المقصد الثاني : في غسل الحيض

| |عدد القراءات : 12897
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

المقصد الثاني

في غسل الحيض

وفيه فصول:

الفصل الاول

في سببه

الدم الذي تراه المرأة على أنواع ولها أحكام:

الأول: الحيض وما يعرف بالدورة الشهرية حيث يقذف الرحم البيضة التي تنزل إليه واحدة شهرياً إذا لم تصادف تخصيباً بالحيمن الذكري ويقذف معها بعض الأنسجة والمواد المعدة لتغذي البيضة المخصبة.

الثاني: دم البكارة الذي يخرج بسبب افتضاض غشاء البكارة.

الثالث: دم النفاس الذي يقترن خروجه بالولادة.

الرابع: دم الجروح والقروح التي تصيب ذلك الجزء من البدن.

الخامس: دم الاستحاضة الذي يخرج بسبب أعراض مرضية تصيب الرحم ونحوه مما لا يندرج في الأقسام المتقدمة.

والدم الثاني والرابع لا يوجب غسلاً وإنّما يجب تطهير موضع النجاسة بالماء أمّا الثلاثة الباقية فهي من الحدث الأكبر وتوجب الغسل وسنفرد لكل واحدٍ منها مقصداً مستقلاً.

وسبب غسل الحيض خروج دم الحيض الذي تراه المرأة البالغة والمعتاد قذفه في دورة شهرية، ولا يتحقق الحيض إلا بخروج الدم من الفرج فلو انصبّ الدم من الرحم إلى فضاء الفرج لكنه لم يخرج لم يجرِ عليه حكم الحيض، ولكن إن خرج ولو جزء قليل منه أو أخرج بقطنة ونحوها جرى عليه حكم الحيض وإن انقطع خروجه بعد ذلك وظلّ في فضاء الفرج.

ولدم الحيض صفات تميزه فهو غالباً يكون أسود أو أحمر حاراً يخرج بدفق وحرقة، بخلاف دم الاستحاضة فإنّه لا تتوفر فيه هذه الصفات ويكون لونه أصفر، ومتى رأت المرأة دماً بصفات الحيض فلها أن تعتبره حيضاً (مع مراعاة الشروط العامة للحيض الآتية)، وتترك الصلاة والصوم وتبقى متابعة لحالها إلى ثلاثة أيام فإن استمر على هذا الحال طيلة هذه المدة فهو حيض، وإن لم يحتفظ بالصفات كما لو خفّ لونه وأصبح أصفر فليس بحيض وإنّما استحاضة وعليها قضاء الصلاة والصوم.

(مسألة 229) : إذا افتُضت البكر فسال دم كثير وشك في أنّه من دم الحيض أو من دم العذرة أو منهما، أدخلت القطنة وتركتها مليّاً، ثم أخرجتها إخراجاً رفيقاً، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض، ولا يصح عملها بقصد الأمر الجزمي بدون ذلك ظاهراً، إلا أن تعلم بمصادفته للواقع.

(مسألة 230) : إذا تعذر الاختبار السابق لسبب من الأسباب فالأقوى الاعتبار بحالها السابق من حيض وعدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة، جاز بناؤها على الطهارة وإن كان الأحوط لها استحباباً الجمع بين أعمال الطاهرة وتروك الحائض فتصلّي وتصوم ولا تمكث في المساجد ولا تمس كتابة القرآن ولا يقربها زوجها وهكذا، ويكون الاحتياط وجوبياً إذا كان احتمال التحيض معتداً به بحسب حالها المعتاد. 

 

الفصل الثاني

في تعييـن زمان الحيض

كل دم تراه الصبيّة قبل إكمالها تسع سنين قمرية ولو بلحظة لا تترتب عليه أحكام الحيض، نعم، قد تكون رؤيتها هذه علامة اطمئنانية على أنّها قد أكملت تسع سنين، على أساس أن البنت لا ترى دم حيض عادة إلا  بعد إكمال التاسعة.

وكذا المرأة إذا وصلت سن اليأس ورأت دماً لم تعتبره حيضاً، إلا إذا لم تعلم أنّها بلغت سن اليأس، كما إذا لم تضبط عمرها بالدقة فتعتبره حيضاً، ولا عمر محدد لسن اليأس، فإنّه متغيّر تبعاً لعدة عوامل كمحل سكن المرأة من مناطق الكرة الأرضية الحارة أو الباردة أو المعتدلة، وممارستها لعملية الإنجاب وعدد مرّاتها، لكن المعدل الطبيعي لسن اليأس هو بين (50 -60) سنة من دون فرق بين القرشية وغيرها.

