سبل السلام
سبل السلام (رسالة عملية تبين المهم من أحكام الشريعة)
المقصد الثامن: صلاة الجماعة
وفيه فصول
الفصل الأول: حقيقتها واستحبابها
تستحب صلاة الجماعة استحبابا مؤكداً في الصلوات اليومية كلها أداءاً وقضاءاً، بل جميع الفرائض غير صلاة الطواف، فان الأحوط لزوماً عدم الاكتفاء فيها بالإتيان بها جماعة مؤتماً ويتأكد الاستحباب في اليومية الأدائية وخصوصا في الصبح والعشائين ولها ثواب عظيم وقد ورد في الحث عليها والذم على تركها أخبار كثيرة ومضامين عالية، لم يرد في أكثر المستحبات.
(مسألة 1117) تجب الجماعة في موارد:
المورد الأول: في صلاة الجمعة والعيدين مع اجتماع شرائط الوجوب التي أشرنا إليها في محله. وهي عندئذ شرط في صحتها ولا تجب بالأصل في غير ذلك.
المورد الثاني: إن يكون عاجزاً عن تعلم القراءة مع إمكان الجماعة فان الأحوط له الصلاة جماعة.
المورد الثالث: إن يكون جاهلا بوظيفة الشك خلال الصلاة، فان الأحوط له ذلك أيضا فيما يرجع فيه المأموم إلى الامام من الشك.
المورد الرابع : إذا تعلق بها نذر ونحوه من الملزمات الشرعية بما فيها الإجارة.
المورد الخامس : ما إذا تعلق بها أمر من تجب طاعته شرعا. ولو خالف بطلت صلاته على الأحوط.
(مسألة 1118) لا تشرع الجماعة لشيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه مطلقاً على الأحوط، وتستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء فان الجماعة مشروعة فيها، وكذا لا بأس بها فيما صار نفلاً بالعارض فتجوز الجماعة في صلاة العيدين مع عدم توفر شرائط الوجوب.
(مسألة 1119) يجوز اقتداء من يصلي إحدى الصلوات اليومية بمن يصلي الأخرى وان اختلفتا بالجهر والإخفات والأداء والقضاء والقصر والتمام. ولكن يشكل فيما لو كان الامام قاضيا احتياطيا. نعم لو قصد الواقع وكان كلا الاحتمالين مما يمكن الاقتداء به جازت الجماعة.
(مسألة 1120) يجوز اقتداء مصلي الآيات بمثله وان اختلفت الآيتان. أو نية الأداء والقضاء ولا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين أو الآيات وصلاة الأموات وان اتفقت في العدد على الأحوط. ولا العكس بمعنى أن يكون الامام في اليومية والمأموم في إحدى هذه الصلوات. كما لا يجوز الاقتداء ببعضها البعض مع تغاير النية.
(مسألة 1121) كما لا يجوز الاقتداء بصلاة الاحتياط، لا يجوز أيضاً في الصلوات الاحتياطية. كما في موارد العلم الاجمالي بوجوب القصر والتمام. إلا إذا اتّحدت الجهة الموجبة للاحتياط. كما لو علم شخصان إجمالا بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة قصراً وتماما.
(مسألة 1122) اقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان احدهما الامام، ولو كان المأموم امرأة أو صبيا مميزاً على الأقوى. واما في الجمعة والعيدين، فلا تنعقد إلا بخمسة من الرجال احدهم الامام سواء وقعت واجبة أم مستحبة على الأحوط.
(مسألة 1123) لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر. ولا بشخصين ولو اقترنا في الأقوال والأفعال. ولا بأحد شخصين على الترديد. ولا تنعقد الجماعة أن فعل ذلك. ويكفي التعيين الإجمالي، مثل أن ينوي الاتمام بإمام هذه الجماعة أو بمن يسمع صوته، وان تردد ذلك المعين بين شخصين، بل وان رجح خلاف الواقع.
