سبل السلام، كتاب الصلاة، اعداد الفرائض ونوافلها ومواقيتها وجملة من أحكامها
سبل السلام
كتاب الصلاة
مقدمة
وردت روايات كثيرة عن أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم) تؤكّد على أهمية الصلاة ووجوبها وفضلها وعظمة فوائدها التي تعود على النفس والمجتمع ومن مضامين تلك الأحاديث أن الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن رُدّت رد ما سواها، وأنها قربان كل تقي حيث يسمو بها الإنسان ويتجرد عن مشاغله ويخلو بربّه ويناجيه مباشرة وفي الرواية أن الإمام الصادق جمع أهل بيته حينما دنت منه الوفاة وقال (عليه السلام): لا تنال شفاعتنا مستخفاً بصلاته وقال (عليه السلام): امتحنوا شيعتنا في أوقات الصلاة حيث يختبر ولاء المسلم وطاعته لربه بالمبادرة إلى أداء الصلاة.
وفي حديث آخر: ما بين المؤمن والكافر إلا ترك الصلاة.
وقد أكّد عليها القرآن أيما تأكيد وفي آيات عديدة وذكر أن من ثمراتها ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ولذا لما سُئِل الإمام (عليه السلام) عن كيفية التعرف على أن الصلاة مقبولة فأجاب (عليه السلام) : إنها مقبولة بمقدار نهيها لك عن الفحشاء والمنكر.
وكان النبي (صلى الله عليه واله) ينتظر بشوق وقت الصلاة ليخلو بربّه وينادي مؤذنه بلال : أرحنا يا بلال.
هذه هي الصلاة باختصار في عظيم أثرها على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.
كتاب الصلاة
وفيه مقاصد
المقصد الأول
اعداد الفرائض ونوافلها ومواقيتها وجملة من أحكامها
وفيه فصول:
الفصل الأول : في أعداد الفرائض والنوافل
الصلوات الواجبة في أصل الشريعة إجمالاً سبع : اليومية، وتندرج فيها صلاة الجمعة فإنها واجبة تعييناً، إلا إذا وُجد مانع كالخوف على تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى، فإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر. وصلاة الطواف والآيات والأموات وما التزم بنذر ونحوه أو إجارة، وصلاة العيدين، وقضاء ما فات عن الوالد بالنسبة إلى الولد الأكبر.
أما اليومية فخمس: الصبح ركعتان والظهر أربع والعصر أربع والمغرب ثلاث والعشاء أربع.
وفي السفر والخوف تقصر الرباعية فتكون ركعتان.
وأمّا النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية: ثمان ركعات للظهر قبلها وثمان للعصر قبلها، فتقع بين الفريضتين. وأربع للمغرب بعدها. وركعتان من جلوس تعدان بركعة للعشاء بعدها. وثمان ركعات صلاة الليل وركعتا الشفع والوتر بعدها. وركعتا الفجر أو نافلة الصبح قبل الفريضة. وفي يوم الجمعة يزاد على الست عشرة وهي نوافل الظهرين أربع ركعات قبل الزوال.
(مسألة 594) يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، مع الإتيان بأي مجموعة منها كاملة. كما يجوز الاقتصار في نوافل الظهرين على أربع ركعات لكل منهما. كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصة، وفي نافلة المغرب على ركعتين.
(مسألة 595) يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال الجلوس اختياراً، لكن الأفضل شرعاً حينئذ عد كل ركعتين بركعة فيصلي – مثلاً – نافلة الصبح مرتين كل مرة ركعتين من جلوس والأحوط في هذه الزيادة في الشفع والوتر قصد الرجاء.
(مسألة 596) يجوز الإتيان بالنوافل في حال المشي إيماء بالرأس والأحوط أن يستقبل القبلة في مشيه وإن لم يمكن فبتكبيرة الإحرام. ولا يجزي الإيماء مع ثبات المكان لا قياماً ولا جلوساً إلا مع الاضطرار.