ويمكن التعرف على حصول سن اليأس أحياناً بعلامات نفسية وجسدية، وإذا لم يتحقق العلم بحصول سن اليأس ورأت دماً قبل بلوغها ستين سنة فتعتبره حيضاً إذا كان كالذي تراه أيام عادتها، وإذا رأت دماً بعد إكمالها ستين سنة لم تعتبره حيضاً.

(مسألة 231) : في الغالب إنّ المرأة الحامل لا تأتيها الدورة الشهرية لانتفاء سببها المتقدم ولكن قد يتحقق الحيض عند الحامل نادراً سواء قبل ظهور الحمل أو بعده، فإذا رأت المرأة الحامل دماً وكانت واثقة ومطمئنة بأنه دم حيض عملت ما تعمله الحائض، وإن لم تكن مطمئنة بذلك فإن كان الدم في أيام العادة أو قريباً منها بيوم أو يومين وكان بصفة الحيض اعتبرته حيضاً، وإن لم يكن في أيام العادة ولا بصفة الحيض اعتبرته استحاضة.

وإن كان في أيام العادة ولم يكن بصفة الحيض، أو كان بصفة الحيض ولم يكن في أيام العادة، فعليها الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

 

الفصل الثالث

في أقل الحيض وأكثره

أقل مدة يمكن أن نعتبر الدم الخارج فيها حيضاً هي ثلاثة أيام، ويراد باليوم الفترة الزمنية من طلوع الفجر حتى غروب الشمس فلو صادف نزول الدم أول مرة ليلاً فلا يحسب من الأيام الثلاثة حتى يطلع الفجر وهي المسماة بالليلة الأولى، ويكفي وجود الدم في باطن الفرج ما دام قد خرج أول مرة كما تقدم، والليلتان المتوسطتان داخلتان في الحساب ومشمولتان بما سنقوله من اشتراط عدم انقطاع الدم في هذه المدة إلا في فترات قصيرة متعارفة لدى النساء، ولا يكفي وجوده في بعض كل يومٍ من الثلاثة، ويكفي تجميع الثلاثة من أبعاض اليوم فإذا رأته في وسط نهار اليوم الأول فيشترط استمراره إلى وسط نهار اليوم الرابع.

وأكثر الحيض وأقصاه عشرة أيام، فإذا تجاوز العشرة فالزائد ليس حيضاً وله أحكام تأتي بإذن الله تعالى.

وأقل الطهر - وهي حالة خلو المرأة من الدم أصلاً أو وجود دم الاستحاضة-  بين الحيضتين عشرة أيام، أمّا النقاء المتخلل بين دمين من حيض واحد فانه يكون أقل من ذلك وله أحكام تأتي بإذن الله تعالى.

خلاصة الشروط العامة للحيض، وهي أربعة:

1- أن تكون المرأة قد أكملت تسع سنين قمرية ولم يتجاوز عمرها الستين.

2- استمرار الدم ثلاثة أيام.

3- أن لا يتجاوز عشرة أيام.

4- أن لا تقل فترة الطُهر بين حيضتين عن عشرة أيام.

 

الفصل الرابع

في ذات العادة

 تختلف طبيعة العادة لدى النساء فبعضها تكون ثابتة العدد كستة أيام لكن موعدها غير منتظم فتسمى(عادة عددية)، وبعضها تكون ثابتة الموعد كاليوم الخامس من الشهر القمري مثلاً ولا تنضبط مدتها فتسمى (عادة وقتية)، وقد ينتظم عندها الأمران فتسمى (عادة وقتية عددية).

وتعرف المرأة نفسها من أي نوع بتكرر الحيض مرتين متماثلتين متتاليتين من دون الفصل بعادة مخالفة، فإن اتفقتا بالمدة والتاريخ فالعادة وقتية وعددية، وإن اتفقتا في الزمان خاصة دون العدد فهي وقتية، وإن اتفقتا بالعدد فقط فهي عددية.