(مسألة 1124) تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام، ولو كان الامام جاهلاً بذلك غير ناو للامامة. فإذا لم ينو المأموم لم تنعقد الجماعة، نعم في صلاة الجمعة والعيدين لابد من نية الامام للامامة بان ينوي الصلاة التي يجعله فيها المأموم إماما، أو صلاة الجماعة ونحو ذلك. وكذا إذا كانت صلاة الامام معادة بجماعة. سواء كانت صلاة المأموم معادة أم لا.
(مسألة 1125) إذا شك في انه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم وأتم منفرداً. إلا إذا علم انه قام بنية الدخول في الجماعة وظهرت عليه أحوال الائتمام من الانصات ونحوه، بحيث ذهب شكه وتحول إلى الوثوق بالائتمام.
(مسألة 1126) إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان في الأثناء أنه عمرو انفرد في صلاته إذا لم يكن يعتقد عدالة عمرو، وتبطل صلاته إذا وقع فيها ما يبطل صلاة المنفرد عمدا وسهوا كزيادة الركوع، وإن بان له ذلك بعد الفراغ صحت صلاته و جماعته سواء اعتقد عدالته أم لا، إلا إذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً. وإن كان عمرو عادلاً، وكان قد نوى الائتمام بالحاضر لاعتقاده أنه زيد صحت جماعته وصلاته.
(مسألة 1127) إذا صلى اثنان وعلما بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما، نعم اذا كان أحدهما قد شك في عدد الركعات والأفعال فرجع إلى حفظ الآخر وأخلّ بما هو وظيفة المنفرد مما يضرّ الإخلال به – ولو عن عذر- بصحة الصلاة فالأظهر بطلان صلاته. لا بمجرد ترك القراءة او زيادة سجدة واحدة متابعة بتخيّل صحة الائتمام.
(مسألة 1128) لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلى آخر اختياراً إلا أن يعرض للإمام ما يمنعه عن إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو حدث، أو تذكر حدث سابق على الصلاة. فيجوز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام صلاتهم معه. والاحوط بل الأقوى اعتبار أن يكون الإمام الآخر منهم بأن يتقدم أحد المأمومين وإتمام صلاتهم معه.
(مسألة 1129) لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في أثناء الصلاة.
(مسألة 1130) يجوز العدول عن الائتمام إلى الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة على الأقوى. إذا لم يكن ذلك من نيته من أول الصلاة، وصحة جماعته لا تخلو من إشكال، وتكون صلاته في إشكال إذا ارتكب ما يضرّ صلاة المنفرد فيعيد الصلاة، نعم إذا أخلّ بما يغتفر الإخلال به عن عذر، فلا حاجة إلى الإعادة كترك القراءة وزيادة السجدة الواحدة ولو نوى العدول عن الجماعة ولو لحظة لم يجز له الرجوع إلى نية الائتمام.
(مسألة 1131) إذا نوى الانفراد في أثناء قراءة الامام أو قبلها، وجبت عليه القراءة كلها. وأما إذا نواه بعد قراءة الامام قبل الركوع، فالاحوط أن يأتي بالقراءة رجاء المطلوبية.
(مسألة 1132) إذا شك في حصول الانفراد بنى على العدم وإذا تردد في الانفراد وعدمه ثم عزم على العدم بقي على الائتمام. وان كان الانفراد له أحوط استحبابا.
(مسألة 1133) لا يعتبر في الجماعة قصد القربة. لا بالنسبة إلى الإمام ولا بالنسبة إلى المأموم. فان كان قصد الإمام أو المأموم عرضا دنيويا مباحا مثل الفرار من الشك أو تعب القراءة ونحو ذلك صحت وترتبت عليها أحكام الجماعة دون ثوابها. غير ان الجماعة إذا قصدت بنية باطلة كالرياء أو الإيذاء أو غيرهما ففي صحة الجماعة بل اصل الصلاة إشكال.
(مسألة 1134) إذا نوى الائتمام بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها سهوا أو جهلا، كما إذا كانت نافلة أو احتياطية فان تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت صلاته وكذا تصح لو تذكر بعد الفراغ ولم تخالف صلاته صلاة المنفرد. وان حصل منه ما يبطل صلاة المنفرد عمدا وسهوا بطلت.
فروع في إدراك المأموم الجماعة:
(مسألة 1135) تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة، من أول حرف من تكبيرة الإحرام –بالنسبة للأولى- له، إلى منتهى ركوعه. فإذا دخل مع الإمام خلال التكبيرة أو بعدها في حال قيامه قبل القراءة أو في إثنائها أو بعدها قبل الركوع أو خلال الهوي إلى الركوع أو في حال الركوع حتى بعد انتهاء ذكره. فقد أدرك الركعة ولا يتوقف إدراكها على الاجتماع معه في الركوع ان كبر قبل ركوع الإمام ووجبت عليه المتابعة في غيره. ويعتبر في إدراكه الركوع ان يجتمعا في حد الركوع مطمئنين ولو لحظة ان كبر بعد الركوع الإمام. وبدونه تشكل صحة الجماعة كما لو اجتمعا في حد الركوع حال هوى المأموم إليه ورفع الإمام رأسه منه فيكون الأحوط الانفراد.
(مسألة 1136) إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا أو رجاء ذلك فتبين عدم إدراكه، بطلت جماعته. ويتم صلاته منفرد إن شاء، أو ينتظر الركعة الأخرى ليلتحق بالإمام وكذا إذا شك في ذلك على الأحوط.
(مسألة 1137 ) الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال كون الإمام راكعا. فان أدركه صحت الجماعة و إلا بطلت.
(مسألة 1138) إذا نوى وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل المأموم على حد الركوع تخير المأموم بين المضي في صلاته منفردا، بما فيها ان يبادر إلى القراءة والعدول إلى النافلة. ثم الرجوع إلى الائتمام بعد إتمامها أو قطعها.
(مسألة 1139) إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير أو التسليم، يجوز له ان يكبر للإحرام ويجلس معه ويتشهد بنية القربة المطلقة أو الذكر المطلق على الأحوط وجوبا، فإذا سلم الإمام قام لصلاته من غير حاجة إلى استئناف التكبير ويحصل له بذلك فضل الجماعة وان لم يحصل له ركعة. وكذا إذا أدركه في السجدة الثانية من الركعة الأخيرة على ان يأتي بها بنية القربة المطلقة وتصح صلاته بنفس التكبير الأول. وإذا أدرك معه سجدتين فليسجد سجدة واحدة لتصح صلاته واما إذا سجد معه سجدتين، فالاحوط وجوبا له مراعاة الاحتياط ولو بالإتيان بالمنافي بعد التسليم والدخول في الصلاة بتكبير مستأنف.
(مسألة 1140) إذا حضر المكان الذي فيه جماعة، فرأى الامام راكعا وخاف ان الامام يرفع رأسه ان التحق بالصف، كبر للاحرام من مكانه ثم مشى في ركوعه أو بعده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية والتحق بالصف سواء كان المشي إلى الإمام أم إلى الجانبين بشرط ان لا ينحرف عن القبلة وان لا يكون تكبير الإحرام في بعد لا يصدق معه الاقتداء عرفا على الأحوط. وان لا يكون مانع آخر غير البعد من حائل ونحوه. ويجب ترك الاشتغال بالقراءة وغيرها، مما يعتبر فيه الطمأنينة حال المشي. وأما المشي حال السجود فمشكل بل إن كبر وركع مشى وبقى بعيدا سجد في محله ثم قام ومشى ثانية إلى أن يصل. ولا يجب جر الرجل جراً خلال المشي بل يمشي مشيا طبيعيا. نعم يجب الاجتناب عما قد يقترن به المشي من الاضطراب والسرعة. كما يجب التجنب عن التقدم على الإمام بكل صورة.