(مسألة 597) الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها بنص القرآن الكريم هي صلاة الظهر.
(مسألة 598) اعداد ركعات الفرائض حضراً سبع عشرة ركعة، وسفراً احدى عشرة. وعدد ركعات النوافل ضعف ما في الحضر أربع وثلاثون ركعة، فيكون المجموع أحدى وخمسين ركعة. والالتزام بها أحدى علامات المؤمن – كما في الخبر – ويسقط من النوافل في السفر ست عشر ركعة هي نوافل الظهرين. فيبقى منها ثمان عشرة، ويحتمل سقوط ما عدا صلاة الليل، ومعه فالاحوط الإتيان بالباقي بقصد رجاء المطلوبية سفراً، وهي نوافل الصبح والمغرب والعشاء.
الفصل الثاني : أوقات الفرائض والنوافل
وقت الظهرين من زوال الشمس إلى غروبها. وتختص الظهر من أوله بمقدار أدائها والعصر من آخره كذلك، وما بينهما من الوقت مشترك بينهما.
ووقت العشائين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، وتختص المغرب من أوله بمقدار أدائها والعشاء من آخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما أيضا. وأما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما إلى الفجر الصادق، وتختص العشاء من آخره بمقدارها، والأحوط وجوبا للعامد المبادرة إليهما بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر بنية ما في الذمة، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.
(مسألة 599) الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحاً وجلاء. وقبله الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل من الأفق صاعداً إلى السماء كالعمود. ولا اعتبار له شرعاً. ويعتمد اليوم في تحديده على جداول الأوقات التي يحصل الاطمئنان بصحتها.
(مسألة 600) الزوال هو خروج قرص الشمس عن دائرة نصف النهار الوهمية، وهو الوقت المنتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها. مع احتساب برهة يسيرة لحصول الزوال. ويعرف بالبدء بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه أو حدوث ظله بعد انعدامه.
(مسألة 601) يراعى الاحتياط في نصف الليل بين تحديدين (الأول) منتصف الوقت بين غروب الشمس والفجر (الثاني) منتصف الوقت بين غروب الشمس وطلوعها، ومقتضى الاحتياط اعتبار الأول في انتهاء وقت العشائين واعتبار الثاني لابتداء وقت صلاة الليل.
ويعرف الغروب بسقوط القرص. والأحوط لزوماً تأخير صلاة المغرب إلى ذهاب الحمرة المشرقية. والأحوط استحباباً تأخيرها إلى زوال الحمرة عن سمت الرأس باتجاه المغرب.
(مسألة 602) المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمداً من دون أداء الظهر قبلها على وجه صحيح، وأمّا إذا وقعت سهواً صحت وإن كان الأحوط الإعادة. ولو التفت خلال الصلاة نواها ظهراً وصلى العصر بعدها. وإن التفت بعد الصلاة صلى الظهر بعدها. والأحوط استحباباً أن يجعلها ظهراً ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر والعصر.
(مسألة 603) إذا صلى العصر في الوقت المشترك سهواً وتذكر خلال الصلاة نقل النية الظهر. وان التفت بعد الصلاة صلى الظهر.
(مسألة 604) إذا صلى العصر في الوقت المشترك سهواً ودخل الوقت المختص بالعصر خلال الصلاة. فان التفت خلال الصلاة نقل النية إلى الظهر وصلى العصر بعدها. وصحت إذا أدرك ركعة من الصلاة في الوقت فأكثر. وإن لم يدركها أتم العصر وقضى الظهر. وإن التفت بعد الصلاة فالاحوط أن يبدأ صلاة بما في الذمة من الظهر والعصر. ويقضي الظهر بعد الوقت.
(مسألة 605) الكلام في العشائين ما قلناه في الظهرين في المسائل الثلاثة السابقة. مع الالتفات إلى أن الوقت المختص للعشاء قبل نصف الليل للمختار وقبل الفجر للمضطر. فيؤخذ ذلك بنظر الاعتبار بنية الأداء وبالرجاء والقضاء على الأحوط استحباباً.
