خطاب المرحلة (65)...ما الذي ينتظره الإمام المهدي (عليه السلام) من شيعته
ما الذي ينتظره الإمام المهدي (عليه السلام) من شيعته(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق والصلاة والسلام على حبيبه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
يثار سؤال عبر الأجيال أنه ما السبب في تأخير ظهور الإمام (عليه السلام) ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، خصوصاً وأنه (عليه السلام) ينتظر أكثر من أي مخلوق غيره للإذن بالظهور لينقذ البشرية من الحيرة والضلالة والتخبط وعبادة الطواغيت، يخلصهم من الظلم والاضطهاد والحرمان، وإذا كان كل فرد يحسّ في وجدانه بمقدار من الغضب والرفض للظلم والحماس للتغيير، فإن قلب الإمام (عليه السلام) يختزن مجموع هذه الإحساسات المنتشرة في قلوب البشر كلهم، لأنه شعور محمود وايجابي، وفي عقيدتنا إن الصفات الايجابية للبشر كالعلم والرحمة والكرم تجتمع كلها وأزيد منها عند إمام العصر المعصوم ، فلماذا هذا الانتظار.
كنا نجيب بان من شروط الظهور أن يعود الناس إلى الإسلام ويطبقوه في حياتهم وتحصل لهم القناعة بفشل كل الأنظمة الأرضية وانحصار طريق السعادة والكمال بتطبيق الشريعة الإلهية خصوصاً في العراق عاصمة الإمام (عليه السلام) ومنطلق حركته المباركة، وها قد حصل هذا واعترف العالم كله بان الإسلام وعلماء الدين هم المحركون للشارع العراقي، وأصبح حتى العلماني والملحد يزور مراجع الدين ويستشيرهم ويتجنب إثارتهم واستفزازهم فهذه المرحلة قد تحققت ظاهراً على الأقل .
ثم دخلنا في مرحلة جديدة من التربية والامتحان وقلنا إن الإمام (عليه السلام) يريد من أبناء الإسلام أن يصلوا درجة التضحية الكاملة في سبيل دينهم بحيث لا يتخلفون عن أي أمر توجهه المرجعية باعتبارها القيادة النائبة للإمام المعصوم (عليه السلام) ولو كلفهم حياتهم، ونضرب لهم مثلاً بقصة ذلك الخراساني الذي طلب من الإمام الصادق (عليه السلام) التحرك لإزالة ظلم الطواغيت من أمويين وعباسيين وأن له في خراسان وحدها مائة ألف سيف فأجابه الإمام (عليه السلام) كالمتعجب : مائة ألف سيف؟ قال الخراساني: نعم، ومائتي ألف سيف، فأمر الإمام أن يُسجر التنور وطلب من الخراساني أن يلقي نفسه فرفض، وهنا دخل أبو هارون المكفوف وهو أحد أصحاب الإمام (عليه السلام) فطلب منه الإمام (عليه السلام) ذلك فاستجاب كالبرق وألقى نفسه في التنور المسجور وأخذ الإمام يشاغل الخراساني بالحديث وهو مذهول لتصرف أبي هارون وقال له: كم لديك في خراسان مثل هذا ؟ قال: لا يوجد يا ابن رسول الله(1).
وأنا أجيب نيابة عنكم أيها الشباب المتحمس الغيور ، وأيها الرجال الأشداء المستعدون لفعل ما قام به المؤمن الصادق أبو هارون، أنه يوجد يا ابن رسول الله الآلاف ممن يقرون عينيك حينما تطلب منهم، بل إنهم يستأنسون بالمنية دونك استئناس الطفل بمحالب أمّه، وقد جرّبنا صبرهم وثباتهم وصدق ولائهم حينما صنع لهم الإخوان قبل الأعداء ناراً اجتماعية من التشويه والتسقيط والسب والاتهام والافتراء والكلام الجارح القاسي الذي يستفزّ حتى الجبال وهي أصعب من النار الطبيعية([1]) فصبروا وازدادوا إيماناً وتسليماً وما كان ردّهم إلا أن قالوا: (سلاماً) التزاماً بالأدب الإلهي.
وهنا يعود السؤال من جديد: إذن ما الذي ينتظره الإمام (عليه السلام)؟
ونحن في الوقت الذي نحاول الإجابة عن هذا السؤال ونبين ما ينتظره الإمام (عليه السلام) إنما نريد أن نعرف تكليفنا في هذه المرحلة، والعمل الذي نؤديه من أجل التمهيد والإعداد لظهور الإمام (عليه السلام) المبارك الميمون.
