خطاب المرحلة (16)... الأربعون حديثاً في قضايا المرأة
الأربعون حديثاً في قضايا المرأة ([1])
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على رسوله والأئمة الميامين من آله وسلم تسليماً كثيراً.
في الخصال للصدوق (رحمه الله) ([2]) أن مما أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً أمير المؤمنين قوله (صلى الله عليه واله وسلم): يا علي من حفظ من أمتي أربعين حديثاً يطلب بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً).
وكان هذا الحديث حافزاً لأن يؤلف علماؤنا الكثير من الكتب تحت عنوان (الأربعون حديثاً) في شتى العلوم والفنون، وبمناسبة مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) يوم الثلاثاء المقبل والذي هو أفضل مناسبة ليكون يوم المرأة المسلمة، تجدد الأمة النظر في قضايا المرأة وما ينبغي أن نفعله لتأخذ المرأة بموقعها الكريم الذي جعلها الله تبارك وتعالى فيه، وإعادة تقييم عملنا في هذا الاتجاه.
ولأهمية هذا الموضوع وغفلة العلماء والمفكرين –في مجتمعنا على الأقل- عن البحث فيه، ارتأينا تعطيل الدراسة في الأسبوع المقبل والتفرغ لإحياء أسبوع للمرأة المسلمة وعدم الاكتفاء بيوم واحد.
وسأعرض بخدمتكم وبمقدار ما يتسع له الوقت عدداً من قضايا المرأة التي يمكن أن تكون محاور لفعاليات هذا الأسبوع من ندوات ومحاضرات وغيرها، وعليكم إيصالها إلى الأربعين لنكون ممن عمل بالحديث النبوي الشريف المتقدم، وإذا قدر لمساهماتكم أن تجمع وتنقح لتطبع في كتاب أو أكثر يكون خطوة أولى في طريق سد هذه الثغرة في حياتنا والتي أدت إلى عدة مفاسد منها:
1- تعطيل هذه الشريحة التي تمثل نصف المجتمع عن أداء دورها الرسالي العظيم للأمة وفي ذلك خسارة جسيمة.
2- تمرير الغرب لمؤامرته في تدمير عقيدة المجتمع وأخلاقه من خلال تشويه صورة المرأة في الإسلام ومن خلال التلويح بمصطلحات براقة خادعة كحرية المرأة ومساواتها للرجل.
3- نفور عدد من النساء من الشريعة وأهلها بسبب عدم فهم وجهة نظر الشريعة، أو سوء التطبيق لجملة من إحكامها كقيمومة الرجل على المرأة، أو تنصيف حصتها في الميراث والشهادة ونحوها.
4- كثرة المشاكل وتعقيد الحياة بسبب عدم فهم المرأة لدورها وما هو المطلوب منها؟ وما هي الأولويات التي يجب عليها الاهتمام بها؟ فمثلاً تتصور أن أهميتها تكمن في غلاء مهرها؟ أو منافستها لقريناتها في ارتداء احدث الموديلات، أو قابليتها على اجتذاب الجنس الآخر وغيرها من المفاهيم الخاطئة.
لذا احتجنا إلى حملة واسعة للنهوض بواقع المرأة والبلوغ بها إلى ما نطمح إليه بأن تكون بالصورة التي أرادها الله تبارك وتعالى لها.
واليكم عناوين هذه القضايا مع إثارة بعض النقاط حولها:
1- الأحكام المختصة بالنساء، وهو بحث فقهي يستقرئ الرسائل العلمية للفقهاء، ويسجل الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء على مستوى الواجبات والمستحبات والمحرمات والمكروهات من أول الفقه إلى آخره وقد ألف في هذا الباب كتاب (فقه المرأة المسلمة) ابتداءً من الاجتهاد والتقليد حيث لا يجوز للمرأة التصدي لبعض المواقع، إلى نهاية الديات حيث إن دية المرأة نصف دية الرجل في الجنايات التي تزيد على ثلث الدية الكاملة، وعزل هذه الأحكام يكون فيه إلفات نظر المرأة وشدة الاهتمام بها، لذا رأينا إقبال النساء الشديد على اقتناء هذا الكتاب.
