قصيدة: أبا حسنِ
قصيدة: أبا حسن ٍ
أبا حسنٍ (1)
تنفّل بأرض الله واستشهد البشرى لقد ولد الموسوم بالحجة الكبرى
وبلّغ سلاماً للنبي بطيبةٍ وهني به الزهرا بطلعته الغرا
وبالغ بتعظيم الغريّ فإنما به حلّ من قد جاز في فضله الشِعرى(2)
وطأطأ خشوعاً واخلع النعل حشمةً وهلّلْ وكبّرْ إذ ترى القبّة الصفرا
هنالك مولى الجنّ والإنس مودعٌ به استودع الرحمن من نفسه السرّا
هنالك إنسان المعالي وعينها ومن حبه في كل نفسٍ هدىً أورى
هنالك من في البيت أولده الهدى ومن عرصة المحراب أرجعه شكرا
هنالك باب الله بل باب حطّةٍ(3) تحطّ لديه النفس مثقلةً إصرا
هو المرتضى صدّيق آل محمدٍ وفاروق أهل الحق أعظمهم قدرا
يميّزه شيئان خوفٌ وشدّةُ بمحرابه الأولى وفي حربه الأخرى
تفرّد وتراً في الصفات كأنّه هو الكلّ في فردٍ فجمّلها وترا
لذا تجد الأديان كلٌّ يرى به هو المثل الأعلى بكبراه والصغرى
فذو عمّةٍ والقِسُّ والحَبرُ كلّهم أخا عِمّةٍ ألْفوه والقَسّ والحَبرا
تعالى إماماً سرمديّ مناقبٍ توارت وبانت للورى بعضها نزرا
فيا معبدَ النُسّاك من ولهٍ به ترى أنفس النسّاك في حبه سكرى
ويا ثورة الأحرار بالجوع تهتدي ولا تبتغي إلا غنى أنفسٍ أجرا
ويا زهرة المرتاض يا خفقة الندى ويا واحة الآمال تفترع الزهرا
عظُمت عليّ النفس شأناً وهمّةً إليه تتوق الروح والهةً حسرى
يذلّ لديه الشامخون وينحني صغاراً لديه الأكبرون فلا كبرا
لانّ جميع الناس أهلُ خطيئةٍ وإن علياً لم يكن صاحباً وزرا
مهابته تطغى على النفس ما علت فيقصر في جنبيه قيصر أو كِسرى
به نصر الله النبي ودينه فلولاه لم يدرك نبي الهدى نصرا
ولولاه لم تحفظ من الذكر آيةٌ من الوضع والتحريف إذ حفظ الذكرا
ولولاه ما ميزَ المنافق بعده مدى الدهر من ذي الدين واستعرت عسرا
ولولاه مولى الخلق علماً وحكمةً لما كان من كُفئٍ لفاطمة الزهرا
ولولاه لم نعرف لنوحٍ وآدمٍ ضجيعيه ـ فيما وثقوه لنا ـ قبرا
ولولاه منجىً للخليقة ما ارتجى غداً احدٌ نهرا لدى الله أو قصرا
وبيعته يوم الغدير لشاهدٌ على أنّه من يملك النهي والأمرا
* * *
يكِلُّ لساني والكلام يخونني إذا رمت إستجلي شمائله الغُرّا
فكم يئس الطلاب للبحر منتهىً وأدناه دون الطالبين له غورا
إذن فلنلج في ظاهرٍ منه ولندعْ لخالقه في قدس مكنونه السبرا
لأنّا إذا جلنا بباطن كنهه فإمّا نعيش الشرك أو ندرك الكفرا
سلام عليه من وصيٍّ لاحمدٍ ودونه كل الحمد والمجد والإطرا
* * *
أبا حسنٍ في النفس مني بقيّةٌ من الهمِّ والآلام أبعثها شعرا
لقد آذنتني بالشكاية موجعاً أحاديث تنبي عنك أوسعهم صدرا
ألست بحيٍّ تنظر الناس فعلها وتدفع عمّن ينتحي رفدك الضُرّا
أجرنا عراق المعدمين من الرجا فأعيننا عبرى وأكبدنا حرّا
لقد عاث فينا ظالمٌ تلو ظالمٍ فسادا وأجرى في بني الشعب ما أجرى
فمن يد صدامٍ وقد كان واحداً لأيدٍ جُذاذٍ بالمهين أذىً تترى