الفصل الثاني: في شرائط انعقاد الجماعة.
يعتبر في انعقاد الجماعة أمور.
الأمر الأول : أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل. وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر بحيث يكون واسطة في الاتصال بالإمام. ولا فرق بين كون الحائل ستارا أو جداراً أو شجرة أو غير ذلك ولو كان شخص إنسان واقفاً مادام صدق الحيلولة موجودا. هذا إذا كان الإمام رجلا اما إذا كان امرأة فلا باس بالحائل بينها وبين الإمام او المأمومين إذا كان الإمام رجلا. أما إذا كان الإمام امرأة فالحكم كما في الرجل. والمهم هو جواز وجود الحائل والستر بين الرجال والنساء ولا بين الجنس الواحد إماما كانوا أو مأمومين.
(مسألة 1141) لا فرق في الحائل -بعد صدق الحيلولة عليه –المانع عن انعقاد الجماعة بين ما يمنع عن الرؤية والمشاهدة وغيره على الأظهر فلا تنعقد الجماعة مع الحيلولة بمثل الزجاج والشبابيك والجدران المخرمة، ونحوها مما لا يمنع الرؤية، ولا بأس بالساقية الجارية والطريق البسيط إذا لم يكن معتد به عرفاً ، فيكون كما سيأتي. ولا بأس بالظلمة والغبار و أضرابه.
الأمر الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم علواً دفعيا كالأبنية ونحوها. بل حتى لو كان تسريحياً قريباً من التسنيم كسفح الجبل ونحوه. نعم، لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الأرض منبسطة. كما لا باس بالدفعي اليسير إذا كان دون الشبر.
(مسألة 1142) لا بأس في علو موقف المأموم عن موقف الإمام إذا كان بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفا. وكذلك علو المأمومين بعضهم عن بعض لكن مقتضى الاحتياط وجوبا هو أن توجد محاذاة بينهما ولو بمقدار يسير كمستوى قدم الأول مع مستوى رأس الثاني.
الأمر الثالث :أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين مقدارا معتدا به قيل عنه انه مسقط سجود انسان أو مربض شاة أو مالا يتخطى. ويقدر بحوالي ثلاثة أرباع المتر، فينبغي ان لا يزيد على ذلك سواء في الاتصال الأمامي أو الجانبي بل الأحوط أكيدا ان يقل عنه، بل الأحوط استحبابا عدم الفصل بين موقف السابق ومسجد اللاحق.
(مسألة 1143) إذا انفرد المأمومون في صف كامل للجماعة. انقطع من خلفهم عن الاتصال بالإمام على الأحوط. وجوبا وكذا لو كان مأموم متصل بفرد واحد من أمامه وقد انفرد. وعندئذ تتعين نية الانفراد لكل من انفصل. أما الاتصال الجانبي بالجماعة فلا يضر فيه فاصل شخص واحد، سواء انفرد أو كان منفردا أو كان صبيا غير مميز أو غير ذلك. نعم مع كون الفاصل الجانبي بمقدار اثنين فصاعدا، يكون الاتصال مخالفا للاحتياط الوجوبي. فتتعين نية الانفراد.
(مسألة 1144) البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم البعيد دون غيره من المأمومين كما أن بُعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته إذا كان متصلا بالمأمومين من جهة أخرى. فإذا كان الصف الثاني أطول من الأول فطرفه وان كان بعيدا عن الصف الأول إلا انه لا يقدح في صحة ائتمامه لاتصاله بمن عن يمينه أو عن شماله من اهل صفه مع كون الأقوى هو كفاية الاتصال الجانبي في صحة الجماعة ولا يتعين الاتصال الأمامي. وكذا لو تباعد اهل الصف الثاني بعضهم عن بعض، فانه لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم بأهل الصف المتقدم، نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الأول إذا كانوا متباعدين بفراغ أو بمصلين عديدين منفردين أو غير ذلك. فان البعيد منهم عن المأموم الذي هو من جهة الإمام لما لم يتصل من الجهة الأخرى بواحد من المأمومين تبطل جماعته.
الأمر الرابع : ان لا يتقدم المأموم عن الإمام في الموقف، بل الأحوط وجوبا أن لا يساويه إذا كانوا رجالا متعددين، بخلاف ما لو كان المأموم واحدا أو كانت جماعة النساء فلا باس بالمساواة في الموقف حينئذ. والأحوط استحباباً وقوف المأموم خلف الأمام إذا كانوا متعددين كما أن الأحوط استحبابا أن تقف من تؤمهن في وسطهن ولا تتقدمهن، بل لا يترك وخاصة إذا كان المكان معرضاً لوجود الرجال.
(مسألة 1145) الشروط المذكورة شروط في الابتداء والاستدامة. فإذا حدث الحائل أو البعد أو علو الإمام أو تقدم المأموم في الأثناء بطلت الجماعة وإذا شك في واحد منها بعد العلم بعدمه بنى على عدمه. وإذا شك مع عدم سبق العلم بالعدم، لم يجز الدخول إلا مع إحراز العدم وكذا إذا حدث شك بعد الدخول غفلة. وان شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة، بحيث لم يكن الحائل مسبوقا بالعدم، فان علم بوقوع ما يبطل صلاة المنفرد عن عمد وسهو أعادها. إن كان دخل في الصلاة ملتفتا إلى ذلك مترددا فيه، وإلا بني على الصحة وان كان الأحوط استحبابا الإعادة.
(مسألة 1146) لا يقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعض وان لم يدخلوا في الصلاة، إن كانوا متهيئين لها.
(مسألة 1147) إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته كما لو كانت قصراً وبقي في مكانه فقد انفرد من يتصل به مع صدق الحيلولة إلا إذا عاد إلى الجماعة بلا فصل، هذا إذا لم يتخلل البعد المانع عن انعقاد الجماعة بسبب انفراده –كما لو كان متقدماً في الصف- فلا يجدي عودة إلى الائتمام في بقاء اتصال جماعة الصف المتأخر على الأحوط فان كان واحداً لم يضر باتصال من بعده وإن كان أكثر بطلت جماعة من يليهم، والأحوط لهم نية الانفراد حتى لو اقتربوا إلى الصف أو بدأ هؤلاء المنفردون جماعة جديدة.
(مسألة 1148) لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان ونحوه. نعم إذا اتصلت المارة بحيث أصبحت فاصلا عرفيا، بطلت الجماعة.
(مسألة 1149) إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا، أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله، فالأقوى عدم انعقاد الجماعة فلا يجوز الائتمام.
(مسألة 1150) إذا دخل في صلاة الجماعة مع وجود الحائل وكان جاهلا به لظلمة أو عمى أو غيرهما، لم تصح الجماعة فان التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد ولو سهوا أتم منفردا وصحت صلاته، وكذلك تصح لو كان قد فعل مالا ينافيها إلا عمداً كترك القراءة.
(مسألة 1151) الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه، حائلٌ لا يجوز الاقتداء معه على الأحوط.
(مسألة 1152) لو تجدد البعد في الأثناء بطلت الجماعة وصار منفرداً. فإذا لم يلتفت إلى ذلك وبقى على نية الاقتداء، فإذا أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهوا وعمدا بطلت صلاته. وان لم يأت بذلك وإن أتى بما لا ينافي إلا في صورة العمد صحت صلاته.
(مسألة 1153) لا يضر الفصل بالصبي المميز إذا كان مأموما، فيما إذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده. بل حتى لو علمنا ببطلان صلاته لتسامحه في وضوئه، مثلا صحت الجماعة للآخر. نعم لوكانا صبيين نعلم ببطلان صلاتهما أو أكثر انفصل الآخرون عن الجماعة.
(مسألة 1154) إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره، لا يجوز ائتمام من صلى يمينه و يساره لوجود الحائل. أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعا، وكذا الصفوف المتأخرة، وكذا إذا انتهى المأمومون إلى باب خلفية كانت أو جانبية، فانه تصح صلاة الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن هو يصلي عند الباب.
الفصل الثالث: شرائط إمام الجماعة.
يشترط في إمام الجماعة أمور.
الأمر الأول : العقل، فلا يجوز إمامة المجنون، وان كان إدوارياً حال جنونه.
الأمر الثاني : الإسلام فلا تجوز إمامة غير المسلم أو المحكوم بكفره.
الأمر الثالث : الإيمان فلا تجوز إمامة غير المؤمن والمؤمن هو من كان اعتقاده حقاً.
الأمر الرابع : العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق. ولابد من إحرازها كسائر هذه الشرائط، قبل الدخول في الصلاة ولو بالوثوق الحاصل من إي سبب كان. فلا تجوز الصلاة خلف مجهول الحال، إلا إذا كانت حاله السابقة هي تحقق الشرط.
الأمر الخامس : البلوغ. على الأحوط فلا تصح إمامة الصبي غير البالغ للبالغين وتجوز لغيرهم.
الأمر السادس : الذكورة إذا كان المأموم ذكراً. فلا تصح إمامة المرأة إلا للمرأة. و الخنثى المشكل يأتم بالرجل خاصة ويؤم النساء فقط.
الأمر السابع : أن يكون الإمام صحيح القراءة، إذا كان الائتمام في الركعتين الأوليين، وكان المأموم صحيح القراءة. بل مطلقا على الأحوط. فلا يجوز الصلاة خلف غير الفصيح إذا كان حاله لغير عذر شرعي أو كان مغيرا للمعنى أو خارجا للقراءة أو الذكر ونحوه عن شكله المتعارف لدى المتشرعة. أما مع تحقق هذه القيود فيكون الترك مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.
الأمر الثامن : أن لا يكون الإمام أعرابيا، على الأحوط استحبابا إذا كان يؤم غيره. ولا بأس بإمامة الإعرابي للإعرابي، مع اجتماع سائر الشرائط.
الأمر التاسع : أن لا يكون الإمام محدوداً، على الأحوط استحبابا ولا باس بإمامة المحدود للمحدود بنفس الحد والمقدار.
الأمر العاشر : أن لا يكون الإمام متولداً من الزنا.
الأمر الحادي عشر : التفقه بمقدار تصح معه صلاته الانفرادية ولا يجب حصول التفقه أكثر من ذلك، فضلا عن الاجتهاد ولو شك في حصول أدنى مراتب التفقه أمكن البناء على صحة صلاته وجواز إمامته، ما لم يعلم العدم.
الأمر الثاني عشر : لا تجوز إمامة القاعد للقائم ولا المضطجع للقاعد وتجوز إمامة القائم لهما. كما يجوز إمامة القاعد لمثله وفي جواز إمامة القاعد للمضطجع إشكال وكذا إمامة المضطجع لمثله وكذا المستلقي.
(مسألة 1155) تجوز إمامة المتيمم للمتطهر وذي الجبيرة لغيره. والمسلوس والمبطون والمستحاضة لغيرهم، والمضطر إلى الصلاة في النجاسة لغيره. وكذا من يصلي بدم الجروح ونحوه. كما تجوز إمامة المسافر للحاضر، ولكن لا تجوز الإمامة على الأحوط مع فقد الطهورين أو فقد الطمأنينة أو عدم الاتجاه إلى القبلة أو عدم الجزم بالنية كالصلاة الاحتياطية. إلا إذا كانت مما تجوز فيها الجماعة على كلا التقديرين.