(مسألة 606) وقت فضيلة الظهر ما بين الزوال وبلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص، ووقت فضيلة العصر ما بين الزوال وبلوغ الظل الحادث مثليه، والأفضل أن يمتد وقت الظهر مع نافلتها إلى سبعي الشاخص وصلاة العصر مع نافلتها من بلوغ الظل سبعي الشاخص إلى ستة أسباعه والأفضل إلى أربعة أسباعه، وقد أصدرنا جداول لمواقيت الصلاة تتضمن كل هذه التحديدات.
(مسألة 607) وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية, وهو أول فضيلة العشاء ويمتد إلى ثلث الليل. ووقت فضيلة الصبح من الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقية والغلس بها أول الفجر أفضل كما إن تعجيل جميع الصلوات في أول أوقات الفضيلة أفضل.
(مسألة 608) وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر وقت إجزاء الفريضتين، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص.
(مسألة 609) وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة، وإن كان الأولى تقديم فريضة العشاء بعد ذهاب الحمرة المغربية، ويمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها وتتأخر نافلة الصبح عن الفريضة عند ظهور الحمرة المشرقية
(مسألة 610) إن أُخرت نافلة الصبح والظهرين والمغرب عن صلواتها نويت رجاءاً، أما تقديم نافلة العشاء عن صلاتها فغير مشروع.
(مسألة 611) الوقت الأفضل لنافلة الليل هو السحر وهو السدس الأخير من الليل، والظاهر كفاية أن يكون هو الثلث الأخير بل هو النصف الثاني أيضا. ويجوز الإتيان بنافلة الفجر بعدها أو دسها خلالها. وكلما كانت نافلة الليل اقرب إلى الفجر كانت أفضل. وأمّا إذا بزغ الفجر وقد انتهى المصلي من أربع ركعات منها، أتمها وزاحم بها الفريضة. بخلاف ما لو كان اقل من أربعة فإن الشروع بنافلة الفجر وفريضته هو الأفضل ويأتي بالباقي بعدها ولو نهاراً.
(مسألة 612) يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة، بل في غيره إذا علم انه يشتغل عنها بشاغل فيجعلها في صدر النهار، وكذا يجوز تقديم صلاة الليل على منتصفه للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرّها، أو صعب عليه فعلها في وقتها، وكذا الشاب وغيره ممن يخاف فوتها إذا أخرّها لغلبة النوم، أو طروّ الاحتلام أو غير ذلك.
الفصل الثالث : أحكام الأوقات
(مسألة 613) إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة الاختيارية، ولم يُصَلَّ ثم طرأ أحد الأعذار المانعة عن التكليف وجب القضاء. وإلا لم يجب.
(مسألة 614) إذا ارتفع العذر في آخر الوقت من حيض أو جنون أو غيرهما، فإن وسع الصلاتين مع الطهارة الاختيارية وجبتا جميعاً. وكذا إن وسع احدهما وركعة من الأخرى. وليختر الطهارة المائية في هذه الصورة. ولكن لو لم يدرك ذلك إلا بالطهارة الترابية تعينت. ولو لم يبق وقت إلا للصلاة الثانية قدمها مع الطهارة الترابية ما دامت ركعة منها أو أكثر تقع داخل الوقت, وإلا لم يجب شيء, ومع الشك في ضيق الوقت يمكنه البناء على سعته.
(مسألة 615) لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت, ولا تجزي إلا مع العلم به أو قيام البينة, ويكفي الاطمئنان بل الوثوق, كما يكفي اذان الثقة العارف بل مطلق أخباره. فإن شك في دخول الوقت فالواجب التأخير إلى أن يحصل العلم أو الوثوق به.
