القلق من الدعوات لتشكيل الأقاليم
بسم الله الرحمن الرحيم
القلق من الدعوات لتشكيل الأقاليم
لقد انتابنا القلق اثر دعوة جمع من أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين إلى إعلان المحافظة إقليماً، خوفا على وحدة العراق أرضاً وشعبا، التي سعى الكثير من أعداء العراق وشعبه الأصيل الكريم لتمزيقها وتفتيتها بعناوين متعددة كالطائفية وتشكيل الأقاليم وأمثالها.
وقد حذّرنا من خطورة مشروع تشكيل الأقاليم منذ اللحظات الأولى، ولم نصوّت على الدستور بالإيجاب لوجود هذه الفقرة وأمثالها من الفخوخ التي اُريد لها تفجير الوضع في العراق وإدامة الصراع بين أبنائه.
وحينما تحمّست بعض القوى المهيمنة على البرلمان لإقرار قانون تشكيل الأقاليم عام 2008 عارضناها بقوة وأبطلنا حججهم. وكنّا دائماً نكرّر أن الحل في منح صلاحيات واسعة على نحو الإدارة اللامركزية للمحافظات لتخطط لنفسها المشاريع التي تقدّر الحكومات المحلية أولويتها والحاجة إليها لأنها اعرف بذلك، وكل ذلك مثبت في بياناتنا وخطاباتنا للمرحلة السابقة.
لكن التخبط وسوء التخطيط وافتقاد الرؤية الصحيحة الدقيقة لدى المتصدين من القيادات وغلبة المصالح الخاصة وعدم الاستماع إلى النصيحة وانعدام روح المواطنة كانت هي السائدة في المرحلة السابقة والتي أفرزت وضعاً مزرياً يصعب إصلاحه كلما امتد الزمن، وبدأ البعض يصحو من غروره وهوسه بالسلطة وجمع الغنائم وبدأ الجميع يتحدثون عن ضرورة تعديل الدستور ومعالجة القنابل الموقوتة فيه ونحو ذلك من الإصلاحات السياسية التي نادينا بها ووجهناها لهم ولجميع الأمة خلال السنوات السابقة.
ولا سلوة لنا ونحن ننظر بألم إلى ما آلت إليه الأمور إلا المواقف النبيلة والوطنية المخلصة التي تصدر من عدد من عشائرنا الغيورة وبعض النخب الواعية التي لم يُغرها بريق المطامع ولم تثنها التهديدات وبقيت مصرّة على وحدة العراق واللحمة الوطنية التي تشد أبنائه.
وأخص بالذكر المؤتمر العام لعشائر الجبور الذي عقد اليوم في مدينة القيارة في محافظة نينوى واجتماع شيوخ عشائر الأنبار وعدد من تصريحات السياسيين والمثقفين المدركين لخطورة هذه المشاريع على مستقبل العراق ووحدة أهله.
اننا نقدِّر المعاناة التي حلَّت بالمحافظات وعدم تحقق انجازات تذكر لإخواننا من أبنائها لكن الحل ليس في ابتعاد العراقيين عن بعضهم وانفراد كل منهم بأموره، ولا بد أن يكون الحل مناسباً للمشكلة، ويمكن أن تُحلَّ هذه المشاكل بتوسيع صلاحيات الحكومات المحلية ووجود حوار بنّاء ومشاورات لاتخاذ القرارات بينها وبين الحكومات المركزية .
إن قوة الدولة وعزة شعبها وكرامتها منوطة بوجود نظام سياسي قوي أمين في العاصمة، فاعيذ إخواني في المحافظات التي نادى بعض أبنائها بالأقاليم أن يكونوا ممن يعمل على إضعاف العراق وتفتيت شعبه.
وبدوري فقد سعيت لتقريب وجهات النظر ودعوة كبار المسؤولين في الحكومة المركزية للاستماع إلى إخواننا في تلك المحافظات وتفهّم طلباتهم وزيارتهم للاطلاع عن كثب على معاناتهم وتأكيد الوحدة الوطنية بين الجميع، ورأيت خلال الأيام السابقة حركة محمودة في هذا الاتجاه، نرجو أن تتحقق ثمراتها الإيجابية في القريب العاجل.
نسأل الله تعالى أن ينوّر بصائر الجميع ويهديهم إلى ما فيه صلاح الأمة وسعادة وازدهار هذا البلد الكريم.
محمد اليعقوبي- النجف الأشرف
15/ذي الحجة/1432- 12/11/2011
لتحميل البيان بحجمه الأصلي إضغط هنا