ولا بد أن نلتفت إلى أن ما قدمناه من وصول الأمة إلى المستويات التي ذكرناها لا يعني نهاية الامتحان وغلق ملف تلك المراحل من التربية، فإن هذا الشعور هو أول بوادر الفشل والانهيار؛ لأنه يعني العجب والاعتداد بالنفس، والمطلوب هو العمل الجاد للاحتفاظ بالنتائج الطيبة ومنع أي محاولة للتراجع والتردي والانحراف وفقدان مواقع الكمال التي وصلها المؤمن بلطف الله تبارك وتعالى والسعي الحثيث للتقدم.
ففي الروايات إن الإنسان يرى في الجنة مقامات عالية لم يصلها فيتمنى لو كانت له فيقال: ان هذه كانت لك عندما كنت ملتزماً بالطاعة الفلانية ـ كحفظ سورة معينة من القرآن الكريم ـ فلما ضيّعتها فقدت هذا المقام الرفيع، وقد حذّرنا الأئمة (عليهم السلام) من الشيطان والنفس الأمارة بالسوء اللذين يبقيان يزيّنان المعصية بمعناها الواسع الشامل لترك الطاعة حتى تخرج الروح .. خصوصاً مع توسع وتفنن أدوات الإفساد والإضلال وأساليبهما.
فهذا مما يجب الالتفات إليه لان وصول الأمة إلى درجة من درجات الكمال لا يعفيها من مسؤولية المراقبة والعمل الجاد للاحتفاظ والسعي لما هو أكمل وقد قالوا في المسابقات الرياضية (إن الاحتفاظ بالقمة أصعب من الوصول إليها).
وأعود إلى الإجابة مرة أخرى وأقول: إن الدرجة الجديدة من التربية هي مرحلة الوعي والبناء واعني بالبناء: بناء النفس والمجتمع وفق الشريعة الإلهية، فقد أثبتت المدة الماضية بعد سقوط صدام اللعين بما تضمنت من امتحانات فشل الأمة في اجتيازها، حيث ظهر الجهل والسذاجة والتعصب واتباع العاطفة والانفعالية في التصرفات، وعدم الاهتداء إلى القيادة الحقيقية بحيث ضاعت حتى أوضح المقاييس للتقييم.
كما أن إتاحة الفرصة لتسنّم الكثير من المواقع الدينية والاجتماعية والسياسية والإدارية أظهرت الأمراض المعنوية التي كانت كامنة في النفس، ولم تظهر من قبل لا لأنها غير موجودة وأن صاحبها قد تخلص منها، بل لأن موضوعها لم يتحقق ولم توجد فرصة لإبرازها، فلما سنحت هذه الفرصة ظهر التحاسد والتباغض والأنانية والاستئثار والاستكبار والتقاطع إلى حد ارتكاب أعظم المعاصي التي وعد الله تبارك وتعالى فاعلها النار، فصرنا نرى أئمة جمعات يسقطون في وحل الكذب والافتراء وتسقيط المؤمنين وتشويه سمعتهم .
والإسلاميون الذين سعوا منذ عشرات السنين لكي يحكم الإسلام لما وصلوا إلى المناصب لم نرّ للإسلام أثراً في عملهم، ولم يجعلوا مناصبهم وسيلة لبسط العدل ومساعدة المحرومين ورفع الظلم والقضاء على الفساد بل وقعوا في الأخطاء نفسها ولم يكن لهم هم إلاّ التشبث بالكراسي.
وتساقطت رموز كبيرة بسبب سوء التصرف وطاعة الهوى والغفلة عن الله تبارك وتعالى، فابتليت الأمة بتخبط وتلوّن واضطراب وكادت الفتن أن تطيح بكيانها العتيد الذي بناه الأئمة المعصومون (عليهم السلام) والعلماء الصالحون بدمائهم وجهدهم وجهادهم وتضحياتهم، لولا أن تداركها اللطف الإلهي وبركة وجود ثلة صالحة واعية ثبّتت أوتاد وكيان الحق وحفظته من الانهيار بعد أن كاد يقع .
هذه الدروس القاسية التي خرجنا بها هي - يا أحبّتي - ما علينا أن نتعلمه في هذه المرحلة، وندرسه بعمق لنتوصل إلى العلاج الشافي الذي يزيل العوائق عن طريق الإمام (عليه السلام).
وأمامنا اختباران أو فرصتان نستطيع من خلالهما أن نثبت نجاحنا ونتقدم إلى الأمام في امتحانَي بناء النفس والمجتمع .
