خطاب المرحلة (83)...فروع جامعة الصدر الدينية الأهداف والاستحقاقات

| |عدد القراءات : 1957
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 فروع جامعة الصدر الدينية

الأهداف والاستحقاقات([1])

  

(جامعة الصدر الدينية) مشروع طموح ولد قبل عشر سنين تقريباً استجابة للشعور بالحاجة إلى تطوير مناهج وأداء وتنظيم الحوزة العلمية الشريفة والى معالجة عدة نقاط ضعف في الجوانب الإدارية والمالية والعلمية والأخلاقية والفكرية والاجتماعية وقد اشرنا بشيء من التفصيل إلى ذلك في كتاب (المعالم المستقبلية للحوزة الشريفة) الذي يمثل الصورة النظرية للمشكلة وعلاجها وكتاب (جامعة الصدر الدينية: الهوية والانجازات) الذي يمثل التطبيق لتلك الأفكار.

وزادت الحاجة إلى هذا المشروع بعد أن أعلن الغرب صراعه الحضاري ضد الإسلام. ولا ينهض بهذه المواجهة الواسعة الشاملة المفتوحة على كل الجبهات إلا مشروع متكامل يشخص ببصيرة هذه الجبهات والثغرات وينشئ بإزائها المؤسسات التي تتكفل بإدارة الصراع.

وتمثل جامعة الصدر القلب الذي يدير هذا المشروع ويمدّه بالحركة والدماء المتدفقة فجميع أذرع المشروع الإسلامي من حزب الفضيلة الإسلامي الذي يمثل الواجهة السياسية، ورابطة بنات المصطفى التي تمثل تنظيم العمل الاجتماعي للنساء، وجامعة الزهراء التي تتكفل بنشر الحوزات العلمية للنساء إلى سائر المؤسسات الأخرى تستند في عملها وتستمد وجودها ورصيدها الجماهيري من (جماعة الفضلاء) وهذه تزود بالعناصر القادرة على حمل الرسالة من مصنع الفضلاء الرئيسي وهي جامعة الصدر الدينية.

وقد بقي هذا المشروع حبيس النجف الأشرف مهد العلم والولاية حتى زوال الصنم، حيث أتيحت الفرصة لتمدد الجامعة المباركة ونشر فروعها في المحافظات حيثما توفرت مقومات نجاح المشروع وديمومة عمله، حتى بلغت اليوم ثمانية عشر فرعاً تضم حوالي (1500) طالب وتوجد طلبات عديدة بعد سنتين من البدء بتأسيس الفروع لفتح فروع من مدن أخرى داخل العراق وخارجه نلبّيها عند توفر المقدرة بلطف الله تبارك وتعالى.

أن دواعي إنشاء هذه الفروع عديدة ويتولد من كل منها استحقاق على مديري الفروع أن يقوموا به

الأول: توفير الفرصة لأكبر عدد من أبناء الإسلام ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون تطبيقاً للآية الشريفة، إذ لا يتسنى لكثير من الراغبين في تحصيل العلوم الدينية القدوم والمكث في النجف الأشرف، والمستفاد  الشريفة أن يتصدى واحد من كل ألف لدراسة العلوم الدينية هذا بلحاظ حاجة المجتمع نفسه أما إذا نظرنا إلى الحاجة الإضافية الناتجة من مسؤولية الحوزة العلمية في النجف الأشرف عن نشر المبلغين والهداة إلى الله تبارك وتعالى في سائر أرجاء العالم لما للنجف من خصوصيات في قلوب الناس فسيكون العدد المطلوب أكبر.

الثاني: تخفيف العبء عن النجف الأشرف فإنها غير قادرة على استيعاب كل القادمين إليها خصوصاً إذا تحسنت الأوضاع في العراق، وحينئذٍ سيزداد إقبال الراغبين من مختلف الدول للمجيء إلى النجف الأشرف، فلا داعي إلى تحميل الحوزة النجفية دروس المقدمات والسطوح الأولية، كما أن كثيراً من الذين ينهُون هذه المراحل الأولية يكتفون بها وينطلقون إلى مدنهم للتوجيه والإرشاد وإمامة الجماعة والجمعة وحينئذٍ يمكن تأمين ذلك لهم في محافظاتهم وتبقى النجف للراغبين في مواصلة الدروس العالية.

