درر رمضانية
درر رمضانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): ( (إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)). وسوف ننطلق بعون الله فيلا هذه الأيام والساعات المباركة لهذا الشهر الشريف خصوصاً ونحن نعيش ليلي القدر المباركة لنخلق في أجواء الكتاب والعترة في سلسلة تأملات ووقفات ممكن أن تكون مفاتيح لبحوث ودراسات نسأله تعالى بحقهما عنده أن لا يحمنا شفاعتهما في الدنيا والآخرة إنه نعم المجيب.
مع كتاب الله تبارك وتعالى
ـ أمير المؤمنين (ع): ( وإن الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن فإنه (حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم ).
ـ السيد قطب(رحمه الله) في ظلاله: (الحياة في ظلال القرآن نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها، والعيش في ظلاله يعطي التصور الكامل الشامل النظيف للوجود ولغايته وغاية الوجود الإنساني ) (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ )(الأنبياء16)( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ )(المؤمنون115).
ـ يعطي الإحساس بالتناسق بين حركة الإنسان كما يريدها الله تعالى وحركة هذا الكون المبدع مقارنته بالتخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة وبين فطرتها التي فطرها الله تعالى عليها.
ـ من هنا سنحاول تلمّس هذه السنن الكونية التي لا تتبدل( لا تبديل لكلمات الله )( يونس: من الآية64) بالتأمل والتدبّر في الآيات القرآنية أثناء قراءتنا القرآن باعتباره هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وأنه الدليل على لسان التكوين الذي ينطق به الكون(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)(ص:29).
ـ فهذه دعوة للتدبّر يا أعزائي في آيات الله البينات.( اللهم اشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله (ص) وكلامك الناطق على لسان نبيك جعلته هادياً منك إلى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة وقراءتي فيه فكراً وفكري فيه اعتباراً، واجعلني ممن اتعظ بيان مواعظك فيه واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها، بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه أخذا بشرايع دينك ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذراً إنك أنت الرؤوف الرحيم)).
قانون النصر الإلهي
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)(محمد7) (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج40).
فإن الله تبارك وتعالى خالق هذا الكون ومقنن القوانين وبيده مقاليد السماء والأرض فإن النصر الإلهي معلول ومتوقف على نصرتنا لله تبارك وتعالى.
ـ ومن الآية الاولى يمكن استفادة شرطين لتحقق نزول هذا النصر. الأول: الإيمان.والثاني: نصرتنا لله تبارك وتعالى.
ـ وعليه فينبغي توفير هذين الشرطين لنستحق نزول النصر علينا، فهل نحن مؤمنون أولاً فلا يكفي اعتقادي بأني مؤمن فللإيمان شروط وعلامات ذكرها القرآن والعترة ينبغي التوفر عليها وإلا فالإنسان يخادع نفسه.
وفي هذا السياق الآية38 من سورة الحج(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا )، فيكفي للفرد أن يحقق موضوع القضيةـ إني مؤمن ـ ليأتي جواب هذا القانون الكوني: إن خالق هذا الكون وجبار السماوات والأرض يدافع عنك.
ـ وهنا يمكن الاستفادة من مجموع الآيات أن التوفر على الشرط الأول يحقق استحقاقا الدفاع من الله تبارك وتعالى عن المؤمنين ثم من التوفر على الشرط الثاني يحقق استحقاق النصر الإلهي، وكأن الباري تعالى يقول: إذا نصرتم الله ليس فقط تستحقون دفاعي عنكم بل إضافة إلى ذلك تستحقون النصر على الأعداء.
فهذه دعوة للتساؤل أولاً: هل أنا مؤمن ؟ وثانياً: هل أني نصرت الله تبارك وتعالى؟ وينبغي البحث عن الجواب من خلال التأمل والتدبر في الآيات أثناء تلاوتنا للقرآن.
مع العترة الطاهرة
وردت في بعض فقرات أدعية أهل بيت العصمة(ع) مضامين يمكن الاستفادة منها بهذا الاتجاه وهو السنن الكونية.
ـ ورد في بعض أدعية ليلة الجمعة: ( يا عظيم يا عظيم لا يرد غضبك إلا حلمك ولا ينجي من سخطك إلا التضرع إليك...).
ـ فإن قانون نزول الغضب الإلهي لا يمنعه ولا يردّه إلا حلمه تبارك وتعالى وكذلك قانون نزول السخط الإلهي ـ والذي صوره كثيرة بالتدبّر في أحوال الناس والأمم والكوارث والبلاءات وغيرهاـ لا يردّه ويمنعه وينجّي منه إلا التضرع والتوسل والدعاء إلى الله تبارك وتعالى.
ـ ورد في دعاء أبي حمزة: ( الهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي فقد جعلت الإقرار بالذنب إليك وسائل عللي) وهنا يمكن الالتفات إلى قانون تحصيل القرب من الله تبارك وتعالى وهما: الأعمال الصالحة وأثرها في بناء الشخصية والسمو في مدارج الكمال والثاني هو الإقرار بالذنوب بين يدي الله تعالى بل الثاني أكثر وانفع (وسائل عللي) لأنه قد تكون هناك أعمال صالحة ولكنها ليست خالصة لوجهه الكريم (لم يقربني منك عملي) فلا املك