الأول: حلول شهر رمضان المبارك الذي هو فرصة عظيمة للتكامل والتقرب إلى الله تعالى، فإننا - يا أخوة الإيمان - لم نخلق في هذه الدنيا عبثاً ولم تهبط أرواحنا من العالم العلوي وتحلّ في أبداننا لنتسافل ونتردى بل لنسمو ولنرتقي في سلم الكمال، [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ] (الذاريات:56)، أي ليعرفوني أولاً ويطيعوني ثانياً لمصلحتهم هم وإلا فإن الله غني عن العالمين.
وقد أنزل إليهم دستوراً خالداً كاملاً يتكفل بهدايتهم وبعث إليهم نبياً رحيماً رؤوفاً كريماً وأئمة هداة معصومين ليبيّنوا لهم ما نُزّل إليهم ولكن الله علم ان هذا غير كافٍ للكثيرين لكي يبلغوا الدرجات العالية، لما تتصف به النفوس من ضعف واتباع للهوى ونزوع للشهوات وفشل أمام المغريات، فجعل لهم محطات لتسريع التكامل فمن استفاد منها طويت له مسافة السير إلى الله تعالى فيقطع في يوم ما يقطعه غيره في سنة، وبعض هذه المحطات زمانية كشهر رمضان وليلة الجمعة وأيامها وليلة النصف من شعبان وعرفة والعيدين وغيرها، وبعضها مكانية كالمساجد والعتبات المقدسة وبعضها فعلية كتجمع المؤمنين في صلاة الجمعة والجماعة والمجالس الحسينية وعند نزول المطر وغيرها، وهي يمكن استثمارها جميعاً كما في المواظبة على اداء الفرائض جماعة في المساجد خصوصاً صلاة الصبح وهي غير عسيرة في شهر رمضان باعتبار استيقاظ المؤمنين لتناول السحور وتوجههم للعبادة .
وقد نقل عن بعض الغربيين (إنكم إذا أردتم معرفة قوة المسلمين فراقبوا مواظبتهم على صلاة الصبح جماعة في المساجد)، ويمكن تحصيلها أيضاً من خلال الاجتماع في مجالس الذكر والدعاء والموعظة والإرشاد وتناول سيرة أهل البيت (عليهم السلام) للتأسي بها والتفجّع لمصائبهم، ومن خلال ما يمكن أداؤه من أعمال وسنن مستحبات شهر رمضان، وقد كان السلف الصالح يضع لنفسه برنامجاً خاصاً يذكر فيه الأعمال العامة لشهر رمضان ثم الأعمال الخاصة بالليالي وبالعشر الأواخر من الشهر وبليالي القدر الثلاث، حتى يكون في حالة ذكر دائم ومنتبهاً لكل وقت يمرّ به فليلة (23) من الشهر يجد لها أعمالاً في قائمة الأعمال العامة وقائمة العشر الأواخر وقائمة ليالي القدر إضافة إلى ما يخص ليلة (23) وهكذا.
كما يضعون نصب أعينهم وصايا المعصومين (عليهم السلام) في بيان حدود الصوم الحقيقي الذي تترتب عليه الآثار المعنوية، كخطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر جمعة من شعبان وغيرها وهي موجودة في مفاتيح الجنان والرسالة العملية والكتب الأخلاقية وجوامع أحاديث أهل البيت (عليهم السلام).
ومن أهم أعمال شهر رمضان تلاوة القرآن فان لكل شيء ربيعاً وربيع القرآن شهر رمضان، فليبدأ من أوله بختمة وينهيها في آخر الشهر ومن زاد زاده الله شرفاً في الدنيا والآخرة، وليقرأ الأدعية بتدبر ويلتفت إلى معانيها الحقيقية والروحية فيفهم من (اشفِ كل مريض) الأمراض المعنوية والرذائل النفسية التي توجب البعد عن الله تعالى وتدنّس القلب، ومن (أشبِعْ كل جائع) أي كل طالب للحق كالجائع إلى العلم والمعرفة والبصيرة والهداية إلى طريق الحق، ومن (أغنِ كل فقير) غنى القناعة وعدم الاحتياج إلى المخلوقين والافتقار الحقيقي إلى الغني المطلق وهو الله تبارك وتعالى.
وليتفاعل مع دعاء الافتتاح المروي عن الإمام الحجة (عليه السلام) ليعرف حاله وتكليفه في زمان غيبة الإمام، وليحصّل ولو بمقدار يسير النوافل اليومية الراتبة كركعتين من نافلة الظهر أو العصر وركعتي الشفع والوتر من نافلة الليل.
