خطاب المرحلة (51)...ما هو تكليفنا في المرحلة الراهنة

| |عدد القراءات : 2740
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ما هو تكليفنا في المرحلة الراهنة(1)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

تعودّت الأمة أن تمتد إليها اليد الرحيمة للمرجعية في كل لحظة عصيبة تمر بها لتنقذها من التردد والحيرة والضياع وتدلّها على الهدى والصلاح، وبالرغم من اعتقادي أن كتاب (نحن والغرب) ما زال حياً ويلبّي احتياجات الأمة العلمية والعملية وما يجب عليها فعله، وأن دراسته والتأمل فيه يفتح آفاقاً واسعة للعمل الإسلامي البّناء والّهادف، إلا انه من باب إن الذكرى تنفع المؤمنين ولأجل التواصل مع الأمة نعيد التأكيد على بعض النقاط المهمة في حياتنا : 

1- تعميق الصلة بالله تعالى والتقرب إليه من خلال الالتزام الكامل بالشريعة واجتناب ما يبّعد عن الله تعالى، والذكر المستمر له سبحانه وذلك باستحضار وجوده وإطلاعه الكامل على ما تخفي الصدور فضلاً عمّا هو أظهر، وأنه أقرب إلينا من حبل الوريد ولا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض، ومن عَلم أن الله تبارك وتعالى مطلّع عليه بهذا الشكل فسيعيد النظر في كثير من تصرفاته، ومن مقوّمات ذلك الدعاء والشعور المستمر بالحاجة إلى الله تعالى والاهتمام بصلاة الليل ولو بركعة واحدة وتلاوة القرآن والكون على طهارة زماناً معتداً به.

2- اتباع المرجعية الدينية وعدم تجاوزها ولا التأخر عنها، فإن العلماء أمناء الرسل وامتداد المعصومين الذين يصفهم الدعاء بأن المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق، وقد أمر الأئمة (عليهم السلام) شيعتهم ألاّ يعلّموا العلماء بل يتعلموا منهم ويتبعوهم في كل القضايا سواء التي تهم الفرد كالوضوء والصلاة والصوم أو التي تهم الأمة كالقضايا المصيرية التي تتطلب موقفا موحداً من المرجعية والعلماء.

3- الحذر من مؤامرات الأعداء والتنبه لها، ومن ذلك ما تفعله الفضائيات من توجيه الأحداث بالاتجاه الذي يخدم مصالحها بالكذب والتزييف والمبالغة والتهويل، ولذلك امتنعتُ عن مقابلة أي منها خلال الأحداث الأخيرة، لأنني اعلم أنها ستقّطع اللقاء وتعرضه بالشكل الذي ينفّذ سياستها، ولو أنَّ في هذا الغياب تعتيما على الجهد الذي ابذله إلا أنني أضحي بسمعتي من أجل رضا الله تبارك وتعالى ومصلحة أمتي.

4- زيادة الوعي والثقافة الإسلامية بالاطلاع على الكتب والنشرات والاستماع إلى المحاضرات والندوات المخلصة وتبادل هذه الأفكار مع الآخرين وتوسيع دائرة فائدتها إلى أوسع قاعدة من الأمة.

5-  نبذ الفرقة والخلاف باجتناب أسبابه التي أهمها التعصب للانتماءات سواء كانت للأشخاص أو الجهات ومحاولة إلغاء الآخر، والتطرف في المعتقدات، والتحجر في الأفكار، فلا بد أن نحترم وجهات نظر الآخرين خصوصاً إخواننا في المذهب والدين، ونعتقد أن الأنماط المختلفة من السلوك إنما هي ادوار مختلفة يؤديها أصحابها لتصب في هدف واحد، وإذا أريد إقناع الآخرين فبالحوار والدليل والحكمة والموعظة الحسنة وليس القسر والإكراه.

6- إحياء الشعائر الدينية في المناسبات وغيرها وإعمار المساجد بالنشاطات المتعددة العبادية والفكرية والإنسانية والاجتماعية. ويستفاد في هذا المجال من كتاب (شكوى المسجد).

7- توحيد خطاب الأمة وتوجهاتها نحو المطالب الحقيقية وعدم التشتت في الرؤية أو التركيز على مطالب جزئية، فتضيع الأمة ولا تعرف ماذا تريد وبماذا تطالب، وقد عبّرنا بلسان الأمة عن مطالب سبعة في البيان الثالث عن المواجهات الأخيرة.

وقد اعترف الساسة وقادة البلاد بأنه أفضل تحليل للوضع الراهن وكيفية الخروج منه ومن دون هذا الخطاب الموحد تضيع الجهود والدماء هدراً.

8- المحافظة على النظام الاجتماعي العام وعدم الإخلال به فانه من أعظم الواجبات الشرعية وقد تنازل أمير المؤمنين عن حقه في الخلافة لهذه الغاية. فما بالك بالأقل منه.

9- الإعراض عن حب الدنيا والمنافسة عليها بكل أشكالها ومصاديقها فإنها رأس كل خطيئة وباب الشرور كلها، وإن النجاة في تركها تأسّياً بأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي خاطبها : (يا دنيا غرّي غيري قد طلقّتك ثلاثا لا رجعة لي فيك). وعلى تعبير الإمام الحسين (عليه السلام): (فالمغرور من غرّته والشقي من فتنته). وقد شبّهها الأئمة (عليهم السلام) بالجيفة التي تتزاحم عليها الكلاب، وهذه هي حقيقتها فهل يقبل العاقل أن يكون ضمن هذا المشهد المقزّز وكلما ابتعد عنها الإنسان فانه يكون سعيداً مرتاح البال فالعاقل من جعلها مزرعة لآخرته.

وهكذا فإن زيادة الموعظة تزيد البصيرة وتنير القلب وتهذّب النفس.

10- دراسة سيرة المعصومين (عليهم السلام) بشكل مفصّل وتحليلي على نحو ما جرينا عليه في محاضرات (دور الأئمة (عليهم السلام) في الحياة الإسلامية) وموسوعة الإمام المهدي لسيدنا الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) وغيرها لنتعلم منهم (عليهم السلام) كيف نواجه متغيرات الحياة بالموقف السليم.

هذه نقاط عشر على نحو الاختصار وهي لا تغني عمّا اشرنا إليه في الكتب والبيانات المختلفة.

أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة عباده على طاعته ويوفقَّ أولياء أمورهم لما فيه صلاحهم إنه أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

محمد اليعقوبي - النجف الأشرف

27 صفر 1425

18 / 4 / 2004



(1) صدر هذا البيان والمواجهات الشعبية مع قوات الاحتلال لا زالت قائمة في النجف وكربلاء وغيرهما والعواطف متأججة لما تحصل من انتهاكات وهي تنتظر موقف المرجعية الرشيدة.