجرين وتساءلت كيف يواجهون البرد القارص والمطر في تلك الخيام البالية، ولقد رأيت بعيني الأم التي تنقل أطفالها من مكان إلى مكان في مأواهم الخاوي الذي سقفه من الحُصُر والبواري، وجدرانه من الصفيح، وكلما ابتل موضع من المطر نقلتهم إلى آخر وفي النهار تنشر الفراش والوسائد على الحبل لعل الشمس تجففها وغيرها من الصور المأساوية.
فأين المسؤولون عن هذه الكوارث وإذا منعتهم الحالة الأمنية عن تفقّدهم ميدانياً والإطلاع على حالهم أفلا يتابعون التقارير التلفزيونية وهو أضعف الأيمان ولكن قست القلوب فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة.