المبحث الرابع: زكاة أموال التجارة
المبحث الرابع
زكاة أموال التجارة
المقصود بأموال التجارة البضائع وسائر الممتلكات التي تُتملَّك بعقد معاوضة بين مالين لأجل الاكتساب والاسترباح، ولا تشمل النقود لدخولها في عنوان العملات.
(مسألة112 ) تجب الزكاة في الأموال التجارية إذا تحققت الشروط الآتية:
1- مرور حول على نفس العين من حين تملّكها بقصد التكسب والاسترباح.
2- بقاء قصد الاسترباح طول الحول فلو عدل عنه ونوى به الاقتناء الشخصي خلال العام لم تجب الزكاة.
3- أن يطلب المتاع برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول لكنه لم يبعه طلباً للزيادة، فلو طلب بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.
4- وقيل باشتراط بلوغه النصاب وهو نصاب أحد النقدين كما تقدم، إلا أن ذلك لم يثبت بدليل تام، فمقتضى إطلاق الروايات عدم اشتراطه وهو الأحوط.
(مسألة 113) مقدار الزكاة في أموال التجارة (2.5 %).
(مسألة114) لا تجب الزكاة على ما تملّكه الإنسان بغير عقد كالإرث وحيازة المباحات، أو بعقد غير معاوضة كالهبة، ولا في ما تملكه بمعاوضة ولكن ليست بين مالين كالمهر أو ما صالح به على حق من الحقوق.وإن عرض ما تملكّه بهذه الأنحاء للتجارة.
(مسألة 115 ) لو ملك شيئاً بقصد القنية ثم عدل إلى التجارة لم تجب فيه الزكاة حتى يبيعه ويشتري بثمنه متاعا ً آخر بقصد الاكتساب.
(مسألة 116) تتعلق هذه الزكاة بالعين ويجوز دفع القيمة عوضاً عنها.
(مسألة 117) إذا كانت السلعة تبلغ النصاب بأحد النقدين ـ و هو الفضة عادة لأنه أقل قيمة ـ دون الآخر تعلقت به الزكاة لحصول ما يسمى نصاباً.
(مسألة 118) قد تجب هذه الزكاة في موارد لم تكن مشمولة بالأصناف التسعة المشهورة كالعقارات والخيل والفواكه المجففة إذا انطبقت عليها شروط الوجوب.
المقصد الرابع
زكاة الفطرة
وفيه فصول
الفصل الأول: في حقيقتها
يشترط في وجوبها البلوغ فلا تجب على الصبي، والغنى فلا تجب على الفقير الذي لا يجد قوت سنته فعلاً ولا قوة، وأما المجنون إذا كان غنياً فالأحوط لوليه أن يدفع زكاة فطرته من ماله، وفي اشتراط الوجوب بعدم الإغماء إشكال, والأحوط عدم الاشتراط.
والمشهور اعتبار اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد،إلى أن يتحقق الغروب. فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة, أو مقارناً للغروب لم تجب. والمراد بالغروب سقوط القرص، أي دخول آخر جزء من قرص الشمس تحت الأفق. وأما إذا كانت الشرائط مفقودة فاجتمعت بعد الغروب أو ليلا أو في يوم العيد، فالأحوط استحباباً. إخراجها.
(مسألة 119) يستحب للفقير إخراجها. وإذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثم هو على آخر يديرونها بينهم، ثم بعد انتهاء الدور يتصدق بها على أجنبي، ولا يجزي في أداء هذه الوظيفة اقل من صاع أو قيمته، وإذا كان فيهم صغير أو مجنون قبضه الولي عنه، ويؤدي عنه. وتجزي هذه الوظيفة عن عائلة واحدة ذات خوان واحد. ولا تجزي عن الأكثر، ولو واحدا.
(مسألة 120) إذا اسلم الكافر بعد الهلال لم تسقط الزكاة عنه لأنه مكلف بالفروع، ولا تسقط عن المخالف إذا استبصر، وتجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادات. واشرنا فيما سبق إلى كفاية النية الارتكازية.
(مسألة 121) يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به، واجب النفقة أم غيره، قريباً أم بعيداً، مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل الظاهر الوجوب ولو كان احد منضما إلى عياله في وقت يسير, كالضيف إذا نزل عنده قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد، وكان المناسب له اجتماعيا أن يأكل عنده، وان لم يأكل فعلا، أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال ولم تجب فطرته على من دعاه.
(مسألة 122) إذا بذل لغيره مالاً يكفيه في نفقته، لم يكف ذلك في صدق كونه عيالا له فلا تجب عليه زكاته. وان كان أحوط وإنما يعتبر في العيال الصدق العرفي, ولا يبعد ذلك عندما يكونون بمنزلة الأسرة الواحدة.
(مسألة 123) من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، وان كان الأحوط وجوباً عدم السقوط مع كونه جامعاً للشرائط ولم يدفعها الآخر عصياناً أو نسياناً أو نحوه, وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب.
(مسألة 124) إذا ولد له قبل الغروب أو تزوج امرأة، فان كانوا عيالا وجبت عليه فطرتهم، وإلا فعلى من عال بهم, وان لم يوجد من يعيلهم، وجبت على من تجب عليه نفقتهم على الأحوط . وخاصة الزوجة، وان اجتمعت فيها شرائط الوجوب.
(مسألة 125) إذا ولد له بعد الغروب أو تزوج امرأة، لم تجب عليه فطرتهم، وان وجد بعض السبب قبله والآخر بعده، كما لو خرج نصف المولود، أو وقع الإيجاب دون القبول في بيع أو نكاح قبل الغروب. وحصل الجزء الآخر بعده.
