في تأبين المرحوم العلامة الشيخ محمد علي العمري
بسم الله الرحمن الرحيم
في تأبين المرحوم العلامة الشيخ محمد علي العمري
رحل عنّا اليوم ملتحقاً بالرفيق الأعلى علمٌ من أعلام الشيعة العاملين وهو العلامة المرحوم الشيخ محمد علي العمري (رفع الله في الجنان درجته) فعظّم الله أجر سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان (أرواحنا له الفداء) بفقد أحد أنصاره، وعظّم الله تعالى أجور المسلمين بغياب مفخرة من مفاخرهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد جاهد الفقيد في إعلاء صرح مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في المدينة المنورة ومنطقة غرب المملكة، فكان عمله المبارك مصداقاً لقول الإمام الصادق (عليه السلام): (وأما الجهاد الذي هو سُنّة فكل سُنّة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها و إحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال، لأنها إحياء سُنّة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من سنّ سُنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء). وكأنّ الله تعالى قد أعدّه لهذا الدور؛ إذ بسط له في العمر وفي العلم وفي الحكمة والشجاعة وفي الجاه الاجتماعي والودّ في قلوب المؤمنين، مما مكّنه من تحقيق هذا التقدم الكبير الذي يعجز فردٌ بل أفراد عن إنجازه، فلله دَرُّه وقد وقع على الله تعالى أجره.
التقيته (رحمه الله تعالى) قبل ثلاثة أشهر حينما تشرّفت بزيارة روضة النبي (صلى الله عليه وآله الكرام) ومسجده الشريف في طريقي إلى الحجّ، وحرصت على أن يكون أول شخص أزوره، وتحدثنا معه بحضور ولده فضيلة الشيخ كاظم وجمعٍ من الفضلاء والمؤمنين، وكان قوي الذاكرة مهيب الشخصية لم تنل الأعوام المائة التي عاشها من ذاكرته، وأبدينا ما تقتضيه المسؤولية من الشكر لتضحياته الجسيمة وعمله الدؤوب في إعزاز أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وتقوية وجودهم، والنمو المستمر في مشاريعه المباركة التي تجولت فيها فوجدتها تَسرُّ كلُّ موالٍ، ورأيت كيف أن قوافل الحجيج تتوافد على الحسينية العامرة وتتبرك بتناول الطعام في المضيف الذي أنشأه باسم الإمام الحسن (عليه السلام)، ويرى الكثيرون –علماء وفضلاء ومسؤولون ومؤمنون- أن من الواجب عليهم زيارة سماحته تثميناً لدوره المبارك وتاريخه الحافل، واعترافاً بفضله على الموالين لأهل البيت (عليهم السلام).
كان شجاعاً ذا عزيمة قوية صادقاً مع الله تعالى فيما عاهده عليه، لم يُثنهِ الخوف والوعيد والصعوبات التي اعتاد التعرض لها، ومضى قُدُماً في طريق ذات الشوكة حتى شيَّد أركان هذا المجد، وأمدّ الله تعالى في عمره المبارك ليرى بعينه ثمرة تلك الجهود وذلك الجهاد قبل أن يُريَهُ جزاءه الحسن في جنات النعيم.
نقدّم تعازينا لذوي الفقيد الراحل، ونخصّ بالذكر ولده فضيلة الشيخ كاظم الذي لمسنا فيه الهمّة والحماس لمواصلة هذا العمل المبارك ووعيه لمسؤولياته وعلمه بضخامة الإرث الذي تركه الفقيد، والذي أصبح مهوى أفئدة المؤمنين من كل حدب وصوب.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب/23
محمد اليعقوبي –النجف الأشرف
الاثنين 19/ صفر/ 1432
24/1/2011