الثالث: أن الحوزة العلمية حيثما تحل وتبسط وجودها فإن الهداية تنتشر معها ويتّسع الالتزام الديني ويتحرك العمل الإسلامي ويكفي مجرد وجودها وإن لم تتحدث بمشروعها، وحينما يحدث انفصال بين المجتمع والحوزة العلمية تحصل حالة استرخاء وابتعاد عن الأجواء الدينية وحينئذٍ  يجب علينا نشر الحوزات العلمية في كل مكان لتأمين منطلقات للعمل الإسلامي المبارك.

وتترتب على هذه الدواعي استحقاقات

1- مراعاة التوزيع الجغرافي في قبول الطلبة بحيث يكون التنوع مستوعباً لمركز المحافظة والأقضية والنواحي والأرياف والعشائر المحيطة بها، ويتحقق ذلك بالإعلام الواسع عن فتح باب القبول والتأكيد على حث القرآن الكريم والأحاديث الشريفة على تحصيل العلوم الدينية للترغيب في الانضمام وتوفير مستلزمات النقل والخدمات الأخرى.

2- أن يتصف الطلبة بالشروط المطلوبة للقبول من حيث المستوى العلمي والفكري والأخلاقي.

3- اكتشاف قابليات الطلبة وتوجهاتهم ورغباتهم، فالمتفوق علمياً يرسل إلى النجف الأشرف لمواصلة الدروس العالية، والذي له قدرة على الكتابة والتأليف تُنمى فيه هذه القابلية، والمؤهل للوعظ والإرشاد وارتقاء المنبر الحسيني أو إمامة الجمعة والجماعة توفّر له هذه الفرصة ليستفاد منه وهكذا. وعلى مدير الفرع أن يضع الآليات لتفجير الطاقات واكتشافها، كتكليف الطلبة بكتابة بحث عن موضوع معين للتعرف على قدراتهم على التأليف، كما أن نتائج الامتحانات كفيلة بإبراز الطاقات العلمية الجيدة وهكذا.

4- وضع خطة لاستيعاب الخريجين من فروع الجامعة وتوزيعهم بحسب المسؤوليات المناسبة لهم، والتي اشرنا إليها في النقطة السابقة إذ لا يعقل أن تصرف هذه الجهود والأموال على الفروع ثم تذوب وتضمحل بعد تخرجهم.

5- أن يعي الطلبة في الفروع هذه الأهداف لأني ألمس في الكثير من المنتمين إليها شعوراً بأن هدف وجودهم هو نفع نفسه بالتفقه في الدين، وهو هدف جيد في ذاته إلا أنه غير كافٍ ولا نرضى بالوقوف عليه، وإنما عليه أن يعي أن الجامعة تريد منه أن ينفع المجتمع بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والعمل الصالح من أجل الأمة وان يعي موقع جامعة الصدر من المشروع الإسلامي الحضاري الذي أشرنا إليه، وقد قلنا في كلمة سابقة أن وعي المشروع من العوامل التي تحفز العاملين الرساليين وتستثير فيهم الهمة والحماس.

6- اهتمام الفروع بالنشاط الثقافي والاجتماعي من خلال إصدار النشرات والبيانات وعقد الندوات واستضافة الشخصيات والمشاركة في الفعاليات الفكرية والاجتماعية والدينية.

        أن فروع الجامعة حالياً تتمكن بإمكانياتها المتوفرة  من الوصول بالطالب إلى نهاية المرحلة الثالثة ويمكن لها عند توفر القدرات المؤهلة أن تستمر حتى إكمال السطوح العالية واقتصار الدراسة في النجف الأشرف على البحث الخارج.

محمد اليعقوبي

28 جمادى الأولى 1426



([1]) من حديث سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع مدراء فروع جامعة الصدر الدينية في النجف الأشرف والمحافظات يوم 28 ج1 1426 المصادف      5/7/2005.