خطاب المرحلة (32)... محاولات بائسة لاستنقاذ صدام حسيـن
محاولات بائسة لاستنقاذ صدام حسيـن([1])
بسم الله الرحمن الرحيم
تتصاعد الدعوات الإقليمية والدولية لاستنقاذ صدام حسين شاركت فيها عدة دول مستكبرة وأعلنت السويد عن استعدادها لاستضافة سجن صدام حسين لتجمعه مع شياطينه وأمواله التي حلبها من العراق بحرمان أهله ومصادرة حقوقهم وليعيد إجرامه من جديد ويحرك خيوطه من بعيد.
والغريب من الأمين العام للأمم المتحدة التي يفترض أن تمثل الشريعة الإنسانية أنه يرفض إنزال عقوبة الإعدام به بعد محاكمته وتغض الطرف عن ملايين النفوس التي أزهقها صدام مجرم العصر.
وتشكل (هيئة الدفاع عن صدام حسين) في الأردن باعتباره بطلاً قومياً رفع اسم العروبة عالياً ووقف في وجه الطواغيت.
ويتحدث محامون آخرون في لندن وبعض الدول الغربية وغيرها عن ضرورة إجراء محاكمة عادلة لهذا المجرم، ونحن نطالب معهم بإصرار بمثل هذه المحاكمة لا لكي نثبت بالأدلة الجرائم الملصقة به فإنها أوضح من الشمس في وسط النهار، وإنما لكي نثبت للعالم أخلاق هذا الشعب وعدالته التي تعلمها من دينه الإسلامي العظيم والتي لا يحيد عنها وهو في قمة الانتصار وعدوه في ذل الهزيمة وهوانها كما وصفهم الحديث الشريف (المؤمن لا يخرجه غضبه عن حق ولا يدخله رضاه في باطل)، وليكشف أقنعة الطواغيت وعملائهم الذين آزروا وناصروا صدام وسكتوا عن جرائمه، وليظهر نفاق الحكام الذين تسلطوا على رقاب شعوبهم بالقهر والإذلال والبطش والقسوة وخدعوا وضللوا المساكين بالشعارات البراقة والكلمات الرنانة والحركات البهلوانية.
وإذا أردنا فهم المنطلقات النفسية والفكرية لهؤلاء الذين يدافعون عن صدام مع وضوح جرائمه فيمكن أن نحدد جملة منها: ـ
1. إنهم يخشون الفضيحة لان كثيراً منهم كانوا شركاءه في الجريمة أو على الأقل سكتوا عنه.
2. عدم رضا بعضهم على المعادلة السياسية الجديدة التي حصلت في العراق وحصول الطائفة الشيعية على بعض حقوقها فساءهم أن يعود الحق إلى أهله لأنهم ألفوا حياة الظلم والعدوان والتسلط بغير حق.
3. بعضهم مخدوع بشعارات صدام الوطنية والقومية الكاذبة وحركاته الخداعة كضرب الكيان الصهيوني بصواريخ غير مجدية عادت على الصهاينة أنفسهم بالنفع.
4. العصبية الجاهلية التي تتحكم في عقول البعض والتي تدعو إلى نصرة ابن قومه ولو كان ظالماً غشوماً.
وهم جميعاً مشتركون في أنهم لم يكتووا بنار صدام بل كان بعضهم يرفل بظله بالسعادة والهناء ويغدق عليه بـ(الدولارات)، وإلا فإنه لا يعقل أن يدافع عن صدام من أفنى زهرة شبابه خلف قضبان السجون ولازالت آثار التعذيب القاسي على جسده بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، أو من فقد أحبته في أحواض التيزاب والمقابر الجماعية والأسلحة الكيمياوية وآتون الحروب العابثة مع جيران العراق المسلمين، أو قضى حياته في الفقر والحرمان من ابسط الحقوق وهو يرى بأم عينيه صداما يبني قصوراً بحجم المدن الكبيرة، ويصرف عليها المليارات ويحول خزينة العراق من فائض مقداره (40) مليار دولار إلى ديون تبلغ مئات المليارات من الدولارات.
فهل بعد هذا يوجد من يدافع عن صدام حسين؟ وماذا سيقول.
أقول لهؤلاء المخدوعين لا تغرنكم تلك الكلمات الرنانة، فإن صدام قدم أكبر خدمة لأسياده المستكبرين حين أشعل الحروب والأزمات في المنطقة وخلق المبررات لاستقدام قواتهم وأساطيلهم إليها، وكان المستكبرون كلما تعالت الصيحات لخروجهم من المنطقة واستقرار الأمن فيها يدفعون صدام إلى خلق أزمة ليقنعوا أبناء المنطقة بضرورة تواجدهم فيها.
وهو الذي أزهق أرواح الملايين من أبناء العراق وإيران وغيرهما في حروبه الجنونية التي لا معنى لها ولا هدف سوى الاستجابة لنزعاته الشريرة، وكانوا طاقة كبرى للإسلام وللعروبة ولهذه البلاد العزيزة.
وهو الذي أهدر الثروات الطائلة لهذه المنطقة فبلغ العجز والتضخم ذروته وجعل شعبه يئن تحت وطأة البؤس والحرمان وملأ جيوب أسياده بهذه الثروات بما باعته للمنطقة من سلاح وتكنولوجيا دفاعية.
وهو الذي قتل خيرة علماء الأمة ومفكريها ومراجعها وعلى رأسهم المصلحان الصدران الشهيدان وكانوا حصون هذه الأمة من الفساد والانحراف ومواجهة الاستكبار فأي خدمات لأعداء الإسلام والعروبة أكبر من هذه وماذا بقى لهم مما يدافعون به عن صدام.
إننا نبدي امتعاضنا واشمئزازنا من تصرف هؤلاء وندعوهم إلى المشاركة في محاكمة صدام حسين وفسح المجال لكل من يريد أن يرفع دعوى ضد صدام حسين ليتبصر هؤلاء ويقتنعوا ببعدهم عن الصواب.
إن المطالبة بالعفو والسماح والمصالحة لا تنفع مع مثل هؤلاء الذين لو رُدّوا لعادوا لما نهوا عنه وأسوأ منه ولو كان العفو حلاً ناجحاً مع كل أحد لما خلق الله تبارك وتعالى -وهو أعدل العادلين وأرحم الراحمين وهو الغفور الكريم الجواد المتفضل المنان- النار وما فيها من عذاب للمجرمين تقشعر منه الأبدان وتصطك له الأسنان.
فلا بد أن تكون محاكمة صدام في العراق وعلى يد العراقيين، ليكون يوم العدالة الإنسانية ويوم ينتصف المظلوم من الظالم والحديث يقول (إن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم) وليكون يوم إظهار الحق والمظلومية للشعب العراقي الممتحن الصابر، وشريكيه الشعب الإيراني والكويتي ويوم تعرية المنافقين والخونة وفاقدي الضمير. وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل في الشدة والرخاء [وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ] (القصص:5).
محمد اليعقوبي
27 شوال 1424
22/12/2003