2- فلسفة تشريعات المرأة: يتناول البحث فيه العلل والحِكَم وراء تلك الأحكام المختصة بالنساء وقد يكون اتجاه البحث فيه اجتماعياً أو اقتصادياً أو فسلجياً أو أخلاقياً، فنعلل لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ولماذا جاز تعدد الزوجات ولماذا حصّتها من الميراث نصف حصة الرجل ولماذا لا يجوز مجامعة المرأة في الحيض وهو بحث فسلجي يراجع فيه مثل كتاب الطب محراب الإيمان وهكذا.
وقد ذكر المعصومون (عليهم السلام) عدداً من الأجوبة عليها في كتاب (علل الشرائع) و(وسائل الشيعة) وغيرها وتوجد في بعض الكتب الفكرية عدة حكم لها ككتاب (ما وراء الفقه) لسيدنا الأستاذ الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) وكتاب (شبهات حول الإسلام) لمحمد قطب وفي تفسير الميزان للسيد الطباطبائي (رضي الله عنه) وتفسير (في ظلال القرآن) للمرحوم سيد قطب ولهذا البحث أهمية في تصحيح النظر إلى مثل هذه التشريعات التي استغلها أعداء الإسلام لتضليل أبنائه وإقناعهم بنبذه والإعراض عنه.
3- قيمومة الرجل على المرأة: قال تعالى [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ] (النساء:34) ورغم أن القيمومة للرجل مسألة إدارية تنظيمية؛ لأن الأسرة تجمُّع يشكل نواة المجتمع فلا بد من رأس يديرها، وقد ذكرت الآية علة إعطاء هذا الموقع للرجل، وأنه يرجع إلى سببين أولهما ذاتي يعود إلى نفس تركيبة الرجل الفسلجية والنفسية والعقلية وثانيهما الموضوعي فإن الرجل غالباً هو المنفق على الأسرة ويدبر شؤونها.
لكن الكثير حولوا هذه المسألة الفنية إلى ظلم وتعسف واستبداد بسوء تطبيقهم مما انعكس سلبياً على فهم هذا التشريع.
4- حرية المرأة: من المصطلحات المجملة التي طبل لها أعداء الإسلام كثيراً هي الحرية والمطالبة بحرية المرأة ورفض القيود عليها، وهم لا يريدون بالحرية إلا الانفلات من كل الضوابط والانصياع وراء الشهوات الحيوانية والانغماس في اللذات، وهي عين العبودية للنفس الأمارة بالسوء فإن الحرية الحقيقية في التحرر من عبودية ما سوى الله تبارك وتعالى من آلهة الجاهلية الحديثة المعقدة التي اشرنا إليها في كتاب (شكوى القرآن) وغيرها.
ولو سألتهم هل تريدون بالحرية عدم الخضوع إلى القانون وتنفيذ كل ما يريد الشخص ولو على حساب الآخرين؟ فسيقولون لا إذ أن حرية الشخص تنتهي عند حقوق الآخرين، فلا بد من قانون إذن ينظم حياة البشر ويوزع الحقوق والواجبات، هذا القانون نراه هو الشريعة التي وضعها خالق البشر وصانعهم والعارف بما يصلحهم، لا القوانين الوضعية التي يضعها نفس الإنسان الناقص التائه العاجز، ولا تتحقق السعادة إلا بالتسليم المطلق لأوامر الشريعة الإلهية [فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أنفسهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً] (النساء:65).
5- المرأة والتعليم: لا يوجد ما يدل على منع المرأة من التعليم بل على العكس، فإن المرأة كالرجل مشمولة بمئات الآيات والروايات التي حثت على طلب العلم النافع والتدبر في آيات الله والتفكير فيها وتفضيل أهل العلم على غيرهم درجات، لكن لا بد من تعيين الآليات المناسبة لتعليم المرأة بما يصون عفتها وحجابها ولا يجعلها فتنة للآخرين، ومن دون أن تخل بمسؤولياتها تجاه زوجها وأطفالها، وأن تقنن العلوم التي تدرسها بما يناسب حاجتها ورسالتها ويمكن تقديم عدة أطروحات وأفكار في هذا المجال.