(مسألة 126) المهم هو اجتماع الشرائط عند الغروب لا عند رؤية الهلال، حتى وان لم يمكن رؤيته عند الغروب تماماً.
(مسألة 127) إذا كان شخص عيالا لاثنين فإن صدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلاً وجبت فطرته على كل منهما كذلك، لكنها تسقط عن ذمة أي منهما بقيام الآخر بها، وإن لم يصدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلاً لم تجب على أي منهما لأن موضوع الوجوب هو الإعالة وهي غير متحققة لأي منهما، لكن وجوب الزكاة لا يسقط بل تجب على مجموعهما، والأقرب أن نقول أنها وجبت عليهما فطرته بالنسبة. وكذلك لو تعدد المنفقون أو لمنفق عليهم، ومع فقر احد المنفقين تسقط عنه, والأظهر عدم سقوط حصة الآخر. ومع فقرهما تسقط عنهما. وإنما تجب على العائل إن جمع الشرائط.
(مسألة 128) الضابط في جنس زكاة الفطرة ما كان قوتا لغالب الناس، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والذرة والاقط ، بل حتى لو كان سائلا كالحليب واللبن الخاثر، والأحوط استحباباً الاقتصار على الأربعة الاولى، إذا كانت هي القوت الغالب أو قيمتها من النقدين، أو ما قام مقامهما على الأحوط . والأفضل إخراج التمر ثم الزبيب.
(مسألة 129) يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحاً، فلا يجزي المعيب, كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح به.
(مسألة 130)المدار هو كون الطعام قوتا غالبا في البلد, وان لم يكن كذلك في بلد آخر. كما أن المدار في القيمة وقت الأداء لا وقت الوجوب، وبلد الإخراج لا بلد المكلف.
(مسألة 131) المقدار الواجب دفعه في زكاة الفطرة عن الفرد الواحد هو صاع، والصاع أربعة أمداد، وقد شرحنا معادلته بالأوزان الحديثة المتداولة اليوم، إذ يساوي المد ثلاثة أرباع الكيلوغرام تقريباً فزكاة الفطرة ثلاثة كيلوغرامات تقريباً.
(مسألة 132) لا يجزي ما دون الصاع من الجيد، وان كانت قيمته تساوي قيمة الصاع من غير الجيد. كما لا يجزي على الأحوط الصاع الملفق من جنسين، ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه، مع ما يخرجه عن عياله، ولا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.
الفصل الثاني
وقت الإخراج
وقت وجوب هذه الزكاة ليلة الفطر عند الغروب. ووقت إخراجها يوم الفطر من طلوع الشمس إلى الزوال، وان كان الظاهر أن دفعها في الليل مجز، والأحوط إخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد، وان لم يصلها امتد الوقت إلى الزوال ولا يؤخرها عنه على الأحوط وجوباً. وإذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي، كانتظار المستحق أو التعسر المتوقع زواله، فان لم يدفع ولم يعزل حتى زالت الشمس من يوم الفطر، فالأحوط لزوما، الإتيان بها بقصد الرجاء أو ما في الذمة أو القربة المطلقة, ويمتد هذا الاحتياط طول يوم الفطر, بل طول السنة، بل طول العمر.
(مسألة 133) الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان، بعنوان القرض ثم يحتسبها زكاة في وقت الأداء.
(مسألة 134) يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس أو نحوها، أو من النقود بقيمتها، والظاهر عدم كفاية عزلها في ماله على نحو الإشاعة أو الكلي في المعين، وكذا عزلها في المال المشترك بينه وبين غيره على نحو الإشاعة على الأحوط وجوباً. وكذا عزلها من مال غيره وان أحرز رضاه، ما لم يملكه بشراء أو هبة أو ارث أو غيرها.
(مسألة 135) إذا عزلها تعينت، فلا يجوز له تبديلها. وإن آخرها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق، والظاهر جواز التبديل بإذن الحاكم الشرعي أو بإذن المستحق (الذي سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى).
(مسألة 136) يجوز نقلها إلى غير بلد التكليف مع عدم المستحق، أما مع وجوده فالأحوط وجوباً ترك النقل. ودفعها إلى المستحق في البلد إلا إذا أجاز المرجع ذلك، وإذا سافر من بلد التكليف إلى غيره. فان تلفت ضمنها وإلا جاز له دفعها في البلد الآخر.
(مسألة 137) لا تجب هذه الزكاة إلا مع قيام الحجة الشرعية بالهلال، أما ليلة الثلاثين من شهر رمضان بالرؤية، وأما الليلة التي بعدها بإكمال العدة, ولو دفعها قبل تحقق الحجة الشرعية، كان قد دفعها قبل وقتها. كما تقدم في المسألة ( 133).
الفصل الثالث
مصرفها
وهو مصرف الزكاة من الأصناف الثمانية على الشرائط المتقدمة.
(مسألة 138) تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، وتحل فطرة الهاشمي على الهاشمي وغيره، والعبرة في ذلك فيمن يملكها عند الدفع, سواء كان عائلا أم معيلا.
(مسألة 139) يجوز إعطاؤها إلى المستضعف من أهل الخلاف, عند عدم القدرة على المؤمن, ولا يجوز دفعها إلى الناصبي ومن حكم بكفرة.
(مسألة 140) يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه, والأحوط والأفضل دفعها الى الفقيه, فان الفقهاء أبصر بمواقعها.
(مسألة 141) الأحوط وجوباً أن لا يدفع إلى الفقير اقل من صاع، إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم، ويجوز أن يعطى الواحد أصواعاً بل ما يغنيه دفعة واحدة.
(مسألة 142) يستحب تقديم الأرحام, ثم الجيران, وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.