تعليق حول ما نقل من تعرض اتباع الإيمو للقتل
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليق حول ما نقل من تعرض اتباع الإيمو للقتل
تناقلت بعض وسائل الاعلام خبر تعرض عدد من الشباب المقلدين لما يسمى بظاهرة (الإيمو) للقتل في بغداد و المحافظات، ولم نتأكد من مدى صحة الخبر ومصداقيته ودقة الارقام المذكورة فيه، بعد ان نفت مصادر الشرطة وصول أي تبليغ لها او رفع دعوى من قبل ذوي الشخص المجني عليه لهذا السبب ، كما نفت مصادر مرتبطة بالطب العدلي وصول جثث مجني على اصحابها ضمن هذا الاطار .
وقد الصقت التهمة بما وُصِفوا أنهم جهات دينية متشددة، كما حُمّلت وزارة الداخلية جزءاً من المسؤولية باعتبار تزامن حصول موجة القتل هذه خلال الايام الثلاثة الماضية مع بيانها في التحذير من انتشار ظاهرة الإيمو ودعوة اولياء الامور للوقوف في وجهها و المحاسبة على عدم مراعاة الآداب الاجتماعية.
ونحن نسجل هنا النقاط التالية :
1- ان الدين براء من ارتكاب مثل هذه الجرائم – لو صحّ وقوعها – وان من يقتل انساناً خارج الاطار القانوني المشروع فقد اعتدى على الله تبارك وتعالى واستخّف بحرماته، لان الانسان خليفة الله في ارضه، وهو تعالى الذي صنعه وأوجده فلا يجوز لأحد أن يمس انساناً بأذى، حتى ان الشخص ليس له سلطان على جسده نفسه فضلاً عن غيره، ولذا كانت جريمة القتل من اعظم الكبائر، قال تعالى : { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة : 32] .
2- إن التصرف المشروع أزاء الانحرافات الاجتماعية لا يعدو النصيحة و الارشاد و التوعية، وبيان الآثار السيئة للانحراف ومخالفة منظومة الاخلاق و الآداب الانسانية و الاجتماعية السامية ، ولا يُكره أحدُ على عقيدةٍ ما او سلوكٍ ما، قال تعالى : {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } [البقرة : 256]، وان تكون النصيحة بلين ورفق ومراعاة الظروف التي يعيشها الآخر و منطلقاته الفكرية و الاخلاقية و الاجتماعية ، قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم موسى (عليه السلام) واخيه هارون (عليه السلام) وهما يتوجهان الى فرعون الطاغية لدعوته الى التوحيد {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه : 43-44] فاذا كان التصرف مع فرعون الذي ادعى الربوبية وافسد في الارض هو هذا، فكيف يكون التعامل مع غيره؟.
3- اننا لا نستبعد وقوف جهات وراء هذه الضجّة المبالغ فيها لها اجندة لتشويه صورة الملتزمين بالدين ومحاصرة الدين وتنفير الناس منه، بالاشتراك مع جهات لها مشاكل مع النظام السياسي الجديد في العراق وتريد ارجاع عقارب الزمن الى الوراء وكان لها تاريخ من الفوبيا المفتعلة كقضية (أبو طبر) التي خلقت هلعاً عاماً لدى الناس في بغداد عام 1973 تقريباً، فأطلقت لوسائل الاعلام العنان في التحريض اولاً لدفع الجهلة و المخدوعين و المتعصبين من كلا الطرفين فصّورت شباب الإيمو بانهم واجهات للماسونية يريدون نشر الرذيلة و الشذوذ و الاباحية، لتغري بهم بعض المأجورين أو الجهلة أو المتعصبين للاستفزاز و العنف، ثم تنسب الفعل الى جهات دينية لتحقيق أجندتها.
4- إن الشباب معروفون بالحماس و الاندفاع وحب التميّز و التفوق و الظهور وهذه عناصر كالسلاح ذي الحدين، فيمكن جعلها عناصر محفّزة لفعل الخير و الإبداع و العطاء المثمر، ويمكن ان تكون أدوات ووسائل مؤدية الى العنف و الصدام و التمرد على المقدسات والمجتمع و الانشقاق، لذا فان المأمول بشبابنا ان يوظفّوا هذه الطاقات الشبابية لما فيه نفع الامة وصلاحها وبناء مستقبلها الزاهر، وليس لاستيراد التقليعات البائسة و المظاهر المنبوذة وان لا ينسلخوا من هويتهم الفكرية و الوطنية و الاجتماعية، وان لا يقوموا بأفعال استفزازية فيها خروج فاضح على ثوابت الأمة خشية الوقوع في ردود الافعال الانفعالية الهوجاء .
عصمنا الله تعالى جميعا من الزلل ووفقنا لما يحب ويرضى .
محمد اليعقوبي
15- ربيع الثاني- 1433هـ
9-3-2012م