(مسألة 232) : ذات العادة الوقتية - سواء كانت عددية أم لا- تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة أو قبلها أو بعدها بيوم أو يومين ونحوها، مما لا يصدق معه التقدم والتأخر عرفاً. وخاصة إذا أحرزت أنّه هو حصة الشهر من الدم. فتترك العبادة وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام، وإن لم يكن الدم بصفة الحيض. ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة وجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 233) : غير ذات العادة الوقتية، سواء أكانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً، كالمبتدئة، تتحيض بمجرد الرؤية إن كان الدم جامعاً للصفات مثل الحرارة والحمرة أو التدفق أو الخروج بحرقة، وإن كان فاقداً للصفات تتحيض بعد ثلاثة أيام، ولا يترك الاحتياط خلال الثلاثة بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة، وعلى أي حال فمتى انقطع الدم دون الثلاثة فليس بحيض.

(مسألة 234) : إذا تقدم الدم على العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه، كعشرة أيام، فإن كان الدم جامعاً للصفات أو علمت إنّه حصة الشهر من الدم تحيضت به، وإلا جرى عليها حكم المستحاضة، والأحوط لها الجمع بين تروك الحائض وعمل المستحاضة.

(مسألة 235) : إذا رأت المرأة الدم مرتين متتاليتين في شهرين من دون العلم بأنّه حيض، ولكنها اعتبرته حيضاً لأنّه بصفة دم الحيض (وهذا ما يعرف بالحيض الحكمي)([1]) فإنّ هذا لا يجعلها ذات عادة بأحد الأنواع الثلاثة المتقدمة ولا يجوز لها البناء عليه، فلو رأت في الشهر الثالث في نفس الوقت دماً أصفر فاقداً لصفة الحيض فليس لها أن تعتبره حيضاً وتبقى تعتمد على أساس صفات دم الحيض أو المعايير الأخرى التي اعتمدتها للحيض الحكمي مما ذكرناه في الهامش، بعكس ذات العادة التي ثبتت بالحيض الحقيقي فإنّها تعتبره حيضاً ما دام حصل لها في نفس موعد عادتها ولو لم يكن بصفات دم الحيض كما تقدم.

والفرق بينهما - إضافة إلى النص الذي عرّف ذات العادة بأنّها التي يحصل لها الحيض مرتين متعاقبتين وليست التي يحصل لها ما يعتبر حيضاً على أساس الصفات- أنّ المرأة في حالة الحيض الحقيقي متأكدة بإنّه حيض أمّا في حالة الحيض الحكمي فإنّها ليست على يقين وإنّما اعتبرته حيضاً على أساس الصفات.

 

الفصل الخامس

في تخلّل الطهر بيـن دميـن في شهر واحد

كل ما تراه المرأة من الدم أيام عادتها فهو حيض، وإن لم يكن الدم بصفات الحيض، وكل ما تراه خارج عادتها وكان فاقداً للصفات، بل مطلقاً، فهو استحاضة إن علمت حصول العادة في حينها ولو معجلة أو متأخرة عرفاً، وأمّا لو لم تعلم بذلك وعلمت أنّ هذا الدم هو حصة الشهر تحيضت، بدون اعتبار الصفات. وبدون هذين العلمين تعمل بالصفات على الأظهر.

(مسألة 236) : إذا رأت الدم ثلاثة أيام وانقطع، ثم رأت ثلاثة أخرى أو أزيد، فإن كان مجموع النقاء والدمين لا يزيد على عشرة أيام وكانا في أيام عادتها أو بصفات الحيض كان الكل حيضاً واحداً مع النقاء المتخلل، وإن تجاوز المجموع عن العشرة ولكن لم يفصل بينهما أقل الطهر، فإذا كان أحدهما في العادة عرفاً دون الآخر، كان ما في العادة حيضاً والآخر استحاضة مطلقاً. وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ولو لعدم كونها ذات عادة، فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، ما لم تعلم أو تطمئن بنزول الدم في وقت عادتها التقريبي أيضاً فتتحيض به.