(مسألة 616) إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فَصَلّى ثم تبين أنها وقعت كلها قبل الوقت أو دخل منها في الوقت اقل من ركعة, بطلت ووجبت إعادتها. وأمّا إذا دخل منها في الوقت ركعة فأكثر صحت. ونحو ذلك لو دخل في الصلاة قبل الوقت لغفلة أو رجاء دخول الوقت. وأمّا لو التفت خلال الصلاة إلى عدم دخول الوقت أو إلى دخوله ولم يؤد فيه ركعة, بل مطلقاً على الأحوط, بطلت صلاته وعليه إعادتها.
(مسألة 617) يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر, وكذا بين العشائين بتقديم المغرب, وإذا عكس عمداً أعاد. سواء كان في الوقت المشترك أو في احد الوقتين المختصين. وإذا كان التقديم سهواً في الوقت المشترك لم يعد. وأما في المختص ففيه تفصيل تقدم في (مسألة 601) وما بعدها والجاهل الجازم بالحكم في نظره كالساهي وإن كان عن تقصير, والجاهل المتردد في الحكم كالعامد على الأحوط.
(مسألة 618) يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة من الأدائيتين المرتبتين, في غير الوقت المختص الأخير. كما إذا قدم العصر أو العشاء سهواً وذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر أو المغرب. ولا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة. كما إذا صلى الظهر أو المغرب, وفي الأثناء ذكر انه قد صلاهما, فانه لا يجوز له العدول إلى العصر أو العشاء.
(مسألة 619) إنما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة, وإلا بطلت على الأحوط ولزم استينافها.
(مسألة 620) يجوز تقديم الصلاة في أول وقتها لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر ولو بالاطمئنان أو الوثوق. بل مع رجائه أيضاً لكن بنية الرجاء على الأحوط. وإذا ارتفع العذر بعد الوقت لم يجب القضاء بلا إشكال, وأمّا إذا ارتفع في الوقت فان كان عذره واقعياً كدم الجروح والقروح والأقل من الدرهم لم تجب الإعادة, وإن كان عذره لعنوان ثانوي كالنجاسة الاضطرارية والطهارة الترابية والتقية وجبت الإعادة على الأحوط.
(مسألة 621) الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه فريضة أدائية أو قضائية ما لم تتضيق. لكنه مرجوح على أي حال.
(مسألة 622) إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجبت عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد مع مقدماتها الواجبة, ولو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في أثناء الصلاة أو بعدها, فالأقوى كفايتها وعدم وجوب الإعادة, وان كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين. ولو التفت خلال الصلاة إلى بلوغه فالاحوط له نقل النية من الاستحباب إلى الوجوب.
المقصد الثاني : القبلة
يجب الاستقبال الإجمالي للحيز أو المكان الذي تقع فيه الكعبة الشريفة ويتحقق الاستقبال بالتوجه نحو الكعبة إن أمكن تعيينها, وإلا فالاستقبال العرفي إلى جهتها. ويمتد بالتعبد الشرعي من تخوم الأرض إلى عنان السماء. يعني في المجال الذي يمكن أن يكون مسكوناً للبشر في باطن الأرض أو في الجو, وأمّا امتداده أكثر من ذلك فمحل اشكال وخاصة من جانب العلو خارج جو الأرض.
(مسألة 623) إنما يجب استقبال الكعبة لا أكثر. وإذا عرف الفرد دقة الاستقبال جاز له الانحراف بمقدار شبر عن موضع سجوده يميناً ويساراً اختيارا, فضلاً عن الاضطرار أو الغفلة أو الجهل بل معهما تكون أوسع من ذلك. بل تصل إلى ما بين اليمين والشمال كما سيأتي.
(مسألة 624) يجب الاستقبال بخط مستقيم, ويجب اختيار اقرب الخطوط على سطح الأرض. ويتخير في الجهة المقابلة للكعبة من الأرض, في التوجه إلى أي جهة شاء. كما يتخير ذلك لو صلى داخل الكعبة أو على سطحها. ولكن يجب عليه في السطح أن يضع قسماً من حيزها أمامه. فيؤخر محل سجوده عن الحافة ولو قليلاً. إلا إذا استقبل جانب الشاذروان فانه بنفسه قبله لأنه من الكعبة الشريفة. فله أن يسجد على الحافة.
