خطاب المرحلة (29)... رسالة إلـى رئيس الجمهورية الفرنسية (السيد جاك شيراك) قبل توقيعه على قرار منع الحجاب في المدارس الرسمية
رسالة إلـى رئيس الجمهورية الفرنسية (السيد جاك شيراك)
قبل توقيعه على قرار منع الحجاب في المدارس الرسمية
أنهت أمس الحادي عشر من كانون الأول 2003 (16 شوال 1424) اللجنة الحكومية الخاصة بدراسة ظاهرة الحجاب الإسلامي في المدارس الفرنسية وقدّمت توصية بمنع الرموز الدينية ومنها الحجاب الإسلامي في المدارس ومن باب التضليل وذرّ الرماد في العيون تضمنت التوصيات منع القبعات اليهودية والصلبان الكبيرة للمسيحيين وأوصت بجعل يوم عيد المسلمين واليهود عطلة رسمية وعدم الاقتصار على التعطيل في عيد المسيحيين.
ونحن إذ نعبّر عن أسفنا لمثل هذه التوصيات نأمل عدم توقيع رئيس الجمهورية الفرنسية عليها حتى لا تكتسب صفة القرار للنقاط التالية:
1- إن مثل هذه القرارات منافية لحقوق الإنسان والتي تتضمن حرية التعبير عن المعتقد والقيام بما يتطلبه معتقده ما دام غير مضر بالمصالح الوطنية، وإن دول الغرب ومنها فرنسا تتبجح وتفتخر على الكثير من دول العالم بمراعاتها لحقوق الإنسان، فتأتي مثل هذه القرارات لتكشف زيف هذه الادعاءات وتُظهِر الصورة الحقيقية للنظم الغربية التي تضع تحت أقدامها كل الشرائع الإنسانية والسماوية إذا اقتضت النظرة الضيقة للمصالح ذلك.
2- إن الحجاب الإسلامي ليس فقط رمزاً دينياً كالصليب والقبعة اليهودية حتى تُقرن جميعاً بقرار رغم أنه أجاز الصلبان الصغيرة وبعض الرموز اليهودية، فإن الحجاب شعار لنظام كامل في الحياة تختطه المرأة المسلمة؛ لأن الحجاب يعني انتهاج السلوك النظيف والعفيف الخالي من الخيانة والرافض للخطيئة والذي يمتنع عن الفساد، والانحراف عن الأخلاق الإسلامية العليا ولا يعني حمل الصليب أو لبس القبعة شيئاً من ذلك.
نحن نعتقد أن ارتداء الحجاب هو العلامة الفارقة للمرأة الملتزمة بالشريعة عمّن سواها، فإذا كانت محجبة فهذا يعني أنها ملتزمة بكل تفاصيل الشريعة الأخرى فهذه المقايسة باطلة.
3- إن الحجاب جزء مهم وضروري من كيان المرأة المسلمة ولا تتخلى عنه مهما كان الثمن حتى لو كلّفها حياتها، فمثل هذا القرار سيدفع النساء المسلمات إلى ترك الدراسة وعدم التخلي عن الحجاب وفي ذلك حرمان لهّن من حق أساسي في الحياة وهو التعليم.
4- إن مريم المقدسة والدة السيد المسيح (عليه السلام) كانت امرأة عفيفة طاهرة متعبّدة لله تبارك وتعالى ولم تكن خالعة للحجاب ومبذولة للنظر للرجال، فهي أول من ترفض هذا القرار لأنها تريد للنساء أن يقتدين بها، فأناشدكم بالله تعالى أن لا تدخلوا الأذى على الروح المقدسة لها بمثل هذه القرارات.
5- إن العلمانية المتبعة كنظام حكم في الدول الغربية والتي تذرعوا بها لمثل هذه التصرفات حيث عدّوها منافية للعلمانية تعني فصل الدين عن السياسة، ولا تعني بأي حال من الأحوال مناهضة الدين ومعاداته فهذا تطبيق سيئ للعلمانية التي يريدون إقناع الشعوب المتدينة بها.
6- إن الغرب قد التفت أخيراً إلى أن العلاج الوحيد لأمراضه الجسدية كالايدز والاجتماعية كالانتحار والجريمة هو بتعزيز القيم الروحية وبناء الأخلاق السامية والحجاب جزء من هذه التربية.
أكرر أملي بأن لا تقرر الحكومة الفرنسية هذه التوصيات ولتترك الناس أحراراً في التعبير عن معتقداتهم الدينية خصوصاً وأن فرنسا ترتبط في أذهان الشعوب بتأريخ حضاري حافل وأوضح معالمه الثورة الفرنسية الكبرى فلا تعملوا على زعزعة هذه النظرة.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على عباده الذين اصطفى.
محمد اليعقوبي
17 شوال 1424