(مسألة 237) : إذا كان كلا الدمين واجداً للصفات أو فاقداً لها، فإن علمت بحصول عادتها مستقبلاً فهي بحكم المستحاضة، وإن علمت أنّ هذا الدم هو حصتها من الشهر تحيضت بالدم الأول واحتاطت بالدم الثاني، وإن لم يحصل كلا العلمين لها عملت بالصفات، فإن كان الدمان واجدين للصفات فهي في حيض من بدء الدم الأول إلى نهاية العشرة. وإن كانا فاقدين لها فهي مستحاضة، والأَولى لها الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

(مسألة 238) : إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر فأكثر كان كل منهما حيضاً مستقلاً إذا كان كل منهما في العادة أو واجداً للصفات أو علمت أنّه حصة الشهر من الدم، وبدون ذلك فهي مستحاضة.

 

الفصل السادس

في الاستبراء والاستظهار ([2])

 إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بإدخال القطنة، فإن خرجت ملوثة بقيت على التحيض. وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهر. ولا استظهار عليها هنا حتى مع ظن العود. إلا مع اعتياد العود بحيث تعلم أو تطمئن بحصوله، فعليها الاحتياط بالغسل والصلاة، إلا مع اطمئنانها أنّ الكل حيض، كما لو كان المجموع دون العشرة.

(مسألة 239) : إذا تركت الاستبراء لعذر من نسيان أو غفلة واغتسلت وصادف النقاء صح غسلها. وإذا تركته لا لعذر صح غسلها إذا صادف براءة الرحم مع توفر النية المصححة للغسل، وأن لم تتمكن من الاستبراء فالأقوى أنّها تبقى على التحيض حتى تعلم أو تطمئن بالنقاء، ما لم يزد الدم على العشرة. وإن كان الأحوط لها استحباباً الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء إلى أن تعلم بحصوله، فتعيد الغسل والصوم.

(مسألة 240) : إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بصفرة، فإن كانت مبتدئة أو لم تستقر لها عادة أو كانت عادتها عشرة، بقيت على التحيض إلى تمام العشرة، إلا أن يحصل لها النقاء قبلها. وإن كانت ذات عادة دون العشرة، فإن كان ذلك الاستبراء في أيام العادة فلا إشكال في بقائها على التحيض. وإن كان بعد انقضاء أيام العادة فالأحوط لها الجمع بين عمل الحائض والمستحاضة، فإن انقطع الدم قبل العشرة كان الكل حيضاً، وإن علمت من وقتها استمراره إلى ما بعد العشرة كان كل الزائد بعد انقضاء أيام العادة استحاضة. وإن شكّت باستمراره بقيت على الاحتياط إلى تمام العشرة، وتعين لها عمل المستحاضة بعدها.

(مسألة 241) : قد عرفت أنّه إذا انقطع الدم على العشرة كان الجميع حيضاً واحداً من دون فرق بين ذات العادة وغيرها. وإن تجاوز العشرة، فإن كانت ذات عادة وقتية وعددية تجعل ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، وتجعل الزائد استحاضة وإن كان واجداً لها.

 

الفصل السابع

في أقسام الحائض

1-  المرأة ذات العادة الوقتية والعددية معاً.

2- ذات العادة الوقتية فقط.

3- ذات العادة العددية فقط.

وقد تقدم تعريفها وجملة من أحكامها العامة ويأتي بعضها.

4- المرأة الناسية لوقتها وعددها معاً أو لأحدهما فقط.

5- المرأة المبتدئة وهي التي ترى الدم لأول مرة ولم تستقر لها عادة.

6- المرأة المضطربة وهي التي اضطربت عادتها.

(مسألة 242) : المبتدئة إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة رجعت إلى التمييز، بمعنى أنّ الدم المستمر إذا كان بعضه بصفات الحيض وبعضه فاقد لها أو كان بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان بعضه أحمر وبعضه أصفر، وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام وعدم زيادته عن العشرة.

(مسألة 243) : إن لم تكن المبتدئة ذات تمييز بالصفات التي ذكرناها في المسألة المتقدمة، بأن كان الكل فاقداً للصفات أو كان الواجد أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة رجعت إلى عادة نسائها عدداً، وإن اختلفن فالأظهر أنّها تتحيض في الشهر الأول ستة أو سبعة أيام، وتحتاط إلى تمام العشرة إن احتملت استمرار الدم أكثر منها. وبعد ذلك من الأشهر تتحيض بثلاثة أيام وتحتاط إلى تمام الستة أو السبعة، بل إلى تمام العشرة على الأحوط استحباباً.

