تحية العيد
تحية العيد([1])
تقبّل الله منك الصوم والعَمَلا
هو اجتباك لكي تُعلي رسالته
فأنت آيته بالعلم قد سطعت
وأنت وارثُ مجدٍ نلتَهُ شرفاً
شهرُ الصيام مضى والخيرُ يتبعُه
يُهنيكَ أنّك ممن نال رحمتَهُ
تشتاقَهُ كُلُّ يومٍ إذ تودّعه
وها هو العيدُ وافانا بطلعتِكم
وحسبُكُم أننا دوماً نلوذُ بكم
مُجاهدٌ تحمل الأعباءَ عن وطنٍ
((وصاحبُ البيت أدرى من سِواه به
شيخَ الفضيلةِ لا جفت بحوركُمُ
أرى الكرام إلى ناديك قد وَفَدوا
كالغيث منهملاً في كل مُجدبةٍ
لا تطلب الأجر إلا منه محتسباً
فليس عُجباً إذا ما بات حاسدُكُم
ولن يضُرَّ أخا المعروف شانِئَهُ
بالعلم والحلم تُطفي كلَّ غائلةٍ
فيا ابن موسى وحقٌ فيكَ مُفتَخري
وأنت أكبرُ من مدحٍ وان حسُنت
لأنكَ المرجعُ المُثلى خلائقُهُ
فضائلٌ لرسول اللهِ مصدرُها
أخذت ترشِفُها من منهلٍ عذبٍ
لقد عرفناك سبّاقاً لها قُدُماً
أحَبَّكَ القلبُ لمّا أن رآكَ لـَهُ
لذاكَ صدرُ الهدى آخاكَ في زمنٍ
فكُنت ذاك الذي قد عاشَ محنتَهُ
وكُنتَ للصدر رأياً ثاقباً أبداً
من راح يُتحفُكُم من فيضِ حكمتِهِ
((أدناكَ منهُ وقال ابشر فأنتَ لها
هو الشهيد شهيدُ الحق عانَقَهُ
لمّا يزل خالداً ذكراهُ عاطرةٌ
حَسبُ ((القناديلِ))[2] منكُم حينَ يوقدُها
((الله قيَّضه للناس يرشهدهم
لهُ القوافي أُزكّيها واحملُها
أُعيدُ من (جعفرٍ) أسنى مدائحَهُ
أنا الأمير إذا جاشت عواطفُهُ
متيمٌ بأباة الضيم خافقُهُ
شيخَ الفَضيلةِ خُذها يا أخا ثقتي
وافتكَ في العيد يحدوها الولاءُ ولم
أطفئت حر الجوى مُذ جئتُ حضرتَكُم
فقد سبقتَ إلى المعروف من زمنٍ
((وطبعُكَ الجودُ والجَدوى جِبلتُهُ
فلتسلمنَّ لنا ذُخراً ومفخرةً
وليقبل الله صوماً إذ تصاحبَهُ
وكُلُّ عامٍ بك الأعياد مُشرقةٌ
وزاد شأنك إذ أصبحت مبتهلا
بين الأنام بما قد أيد الرُسُلا
تَهدي بأنوارها للحق من جَهِلا
(لآل يعقوب) تعليه لهم جبلا
طوبى لمن صامَهُ فرضاً وما كـَسِلا
وراح مُستبشرا في صومِهِ جَذِلا
ولم يزل حبلكم بالله متصلا
فكان عيدين بالإيمانِ قد كـَمُلا
حصناً حصيناً به نستشرفُ الأملا
كادَ العدوُ بهِ أن يزرعْ الشَللا
وحاملُ العبء يدري ثقل ما حملا))
فالجود طبعُكُمُ لم يعرف الوَشَلا
لَمّا رأوك لما يرجونهُ مَثَلا
لله غيثُكَ أنّى سحَّ أو هَطَلا
خير الثوابِ وكم عبدّتها سُبُلا
يُغري الأنام وفيكم يُكثر الجَدلا
وان بدا قولَهُ في ذمّهِ سُهُلا
فطالما الحلمُ للأشرارِ قد قتلا
لذا نثرتُ على أعتابكَ الجُملا
فيهِ المعاني ولم نشهد به خطِلا
بكلّ قلبٍ من الأحرارِ قد نَزَلا
شرعٌ حنيفٌ تُداوي النفسَ والعِللا
طوبى لمن مرةً من نبعِها نَهَلا
إذا تباطئَ زيدٌ جئتها عجلا
شيخاً مُصيباً تَحاشى خَطوَهُ الزَلَلا
طغى به الظلمُ كي ما ينشُرُ الوَجَلا
أخاً وفيّاً تسامى شخصَهُ نُبُلا
مُستبسلاً لا تُجافي نهجَهُ بَطَلا
مواهباً زانَ فيها القولَ والعَمَلا
وصاغَ في جيدِكُم للخلقِ عقدُ وِلا
روحُ (الحسين) بما أعطى وما بذلا
تُذكي النَسائِمَ، نجماً منه ما أفِلا
أخو الوفاء لتعلوا في السَما شُعَلا
حاشا الإلهُ بأن يُبقي الورى هُمَلا))
على الوفاء ولن أُصغي لمن عَذِلا
ولم أكن لجميل الشعر منتَحِلا
تلقاهُ كالسيلِ إمّا يُنشدُ الغَزَلا
لا يعرفُ الزيفَ والتدليسَ والدَجلا
عواطفاً لم اكن فيها كمن بخِلا
تجد لمقصدها عن شخصكم بَدَلا
وعدتُ من حُبّكم في صحوتي ثمِلا
وكان وصلُكَ يُحيي كلَّ من وصلا
فلا يُلام على ما فيهِ قد جُبِلا
تهدي الفضيلةَ فِكراً منكَ مُكتمِلا
تقوىً جَعلتَ بها الشيطانَ مُنخَذلا
يا من إذا قال قولاً للملا فعلا
عبد الأمير جمال الدين
في الأول من شوال 1429
النجف الأشرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1] ) قصيدة ألقاها السيد عبد الامير جمال الدين في محضر سماحة آية الله الشيخ اليعقوبي (دام ظله الوارف) بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك في 2 / شوال / 1429هـ.
([2] ) إشارة إلى كتاب سماحة الشيخ( قناديل العارفين) وذكرياته مع السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قده).