6- الأسوة الحسنة للنساء: مما لا شك فيه ارتباط النظرية بالتطبيق فإن الكلام مهما كان ناضجاً ومتكاملاً، فإنه إذا لم يجسده لا يكون مؤثراً وأي تصرف سلبي ينعكس سلبياً على النظرية لذا تشوهت صورة الإسلام حين تصدى للخلافة ناس منحرفون.
من هنا ورد التأكيد المستمر على ضرورة اقتران العلم بالعمل وكانت من العناصر المهمة في التربية الأسوة الحسنة التي تجسد النظرية على ارض الواقع كما قال الإمام (عليه السلام): (كونوا لنا دعاة صامتين) قال تعالى: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] (الأحزاب: 21)، ولك أن تتعرف على هذه الأهمية من خلال بحث (حاجتنا إلى الأسوة الحسنة) المنشور في كتاب (نحن والغرب).
ويزخر تأريخ الإسلام بعدد وافر من نساء الأسوة الحسنة وعلى رأسهن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وزينب العقيلة وأم المؤمنين خديجة ومريم بنت عمران وفاطمة بنت أسد وأم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية والشهيدة بنت الهدى وغيرهن وقد عرضت سيرة بعضهن في مجموعة روايات بعنوان (هدى والطواهر) يتحرى من كل واحدة منهن خصلة حميدة.
7- المساواة بين الرجل والمرأة: فقد خدع الأعداء كثيراً من أبنائنا بهذه الدعوى من دو ن أن يعرفوا بدقة مغزاها، ويتخبّطون بمجرد أن نسألهم عن معنى المساواة وهم بأنفسهم يحجبون المرأة عن كثير من الأعمال والمسؤوليات التي لا تناسب المرأة، ولا يفرقون بين المساواة والمماثلة، فإن الإسلام هو مؤسس العدل والمساواة إلا أن ذلك لا يعني المماثلة في الحقوق والواجبات.
وأضرب لذلك مثالاً فلو أن رجلاً يملك أموالاً وعقارات ومعامل فأراد أن يوزع ممتلكاته بالتساوي فقد يعطي لأحدهم نقداً ولآخر عقارات بنفس القيمة ولآخر معامل بنفس القيمة مراعياً حال كل منهم وما يناسبه وما يحسنه من أعمال، فهل يؤاخذ الأب على ذلك أم يحمد لأنه ساوى بين أولاده، وبالشكل الذي يصلحهم وان لم يماثلهم في العطاء، فهكذا فعلت الشريعة تساوي الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وان لم يتماثلوا فيها.
8- الخطابة النسائية بين الواقع والطموح: لا يخفى ما للمنبر الحسيني وشبهه من دور عظيم في توعية الأمة وتثقيفها وتزويدها بعقيدتها وحمايتها من الانحراف لذا اهتم به المعصومون (عليهم السلام) وحافظوا على وجوده وكانت وصية الإمام الباقر (عليه السلام) أن تندبه النوادب عشر سنين في منى، وكان لهذا الفعل أثره في نشر مظلومية أهل البيت وتقويض أسس الدولة الأموية، لكن الملحوظ أن أداء المنبر النسائي ضعيف وشكلي فما هي أسباب تراجعه عن أداء دوره؟ وكيف تنهض به ليمارس دوره الرسالي في عالم المرأة؟ ويوجد كتاب يحمل هذا العنوان (الخطابة النسائية بين الواقع والطموح).
9- المرأة بين الإسلام والأنظمة الوضعية: دراسة تأريخية يقارن فيها بين نظرة الإسلام للمرأة ونظرة الأيديولوجيات والنظم الأخرى ليجد في النهاية أن المرأة ما كرمت ولا أعطيت المكانة اللائقة إلا في الإسلام، ومن مصادر هذا البحث: المرأة في القرن العشرين والمرأة في الإسلام للعقاد وتفسير الميزان في أول سورة النساء.