(مسألة 244) : المضطربة إن أحرزت انقطاع الدم قبل العشرة، تحيضت في الجميع. وأن أحرزت استمراره بعدها تحيضت ستة أو سبعة أيام وهي في الأيام الباقية مستحاضة. وإن شكّت بالاستمرار احتاطت ما بينها وبين العشرة.

تنبيه: مما تقدم يظهر أنّ المضطربة تختلف عن المبتدئة في نقطةٍ وهي أنّ المضطربة إذا لم تتمكن من التمييز بالصفات ترجع إلى العدد مباشرة، بينما إنّ المبتدئة إذا لم تتمكن من التمييز ترجع إلى عادة أقاربها، فإن لم تتمكن من ذلك ترجع إلى العدد.

(مسألة 245) : الأقوى عدم ثبوت عادة شرعية مركبة، والمقصود من العادة المركبة هو فيما لو رأت في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة، فإنّها لا تكون ذات عادة في الشهر الفرد ثلاثة وفي الشهر الزوج أربعة. وكذا إذا رأت في شهرين متواليين ثلاثة، وفي شهرين متواليين أربعة، فإنّها لا تكون ذات عادة في شهرين ثلاثة وشهرين أربعة. وإن تكررت الكيفية المذكورة مراراً عديدة.

(مسألة 246) : الفاقدة للتمييز إذا ذكرت عدد عادتها ونسيت وقتها أو كانت ذات عادة عددية لا وقتية. إن رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام فأكثر ولم يتجاوز العشرة كان الجميع حيضاً، وإذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضاً، والباقي استحاضة فإن تردد العدد بين احتمالين، وجب الاحتياط بين الأقل والأكثر، والأحوط ان يستمر الاحتياط إلى نهاية العشرة.

(مسألة 247) : إذا حصرت وقت عادتها في عدد من أيام الشهر يزيد على أيام عادتها، كما لو تذكرت إنّ عادتها خمسة أيام مثلاً ضمن العشرة الأولى من الشهر، فالأحوط إن لم يكن أقوى أن تضع العدد فيه لو نزل الدم وكان ما سواه استحاضة.

(مسألة 248) : إذا ذكرت وقت عادتها ونسيت عددها، أو كانت ذات عادة وقتية لا عددية، فما ترى من الدم في وقتها المعتاد تجعله حيضاً بدون لحاظ التمييز. فإن كان الزائد عليه بصفة الحيض ولم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت والباقي استحاضة، ولها أن تجعل العادة أقصى مدة الاحتمال، فإن احتملت استمرار الدم بعد العشرة جمعت واحتاطت وإلا فهي مستحاضة بعد نهاية الوقت.

(مسألة 249) : إذا كانت ناسية للوقت والعدد معاً، فإذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد عن عشرة كان جميعه حيضاً، مع فصل أقل الطهر فيما زاد عن الحيض السابق، وأمّا إذا كان الدم أزيد من عشرة أيام ولم تعلم بمصادفته أيام عادتها، تحيضت بمقدار ما تحتمل أنّه عادتها، وجمعت بين العملين - أي تروك الحائض وأفعال المستحاضة-  في باقي العشرة إذا احتملت تجاوزها، وإن علمت التجاوز سلفاً فهي مستحاضة، وإن لم يكن الدم كله بصفة الحيض ولم تعلم فيما هو بصفة الحيض مصادفة عادتها، جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة. والأولى أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض لاحتمال أن لا يزيد المجموع على عشرة أيام.

(مسألة 250) : إذا علمت هذه الناسية بمصادفة الدم لأيام عادتها تحيضت بالعدد الستة أو السبعة في الوقت المحتمل واحتاطت في الباقي، هذا إذا لم تجد التمييز في الوقت المحتمل بالشكل المناسب معه فتعمل عليه. وإن كان الشكل غير المناسب معه احتاطت في الزائد.

 


 

ملاحظة مع تلخيص:

 

لا دليل على ما عرف بقاعدة الإمكان كقاعدة عامة في باب الحيض، فإنّ المرأة إذا كانت واثقة ومطمئنة بأنّ الدم الذي رأته دم حيض عملت ما تعمله الحائض.