وليعمل على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ومساعدة المحتاجين وتخفيف آلام المحرومين وليتجنب ما يبعده عن الله تعالى ويحرمه من عطائه الكريم (فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم)، وقد ذكرنا تفاصيل كثيرة لهذه التوجيهات في كتاب (رمضان والعيد بين أحكام الشريعة وتقاليد العرف) وكتاب (شكوى القرآن) و (شكوى المسجد) و(شكوى الإمام (عليه السلام)) وغيرها.
وعلينا أن نتزود في شهر رمضان من الغذاء الروحي والجرعة الإيمانية ما يحفظ لنا ديننا والتزامنا بنهج القرآن الكريم وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) إلى شهر رمضان المقبل (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) وذلك بالمواظبة على العمل ومراقبة النفس وليس كمن نسي كل شيء وعاد إلى سيرته الأولى بمجرد خروج شهر رمضان أي في العيد أو بعده كالذي نشهده من وقوع الناس في المعاصي في احتفالات وزيارات ومراسيم أيام العيد(1).
الثاني: قرب موعد الانتخابات العامة في البلاد التي يرجو الشعب وقيادته الحقيقية أن تكون حرة نزيهة تتيح لكل أبناء الشعب فرصة المشاركة بلا عوائق ولا ابتزاز أو إرهاب أو إغراء أو تزوير حتى تأتي بحكومة شرعية نابعة من إرادة الشعب واختياره تكون أساساً لعودة العراق حراً مستقلاً وتنهي الاحتلال وتضع حداً لحمامات الدم البريء الذي يسيل في كل لحظة تحت مسمّيات وادعاءات تضحك الثكلى ويسخر منها حتى الطفل.
إن هذه الانتخابات تكتسب أهميتها من عدة جهات:
1- إنها ستؤسس مستقبل العراق وتضع معالمه إلى مدة طويلة لا يعلمها إلا الله تعالى لأنها ستكتب الدستور الذي - إن لم نشارك في وضعه أو لم نحسن كتابته - فإنه يمكن أن يكبّل أي تحرك لإصلاح المجتمع ونشر الفضيلة فيه ومحاربة الرذيلة والفساد كالذي نراه في تركيا.
2- إنها ستؤكد انتماء الشعب العراقي وتبيّن ولاءه فان كان يريد الإسلام فليقل بصراحة ووضوح ذلك، وليعبّر من خلال صناديق الاقتراع عن إرادته باختياره الجهات الإسلامية التي تحظى بتأييد المرجعية الشريفة ومباركتها، وقد جرّب الشعب - حتى الأقليات والطوائف والأعراف غير المسلمة - إن المرجعية هي الجهة النزيهة المحبّة لكل الناس الرحيمة بهم المدافعة عن حقوقهم جميعاً والرافضة لأي ظلم مهما كانت جهة صدوره وعلى أي أحد وقع؛ لذا فإنهم صمام أمان وحدة الشعب وبسط العدل فيه.
3- إنها ستوصل إلى مواقع المسؤولية الأكفاء الملتزمين ذوي السلوك النظيف الذين يعملون بإخلاص لإعمار البلد وتحسين حال أهله وتتحقق هذه النتيجة بمقدار إقناعنا لمثل هذه الطاقات بالتصدي لمواقع المسؤولية وتعبئة الجماهير لانتخابها ودعمها.
ومنه تتفرع عدة تكاليف:
أ- توعية الأمة بضرورة المشاركة في الانتخابات خصوصاً بعد ما أصدرت المرجعية فتاواها بوجوب المشاركة فيها وتهيئة مقدماتها كالتسجيل في قوائم الناخبين وتحضير الوثائق الثبوتية الكافية، وتحريم القيام بكل ما يعرقل هذه الخطوة، وكنّا من أوائل من أعلن ذلك في البيان/ 60 من سلسلة خطاب المرحلة قبل أكثر من شهر، فعلى الناس أن يفهموا معنى قول المرجعية (يجب ) أي أن القيام بهذا العمل فريضة دينية لا يحلّ تركها كوجوب الصلاة والصوم بل إن هذه –أي وظيفة العمل على إيصال المؤمنين الكفوئين النزيهين المخلصين إلى مواقع الإدارة والحكم- أهم؛ لأن تلك الواجبات فردية تحدد العلاقة بين الفرد وخالقه أما هذه فتقرر مصير البلاد والعباد(1).