10- تعدد الزوجات: وهو موضوع صوَّره الأعداء وكأنه ظلم للمرأة وتجاوز على عواطفها فنفروا المرأة من الشريعة بسببه، فما فلسفة هذا التشريع؟ وما هي الحكمة وراءه؟ والمشاكل التي يعالجها هذا التشريع؟ وكيف اضطرت الكثير من الأمم إلى إباحته بعد أن منعته لما وجدت أن المنع أدى إلى تدمير كيان المجتمع وانحلال روابطه، راجع تفسير الميزان وفي ظلال القرآن وشبهات حول الإسلام لمحمد قطب والمرأة في الإسلام وغيرها.
11- جمال المرأة: لقد اقنع الأعداء المرأة بأن جمالها في لبسها افخر الثياب وأغلاها أو وضعها للزينة الصارخة أو شكل تسريحة شعرها أو المبالغة في إبداء مفاتنها، فحولوا المرأة إلى دمية تتفنن دوائر الإفساد العالمي في صنعها وإخراجها وليس لها إلا التسليم والإذعان.
أما الإسلام فيرى أن الجمال الحقيقي للمرأة في عفتها وحيائها وحجابها وسترها عن أعين الرجال، وفي تقواها وتدينها قال تعالى -مشيراً إلى أن اللباس الحقيقي الذي يزين الإنسان هو التقوى-: [وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ] (الأعراف: 26)، وتستطيع تلك المرأة المغلوب على أمرها أن تستقرئ أذواق الرجال لترى أنهم إلى أي المرأتين أشد ميلاً وأكثر إعجاباً فستجدهم يختارون المرأة المحتشمة العفيفة الممتنعة عن الرجال، ويشترك في هذه النظرة المؤمنون والفسقة من الرجال.
مع موعظة للمرأة المغترة بجمالها مما يدفعها إلى معصية الله تبارك وتعالى بأن هذا الجمال زائل، وقد يكون زواله سريعاً لتعرضها لحادث سيارة أو حرق ونحوها مما هو محتمل ووارد وكم امرأة كان جمالها وبالاً عليها وعلى زوجها وأدى إلى طغيانها واستعلائها وتفكك أسرتها وتوجيه النصيحة إلى الشباب الذين يبحثون عن أوصاف مثالية في المرأة التي يريدون الزواج منها فلا يجدونها مما يؤدي إلى تعطيلهم وتعطيل النساء وحصول مفسدة كبيرة، وقد ذكرنا في مناسبة(1) سابقة أن هذا العزوف هو من النتائج التي يريد أولياء الشيطان إيصال شبابنا إليها بنشر صور من يسمونهن بالحسناوات في الصحف والمجلات وقد عالج الشرع المقدس ذلك بالأمر بغض البصر عن ما حرم الله تعالى.
12- كيف تحقق المرأة حياة زوجية سعيدة: إن الزواج سنة إلهية تتناغم مع متطلبات الفطرة والحاجات الإنسانية ويطمح كل من الجنسين بالارتباط بالآخر لتكتمل شخصيته ويؤدي دوره في الحياة بشكل فاعل، ولكي تكون حياة زوجية سعيدة لا بد من توفير عدة صفات في المرأة بيّنها المعصومون (عليهم السلام) ويمكن استخلاصها من الروايات ومن تجارب الآخرين وتأملات المفكرين، راجع كتاب وسائل الشيعة والجزء السادس من (ما وراء الفقه)
13- ولاية الأب على تزويج الباكر: ما هي فلسفتها وأهميتها الاجتماعية؟ وهل ذلك مصادرة لحرية المرأة أم حماية لها من اختيار الرجل غير المناسب؟ وهل هي ثابتة للأب مطلقاً أم في ظروف معينة وهل للبنت حصة في هذا الاختيار أم لا؟ ولماذا تختص بالبكر دون الثيب وقد بحثت المسألة استدلالياً واجتماعياً في كتاب (مسائل في الفقه الاستدلالي المقارن)([3]).
14- الزواج المؤقت: مشروعيته في الكتاب والسنة، الحالات التي يكون الزواج المؤقت حلاً ناجحاً لها، تحليل كلمة أمير المؤمنين (عليه السلام) لو لا نهي عمر عن المتعة لما زنى إلا شقي، تثقيف الأمة بهذا الاتجاه حتى تقبل هذا التشريع في ظروف معينة كأسلوب محلل لمواجهة الضغط الجنسي والفساد والانحلال المستشري في عالم اليوم، وكحل لمشكلات الكثير من النساء المطلقات والأرامل جنسياً واقتصادياً ونحوها.
