خطاب المرحلة (126)... وضع قوانين تنّظم أخلاق ممارسة مهنة الإعلام و كل مهنة
وضع قوانين تنّظم أخلاق ممارسة مهنة الإعلام و كل مهنة ([1])
تسعى الجامعات والمعاهد العلمية والأكاديميات العسكرية لوضع برامج للطلبة تتضمن كل المفردات التي يحتاجها الطالب عندما ينهي دراسته ويبدأ بممارسة مهنته كالطب أو الهندسة أو التعليم أو الإعلام أو العمل الأمني والعسكري وهي تؤهِّل بدرجة معتد بها من هذه الناحية.
إلا أن هذه البرامج والخطط تفتقد إلى دروس في أخلاقيات ممارسة المهنة التي يتعلمها، وهذا نقص كبير لان العلم وحده لا يكفي ما لم تنضم إليه آداب وأخلاقيات ممارسة تلك المهنة، لذلك تجد الأخطاء الفاحشة والفظيعة في سلوك هؤلاء عند ممارسة العمل، وقد تصل إلى الكوارث والانتهاكات الخطيرة في حقوق الإنسان والأمة فإن الطبيب لا تكتمل أهليته إذا لم يكن قلبه مفعماً بالرحمة ونفسه نقية من الجشع والكذب والتضليل، والمهندس لا يكون نافعاً إذا لم يتحلى بالنزاهة والإخلاص والدقة والصراحة، والإعلامي يكون ضاراً إذا أصبح مأجوراً يبيع قلمه لمن يدفع ويذبح بذلك شرف مهنته، والعسكري يهلك الحرث والنسل إذا لم يحمل شرف المقاتل ونبل الرجال، والسياسي يكون وبالاً على أمته وبلده إذا لم يكن مخلصاً لهما ويعمل بجد لعزتهما وكرامتهما وازدهارهما.
وقد علمنا قادة الإسلام العظام وعلى رأسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) أنهم لا يرسلون والياً أو إداريا أو قائدا عسكريا إلا وحملوه سجلاً حافلاً بالوصايا والتعاليم والآداب، رغم أن من يرسلونهم كانوا على درجة من الإيمان والوعي لمبادئ الإسلام ولكن للتذكير وللتأكيد على ضرورة التمسك بتلك المبادئ.
لذا فنحن بحاجة إلى أن تتصدى نخبة من الاختصاصيين التربويين والمفكرين لوضع قوانين لأخلاق كل المهن، وقد وضعنا نحن أسس هذه العملية حينما سجلنا الخطوط العريضة لآداب وضوابط أغلب المهن كالأطباء والصيادلة والموظفين و المعلمين والعسكريين والعمال وسائقي السيارات والخياطين والحلاقين المصورين والصيادين والفلاحين وطلبة الجامعات وخطباء المنابر والصاغة، حتى كتبنا للعاملين في تجارة العتيق وهي مطبوعة ومنشورة وممكن أن تتخذ هذه الكتيبات وثائق أساسية للمباشرة في هذا المشروع، وسنتكفل بطبع ونشر ما تجود به قرائح هذه النخب، ومن الجهود المشكورة في هذا المجال (قانون ذوي المهن التعليمية) للأستاذ المربّي محمد جواد جلال وقد نشر قبل أربعين عاماً في مجلة الإيمان النجفية في المجلد الثالث منها.
أأمل أن تجد هذه الدعوة قلباً مفتوحاً من لدن وزارة التعليم العالي وكل الجهات والمؤسسات المسؤولة عن تنظيرها لتبدأ بتشكيل اللجان ووضع المناهج وإدخالها في مفردات الدراسة في الجامعات والمعاهد لنصل إلى اليوم الذي نجد فيه أصحاب كل مهنة ذوي قلوب مفعمة بهذه القيم وعقول واعية لما تقتضيه مسؤولياتهم.
إن الإعلام – كمثال – يمارس دوراً خطيراً في حياة الأمة ويستطيع توجيه الرأي العام بالاتجاه الذي يريده أصحاب وسائل الأعلام، وهو في الغالب بعيد عن الإنصاف والموضوعية والضمير الحي، لذا فهو المسؤول الأول عما تعانيه من كوارث، ولو كان هناك جهات تشرف على تربية هؤلاء الإعلاميين وتهذيبهم وتوجيههم نحو الأهداف السامية لخرجنا بخطاب مصلح بناء يعمل من أجل خير الأمة وازدهار البلد.
20/رجب/1427
15/8/2006
([1]) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) مع وفد الأمانة العامة لبيت الصحافة البصري وعدد من الطلبة المتخرجين للعمل في الحقل الإعلامي يوم 20/رجب/1427 المصادف 15/8/2006.