يجب أن يصل هذا النداء إلى كل فرد من خلال الخطباء والمبلغين والمثقفين والشباب الرساليين؛ لأن شريحة مهمة من أمتنا يعيشون في الريف والبادية وليس لهم مستوى ثقافي يؤهلهم لفهم هذه المعاني فلا بد من حملة واسعة يشترك فيها كل من يقدر عليها ، مستغلين حلول شهر رمضان حيث تنشر مجالس الوعظ والإرشاد والتوجيه .
ب - التحرك على الكفاءات الملتزمة النزيهة التي تريد الخير للناس جميعاً لكي يرشحوا أنفسهم ويعلنوا عن قدراتهم ويعرّفوا أنفسهم للناس حتى ينتخبوهم .
جـ - التحذير من الجهات التي تعمل على كسب أصوات الناس بالإغراء والتهديد وهي لا تنفعهم ولا تعمل لأجلهم وإنما تسعى وراء مصالحها ومصالح الجهات التي تقف وراءها.
د - دعوة السياسيين والمتصدين للعمل السياسي أن يهيئوا قائمة تضم العناصر النظيفة وان توزع الاستحقاقات فيها بعدالة ليتسنى للمرجعية دعمها والإشارة إليها بعد أخذ التعهدات والضمانات الكافية لالتزام أعضائها الفائزين بالأهداف والمبادئ الإنسانية العليا.
إننا حينما نبدي اهتمامنا هذا بالانتخابات فإنه لم يكن ناشئاً من الثقة والمصداقية بوعود القائمين عليها بقدر ما هو تكليف شرعي لإبراء ذممنا أمام الله تعالى واتباع كل وسيلة ميسرة لإعادة الحق إلى أهله وحفظ وحدة العراق واستقلاله وحريته وسيادة العدالة فيه .
هذا هو تكليفنا ضمن الإعداد لدولة الإمام (عليه السلام) لأنها دولة مؤسسات تقوم على أساس توزيع الاستحقاقات على أهلها ووضع الشخص في الموقع المناسب بلا مجاملة ولا مداهنة، والظاهر أنه (عليه السلام) سوف لا يبني دولته بالطرق الإعجازية ولا بالسيف والتدمير وقطع الرقاب وإهلاك الحرث والنسل، كما يفعله الإرهابيون اليوم ليشوهوا صورة الإسلام، ولينفروا البشرية من كل داعية مصلح، وإنما يسير بسيرة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث بدأ بدعوته المباركة وحيداً فآمن به واستضاء بنوره وسارع إلى تصديقه الطاهرون ذوو القلوب السليمة والمعرفة العميقة، وانتشرت دعوته حتى ملأت الخافقين وعجزت عن مواجهته أعتى القوى المستكبرة، ولم يحمل شخصياً أي سلاح حتى في اشد المعارك وطأة، فحينما انهزم أصحابه في أحد وأحاط به المشركون لم يكن بيده سلاح يدافع عن نفسه حتى نالوا من جسده الشريف وسال دمه، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي يدافع عنه ولم يقتل مشركاً بيده لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين وشملت رحمته حتى أعداءه لأنه تجسيد لرحمة الله تبارك وتعالى التي عمّت الموجودات، فالإمام المهدي (عليه السلام) هو ابن ذلك النبي العظيم والمحيي لسنّته والسائر على هديه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أنصار الإمام (عليه السلام) ومن المؤهلين للإعداد لدولته المباركة، وأن يجعلنا من خير من طلع عليه هذا الشهر الكريم، وأن يقسم لنا خير ما قسم لعباده الصالحين وان يوفقنا لما وفق له محمداً وآله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن يعتق رقابنا من النار بعفوه وصفحه إنه غفور رحيم حليم كريم والحمد رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
محمد اليعقوبي
30 شعبان 1425 الموافق 15/10/2004
(1) بيان وجّه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك عام 1425 وقرب إجراء الانتخابات وصادف الأول منه 16/10/2004.
(2) راجع لمعرفة التفاصيل : الفصل الرابع من دور الائمة في الحياة الاسلامية.
(3) هذا ما قاله سيدنا الأستاذ الشهيد الصدر في لقائه مع طلبة جامعة الصدر الدينية جمادى الثانية 1419. ونشرت مقاطع منه في كتاب (جامعة الصدر الدينية الهوية والإنجازات).
(4) راجع: محاضرة (حصيلتنا في شهر رمضان والعيد) المنشورة في كتاب (من وحي المناسبات) وهي في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(5) راجع: بيان هذه النقطة في البيان / 55، من خطاب المرحلة بعنوان (العمل السياسي من الواجبات الشرعية).