إن بعض مفكري الغرب كالفيلسوف الرياضي الإنكليزي برتراند رسل دعوا إليها على الأقل في أوساط الجامعات وبالشكل الذي لا يخرج عن التقاليد الاجتماعية كتجربة ومقدمة وتعارف قبل الزواج الدائم، وقد تحدثت عن الموضوع في كتاب (مسائل في الفقه الاستدلالي المقارن).
15- تعطيل المرأة عن الزواج: مشكلة وعلاج انتشرت هذه الظاهرة وكثر عدد العوانس والمتقدمات بالسن من غير زواج في مجتمعنا المسلم، وهذه كارثة كبيرة يجب التفكير في أسبابها، ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها وقد أثرت نقاطاً عديدة ومهمة في كتاب (الزواج والمشكلة الجنسية) وأرجعت المشكلة إلى أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية ثم قدمت ما يقابلها من الحلول ولا بد من تضافر الجهود والتفكير الجدي في الحد من هذه الظاهرة لإدخال السرور على قلب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وصاحب الزمان (عليه السلام).
16- المرأة وآلهة الجاهلية الحديثة: قلنا في كتاب (شكوى القرآن) إن الجاهلية ليست فترة زمنية انتهت بظهور الإسلام بل هي حالة اجتماعية وفكرية عقائدية تتردى إليها البشرية كلما ابتعدت عن المنهج الإلهي، ولها سمات وخصائص ذكرناها هناك وهي مجتمعة في عالم اليوم، بل إن الجاهلية المعاصرة جمعت مساوئ كل تلك الجاهليات.
وتشكل المرأة ركيزة أساسية في حالة التردي هذه ووسيلة مهمة لإعادة الأمة إلى جاهليتها لذا ورد في الحديث أن النساء حبائل الشيطان والهم الرئيسي للشيطان إبعاد الناس عن طاعة الله تعالى، وقد صنعت الجاهلية آلهة جديدة اقتنعت المرأة بالخضوع لها وطاعتها وعدم الخروج عن مقتضياتها وهي معاني العبادة [أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ] (الجاثـية: 23)، فالمرأة اليوم تخضع للتقليد وللأعراف ولما يقتضيه الأتكيت الاجتماعي من مشاركة في الحفلات المختلطة وارتياد النوادي ولبس أفخر الثياب وتبديل أثاث البيت في كل موسم وتلهث وراء الموضة –كما يسمونها- وتقلد الفنانات وعارضات الأزياء، وقد كلفها هذا الخضوع وهذه العبادة الخروج عن دينها وأخلاقها، بل أدى إلى تفكك الكثير من الأسر وانحلالها لعدم قدرة الزوج على تلبية هذه المتطلبات فإما أن يلتجئ إلى الوسائل المحرمة أو ينهي علاقته بمثل هذه المرأة، وقد ذكرت تفاصيل لهذه الظاهرة في كتاب (رفقاً بالرجال يا قوارير).
17- المرأة والعلاقات الجنسية غير المشروعة والشذوذ الجنسي، كثرت مثل هذه الحالات في مجتمعنا المسلم المحافظ الغيور فما هي أسبابها: سوء التربية وتقصير أولياء الأمور في ممارسة دورهم ووجود أجهزة الإفساد والإثارة الجنسية كالتلفزيون والستلايت والأقراص الليزرية، ضعف الوازع الديني والأخلاقي، عدم التفكير في البدائل، الأسباب الاقتصادية كإعواز بعض النساء المطلقات والأرامل، إهمال بعض الأزواج لزوجاتهم وعدم إعطائها الحق الجنسي لأسباب شتى وانشغاله عنها إما حراماً بعلاقات غير مشروعة أو حلالا بانهماكه في أعماله ومسؤولياته من دون الالتفات إلى إعطاء كل ذي حق حقه.