(مسألة 625) يجب الاستقبال في جميع الفرائض اليومية وتوابعها من صلاة الاحتياط والأجزاء المنسية بل سجود السهو على الأحوط وجوباً. وكذلك النوافل إذا صليت حال الاستقرار على الأحوط. وأمّا إذا صليت حال المشي أو الركوب بواسطة نقل غير مستقرة فلا يجب الاستقبال وان كان الأحوط الاستقبال بتكبيرة الإحرام وكذا النوافل المنذورة.
(مسألة 626) من صلى الفريضة بواسطة نقل متنقلة, فان كان مستقبلاً خلال صلاته فلا إشكال. وإن انحرفت, فان أمكنه الانحراف إلى القبلة فوراً وجب, وإن لم يمكنه أشكلت الصلاة في هذه الواسطة إلا مع ضيق الوقت أو استيعابها له مع الاضطرار. فلو اضطر سقط وجوب الاستقبال. ومع عدم الاضطرار يتعين أداء الصلاة قبل السفر أو بعده.
(مسألة 627) يجب الاستقبال مضافاً إلى الصلاة في الذبح والنحر والاحتضار والدفن, كما هو مشروح في محله. ويحرم الاستقبال والاستدبار في التخلي. ويستحب الاستقبال خلال بعض الطاعات كقراءة القرآن والأدعية بل في مطلق الجلوس فان خير المجالس ما استقبل به القبلة. والقبلة قي كل هذه الموارد واحدة وهي الجهة ولا تجب الدقة.
(مسألة 628) يجب العلم بالتوجه إلى القبلة, وتقوم مقامه البينة بل وإخبار الثقة. بل وأخبار ذي اليد حتى لو كان غاصباً أو بحكمه على وجه وجيه. وكذا يجوز الاعتماد على قبلة بلد المسلمين في صلواتهم وقبورهم ومحاريبهم, بل مطلق ما قلناه في المسألة السابقة, إذا لم يعلم بناؤها على الغلط أو يطمئن أو يثق بالغلط. والمراد بالغلط انحرافها عن جهة القبلة لا الدقة.
(مسألة 629) إذا تعذرت الحجة الشرعية على القبلة مما سبق, يجب أن يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها, ويعمل على ما تحصل له ولو كان ظناً. مع عدم الامل في الحصول الزائد عن الظن أو ضيق الوقت عنه. ومع تعذره يكتفي بالجهة التقريبية. ومع الجهل وسعة الوقت يصلي إلى ثلاث جهات بينها زاوية (120 درجة) على الأحوط كل منها بقصد الرجاء. وإلا صلى بقدر ما وسع والأحوط هنا اختيار الجهات الأكثر استيعاباً. ومع ضيق الوقت يصلي إلى أي جهة شاء وإذا علم عدمها ولو بالاطمئنان أو الوثوق, اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخرى.
(مسألة 630) من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة, أو صلى إليها غفلة باعتبار أنها القبلة, ثم تبين بعد الصلاة خطأه. فان كان منحرفاً إلى ما بين اليمين والشمال صحت صلاته. وإذا التفت في الأثناء إلى ذلك مضى ما سبق واستقبل في الباقي. من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه, ولا بين المتيقن والظان والناسي والغافل. ومن قامت لديه الحجة الشرعية وغيره. نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم لزمته الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه على الأحوط استحباباً. وأما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين والشمال, ولو إلى اليمين والشمال نفسيهما, أعاد في الوقت, سواء كان التفاته أثناء الصلاة أو بعدها ولا يجب القضاء إذا التفت خارج الوقت وان كان الأحوط وخاصة للمستدبر.