وإن لم تدرِ أنّه دم حيض أو استحاضة فإن كان الدم في موعد العادة اعتبرته حيضاً سواء كان بلون الحيض أم بلون الاستحاضة، وإن لم يكن في موعد العادة فإن كان بصفة الحيض اعتبرته حيضاً على أساس الصفات، وإن لم يكن بصفة الحيض اعتبرته استحاضة وقد تقدمت التفاصيل فلا مجال لقاعدة الإمكان.

 

الفصل الثامن

في أحكام الحيض

 (مسألة 251) : يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات، كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف، والأقوى أنّها حرمة تشريعية لا ذاتية فهي ليست كحرمة شرب الخمر توجب الإثم بالمخالفة وإنّما تعني عدم المشروعية، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم (كمس كتابة القرآن وقراءة آيات السجدة والمرور والاجتياز بالمسجدين واللبث في المساجد ...) حرمة ذاتية لا تشريعية.

(مسألة 252) : يحرم وطؤها في القبل عليها وعلى الفاعل، بل قيل أنّه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً مما يسمى جماعاً عرفاً. أمّا وطؤها في الدبر فالأحوط وجوباً تركه. ولا بأس بالاستمتاع بغير ذلك، وإن كره بما تحت المئزر مما بين السرة والركبة، بل الأحوط استحباباً الترك. وإن نقيت من الدم جاز وطؤها وإن لم تغتسل، بعد غسل فرجها قبل الوطء على الأحوط.

(مسألة 253) : الأحوط استحباباً للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء في أول الحيض بدينار وفي الوسط بنصف دينار وفي آخره بربع دينار، وتتعدد الكفارة بتعدد الوطء، والدينار هو(3.45) غرام من الذهب المسكوك بسكة المعاملة. والأحوط استحباباً دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلا دفع قيمته وقت الوجوب. والأحوط استحباباً اختيار أعلى القيمتين من وقت الجماع ووقت الدفع. ولا شيء على الساهي والناسي والصبي والمجنون والجاهل بالموضوع أو بالحكم.

(مسألة 254) : لا يصح طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولاً بها (ولو من الدبر) ولم تكن حاملاً وكان زوجها حاضراً أو في حكمه، بمعنى أنّه متمكن من الاطلاع على حالها، والحاضر إذا لم يتمكن من الاطلاع على حالها كان في حكم الغائب، وإذا كان زوجها غائباً أو في حكمه أو كانت حاملاً أو غير مدخول بها فيجوز طلاقها في حال الحيض. وإذا طلق زوجته على أنّها حائض فبانت طاهراً صح مع توفر القصد الجدي وإن عكس فسد.

(مسألة 255) : يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، وهو مشروع للكون على الطهارة يؤتى به بقصد القربة المطلقة، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من الترتيب والارتماس والإجزاء عن الوضوء.

(مسألة 256) : يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان بل والمنذور في وقت معين. ولا يجب عليها قضاء الصلوات اليومية وصلاة الآيات ما لم يحترق القرص كله على الأحوط استحباباً. ولا المنذورة في وقت معين ولكنها تقضي الصلوات التي أدركتها وهي طاهر بمقدار يتسع للطهارة والصلاة ولم تؤدِّها سواء في أول الحيض أو آخره. ولا تسقط عنها صلاة الطواف إن فاجأها الحيض بعده.

(مسألة 257) : يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة الله تعالى. والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 258) : يكره لها الخضاب بالحناء أو غيرها، وحمل المصحف ولمس هامشه وما بين سطوره وتعليقه.

(مسألة 259) : تصح من الحائض الطهارة من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صح، وتصّح منها الأغسال المندوبة وكذلك الوضوء بل هو مستحب لها.

 



(1) ويطلق الحيض الحكمي على بعض الحالات الأخرى كما لو حدّدت عادتها بلحاظ عادة أمثالها أو اقتطعت أياماً من الشهر فجعلتها حيضاً بحسب ما أفادته الروايات وستأتي الإشارة إليها بإذن الله تعالى.

(1)  الاستبراء: هو طلب التعرف على حالة النقاء وبراءة الرحم من الدم، أمّا الاستظهار فيعني طلب التعرف على حالة الحيض ويتضمن ترك العبادة من صلاة وصوم بمجرد رؤية الدم إلى حين ظهور الحالة أنّها حيض أو لا، في ضوء توفر الشروط العامة للحيض.