إن مجتمعنا يعيش تناقضاً بين معتقداته وتقاليده التي تعاقب بأشد العقوبات من يرتكب جريمة جنسية خصوصاً المرأة حيث تقتل غسلا لعارها، وبين سلوكه حيث تراه غير مكترث بانتشار وسائل الإفساد والإغراء والإثارة فلا هو كالغرب المنحل ولا هو كالمجتمع المسلم فكرا وسلوكاً، فعلينا أن نفكر جدياً في هذه المشكلة وكيفية علاجها قبل أن يستفحل الداء ويتسع الخرق على الراتق.
18- الخلافات الزوجية وعلاجها: كثيراً ما تحدث خلافات داخل الأسرة، وأحياناً تكون بين زوجين مؤمنين مثقفين في الوقت الذي نتعب كثيراً للجمع بين رجل وامرأة لإنشاء زواج مبارك، ثم لا نلبث حتى نسمع بحصول المشاكل التي قد تؤدي إلى الطلاق مما يقلل من الهمة للسعي في التزويج، فما هي أسباب نشوء مثل هذه المشاكل كيف نعالجها لكي لا تنتشر وتصبح مانعاً عن تفكير الشباب في الزواج خشية الوقوع فيها ويوجد كتاب بهذا العنوان يمكن الاستفادة منه (المشاكل الزوجية أسباب وعلاج).
19- المرأة والعرفان: هل يمكن للمرأة أن تسلك طريق تهذيب النفس حتى تصل إلى المعرفة الحقيقة وكيف يمكنها ذلك ووسائل إيصالها ضعيفة؟ وهل أن وصفة العلاج للنفس والروح التي تأخذها هي نفس وصفة الرجل؟ ما هي معوقات هذا الطريق بالنسبة للمرأة، نماذج لنساء عارفات، كل ذلك يمكن أن نبحث ويقدم كدراسة تستفيد منها المرأة الطالبة للكمال.
20- المرأة والعمل: مما خدعوا به المرأة وأخرجوها من بيتها ضرورة عمل المرأة وأن جلوسها في البيت تعطيل لنصف المجتمع، وضرب المثل بالمرأة الغربية التي خرجت للعمل، وكل هذه أباطيل فإن ممارسة المرأة لوظيفتها الإلهية في بناء أسرة متكاملة أهم من خروجها للعمل الذي أدى إلى تعطيل دورها ودور الآخرين بإشغالهم وفتنتهم بها فتعطل المجتمع كله، وهل أننا وفرنا فرصة عمل لكل رجل حتى نحتاج إلى خروج المرأة، وإن مقارنة المرأة المسلمة للمرأة الأوربية باطل فإن المرأة في الإسلام مكفولة الرزق ضمن نظام أسري قبل الزواج وبعده، أما الأوربية فليست كذلك، كما أن أوربا مرت بظروف الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر والحروب الكارثية التي اضطرت المرأة للعمل، وليس حالنا مثلها، ومحل الشاهد أننا نحتاج إلى عرض هذه الشبهات التي ظللوا بها نساءنا والإجابة عنها، وبيان مساوئ الخروج العشوائي وغير المنتظم والمبرمج للمرأة إلى ميدان الحياة العامة مما يسوق الأمة إلى التردي والاضمحلال.
هذه عشرون عنواناً لقضايا المرأة اتسع لها الوقت بإذن الله تعالى، عليكم البحث فيها واستخلاص النتائج والالتفات إلى عناوين أخرى حتى يكتمل عدد الأربعين وزيادة.
أسأل الله تعالى أن يأخذ بيد هذه الأمة نحو الصلاح والفلاح
إنه ولي النعم.
(1)1محاضرة ألقاها سماحة الشيخ اليعقوبي يوم 13/ج2/1424 المصادف 12/8/2003 لافتتاح أسبوع المرأة المسلمة بمناسبة مولد الصديقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) في 20 جمادى الثانية.
(2) الخصال:543.
(3) راجع كتاب (الزواج والمشكلة الجنسية) وهو الحلقة العاشرة من سلسلة (نحو مجتمع نظيف).
([4]) نوقشت بشكل موسع في البحث الخارج لسماحة الشيخ (دام ظله) راجع (فقه الخلاف: 2/123) المسألة الثالثة عشرة.