ونحن حيارى والخطوب كثيرةٌ ومحنتنا أنّا رضينا بهم مكرا
ووالله لا ندري أيبغون خيرنا إم الشرّ يبغوه فأنت بهم أدرى
لقد ملكوا منّا رقاباً عزيزةً فلا غروَ أن يظما أخو الورد أو يعرى
وأقصوا كرام الناس عن أخذ دورهم كمثل الأًلى أقصوك وانتحلوا الدورا
وأعني فتى (يعقوب) بالذكر إنّه فتى (الصدر) أكرم بالذي تَبِعَ الصدرا
تحمّل عنّا الهم ليس رجاؤهُ سوى أن يرى للّيل من بعده فجرا
فأوفى بما أعطى وأسدى بنصحه إلى أن بلغنا من لدن عطفه عُذرا
وصارع دنيا الظالمين بساعدٍ إذا هزّه ألوى بمن ضلّ بل أزرى
فكفّاه شلالان جوداً ونعمةً وعيناه ينبوعان للخير والبشرى
أحلّ ائتلافاً ـ كان قبل مشتّتاً ـ موحّدَ جمعٍ ليس يخترم المسرى
بعزم يحيل الراسيات ذوارياً وصبرٍ على اللأواء لا يشبه الصبرا
ولم يكُ يرجوا منهم أيّ منصبٍ سوى عزّةٍ للشعب في عيشه تُجرى
وما ذاك بالشيء العجيب وإن يكنْ عجيباً بدنياً سادها الظلم واستشرى
فصاحب موسى الخضر أعلى لمانعٍ جداراً ولم يطلب بصنعته أجرا
سوى أن يراه الله حيث يريده فمن غير أهل العلم قد مثّل الخِضرا
وكان أميناً لم يخنهم برأيه إذا قال قال الصدق بي قوله أحرى
ولكن قوماً غاضهم نفح فكره فأنموا وشيك الغدر كي يِأدوا الفكرا
بما وصموه بالذي هو فيهمُ من الظلم والإغضاء عن حقنا جهرا
فكان كعين الشمس تسطع كلما أرادوا على الأنوار أن يُسدلوا السترا
فهم كبني يعقوب في يوسف ابنه لكي يعضلوه ارفدوا الذئب والبئرا
ولكن تلك البئر كانت لحكمةٍ ليغدوا عزيزاً من أذلّوه في مصرا
وإن سبّه بعض فتلك لسُبّةٌ عليهم مدى الأيام تأسرهم أسرا
وقبل علي الطهر سُبّ فلم يزدْ سوى رفعةٍ حتى علا الشمس والبدرا
كذلك يا شيخ العراق ويا ابنهُ أراك عليا في معانيه لا غِرّا
فعشْ سامياً حراً عزيزاً مؤيّداً فلن يستطيع البوم أن يبلغ النسرا
وما هي إلا برهةٌ ثم تنجلي عن الشعب ما قاساه من غادرٍ دهرا
* * *
ويا شعب أرض الرافدين رسالةٌ أوجّهها بالشعر فاصغِ وعِ الشعرا
إذا لم تعشْ حراً فمت غير آسفٍ على أمّةٍ لم تنتدبك لها حرّا
وخذ من عليٍ صبره وإباءهُ وعفته وانهج بما سنّه يُسرا
وكن واحداً في الرأي والحزم والحجى وطئ واثقا لا تسلكن مسلكاً وعرا
وإيّاك والتحكيم فهو خديعةٌ تُسرّ بها اليمنى وتمنى بها اليسرى
وراقبْ زماناً ينثر العدل رحمةً لقائم آل الله من يدرك االثأرا
............................
(1) قصيدة أبدع فيها فضيلة الشيخ حسنين آل قفطان من طلبة جامعة الصدر الدينية في النجف الأشرف وألقاها في الحفل الذي أقامه طلبة الجامعة في مكتب سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) تيمّناً بذكرى ميلاد أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم 13/رجب/1429
(2) الشعرى/ كوكب في السماء ذكره القرآن
(3) باب حطة/ ذكره الله تعالى في القرآن ووعد بني إسرائيل بأن يغفر لهم خطاياهم اذا دخلوه