خطاب المرحلة (165)كيف ينجح إمام الجمعة في أداء وظيفته
بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب المرحلة /165
كيف ينجح إمام الجمعة في أداء وظيفته (1)
يشعر أئمة الجمعة المباركة أن إقبال الناس على الشعيرة المباركة قد ضعُف ولم يعودوا يتحمسون لها كما كانوا في زمان السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) وأنها فقدت الكثير من قوة التأثير.
وقد تحدّثنا عن هذه الحالة في أكثر من مناسبة سابقة وشخصّنا جملة من أسبابها، ونشير هنا إلى عدد من العوامل التي تنجح أداء إمام الجمعة بلطف الله تبارك وتعالى وبعضها يعود إلى الناس وبعضها يعود إليه.
1- التذكير بين فترة وأخرى بالأحاديث الشريفة الدالة على فضل صلاة الجمعة وثواب من يحضر إليها بحيث يقال لمؤديها ارجع مغفوراً لك، وأنّه ما من قدمٍ سعت إلى الجمعة إلا وحرّمها الله تبارك وتعالى على النار وغيرها كثير مع ما دل على وجوب الحضور إليها وأنها ليست نزهة أو سفرة اختيارية حتى يتخلف عنها المسلم برغبته وإنما هي فريضة يعاقب تاركها بالنار ولا يعذر المكلف بهذه الأعذار الواهية التي نسمعها كعدم حسن إلقاء الخطيب أو عدم ثورية خطابه ونحوها.
2- أن يكون إمام الجمعة قريباً من الجميع على مسافة واحدة فلا ينحاز إلى أحد أو فئة وليشعر الجميع أنهم سواء عنده وإذا أحسَّ من أحدٍ أنه يشعر بداّلةٍ عليه فليبعده وليعّرفه انه ليس اقرب من غيره ويمنع وجود الحواشي المقربين حوله فإنهم حجاب بينه وبين الناس وينفّرون الآخرين منه.
3- أن يترفع إمام الجمعة عن الخوض في الدنيا حتى المحلل منها إذا كان منافياً للمروءة كما عبّرت الكتب الفقهية فان الخوض مع الخائضين يذهب بهيبته وانقياد الناس إليه. وعليه أن يعرف قدسية الموقع الذي تصدى إليه بحيث يصفه الإمام السجاد (عليه السلام) في دعائه ( اللهم إن هذا مقام خلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها).
4- أن يتابع شؤون المجتمع ومجمل القضايا التي تحيط به ويناقشها ويوجّه الأمة بالاتجاه الصحيح إزائها حتى يشعر الناس بالحاجة إلى منبره لأنه سيكون البلسم الذي يشفي جراحهم والأمل الذي يمدّهم بالحياة والنور الذي يضيء لهم درب الهداية والإصلاح وهذا يتطلب منه التواصل مع مرجعيته وفهم خطاباتها وأحاديثها ويتعلم منها متابعتها للأحداث وبيان المواقف منها، وبذلك يعطي لمنبر الجمعة حيوية وديناميكية تشد المستمعين إليه وتجعلهم لا يستطيعون التخلف عنه.
5- أن يتميز خطاب الجمعة بالتنوع لان أذواق الحاضرين شتى وتوجهاتهم مختلفة ورغباتهم متنوعة فلا يجعل نفسه حبيساً لمنهج واحد ومضمون ثابت، فإذا تنوعت المادة التي يضّمنها خطبه فانه سيلبّي حاجة الجميع ولا يشعر أحدهم بالملل والرتابة بل يحس الحاضرون أنهم يحصلون على بغيتهم وعلى الجديد في كل خطبة.
6- إذا تطرقتم للنقد وبيان الاستياء من حالة معينة فاجعلوا حديثكم منصباً على تلك الحالة لا على الأشخاص لكي لا يُصَّور النقد على انه مشكلة شخصية ونحن لا مشكلة لنا مع الأشخاص بل مع الحالات السيئة فننتقدها وندعو إلى إصلاحها أما الايجابية فنشيد بها وندعهما ونكرّمها، أما توجيه النقد مباشرة إلى الأشخاص فانه يعطي فرصة لخلط الأوراق على الناس وتقليل تأثير النقد بتحويلها إلى عداء شخصي.
7- أن يقرن الواعظ العلم بالعمل فيطبق ما يدعو إليه ويجتنب عما نهى عنه ويعكس في سلوكه التعاليم السامية للإسلام العظيم بكل ما يزخر به من مبادئ إنسانية عليا، وفي هذا الصدد ورد عن أمير المؤمنين (ما أمرتكم بطاعة إلا كنت أول من يقوم بها، ولا نهيتكم عن معصية إلا كنت أول من يجتنبها).
8- أن تتوفر في الإمام كل الصفات والملكات التي ينبغي توفّرها فيه وقد أشرنا إليها في كتاب (وصايا ونصائح إلى الخطباء وطلبة الحوزة العلمية) وغيره.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) من حديث سماحة الشيخ مع ثلة من أئمة الجمعات بمناسبة الذكرى العاشرة لإقامة أول صلاة جمعة في زمن السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) والتي تزامنت مع ذكرى ميلاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء في العشرين من جمادي الثاني عام 1428.