استفتاءات مختارة
بسم الله الرحمن الرحيم
استفتاءات مختارة
سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي دام ظلكم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الأحداث التي جرت في البصرة والناصرية بين القوات الأمنية الحكومية و بعض الحركات المهدوية ، اعتبر بعض المراقبين أن خروج مثل هذه الجماعات المنحرفة فكرياً هو بسبب تقصير المرجعيات الدينية في توجيه الأمة للحذر من هذه الفئات وانشغالها المفرط بالحياة السياسية .
ما رأي سماحتكم بهذا الرأي؟ خصوصاً وأن هناك توقعات بأن هناك حركات أخرى من هذا النوع قد تخرج في المستقبل. وبودنا تقديم دراسة بخصوص هذه الحركات مستندين الى آراء مراجعنا العظام وآراء المختصين والباحثين.
وجزاكم الله خيراً
بسمه تعالى:
ان مثل هذه الفتن الضالة المضلة وامثالها كثير لم ولن تنقطع الى ان يأذن الله سبحانه بالفرج لعباده الصالحين وان اهم سبب لنشوء مثل هذه الانحرافات عوامل : الاول الجهل : الثاني النفس الامارة بالسوء فلو لم يكن الناس جهلة وان سماهم السائل مثقفين – الا انه ما قيمة ثقافتهم وهم يقعون في مثل هذه الشبهات الواضحة البطلان – لما انطلت عليهم اقل شبهة يتعرضون لها والنفس الامارة بالسوء تزين الخوض في هذه الفتن لما تحصل عليه خلالها من مطامع وشهوات كالجاه والمال وغيرها.
فالعلاج الحقيقي انما يكون باجتثاث هذين السببين فاذا ارتقى الفكر في المجتمع واصبح الناس يفكرون بعقول نيرة وربوا نفوسهم على الطاعة الحقيقية لله سبحانه وعملوا باخلاص لنيل رضاه تبارك وتعالى فان هذه الفتن والضلالات سوف لا تجد لها مكانا وقد جعل الأمام الصادق (عليه السلام) هدف الأمام الحسين (عليه السلام) من حركته المباركة تخليص الأمة من هذين المرضين الوبيلين فقال (عليه السلام) (وقد بذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة ) [1]
اما الالتفات الى معالجة النتائج من دون التفكير في إزالة الأسباب فهذه مضيعة للجهد فان الطبيب لا يعالج الاعراض المرضية فقط من دون ان يشخص الحالة المرضية التي تسببت في ذلك فيعالجها من اصلها و لا يعذر المقصرّون في ترك هذا الجهل المستشري والسذاجة العمياء توقع في فخوخها ابناءنا من دون سعي حثيث لانقاذهم حتى اذا تورّطوا جوبهوا بالسلاح في حين لو بُذل الجهد الكافي لانقاذهم ومعالجة اسباب انحرافهم لاستوعبهم المجتمع واستفاد منهم بدل تحولهم الى اعداء والاجهاز عليهم.
و بالتأكيد فان أحد الأسباب الرئيسية لظهور مثل هذه الحركات انحسار دور المرجعية وعدم استقطابها للشارع العام سواءاً لعجزها وقصورها عن الكون بمستوى التحديات أو لضعف الحلقة الوسطية عن مواكبة حركة المرجعية إضافة إلى فشل السياسيين الذين يتصدون باسم المرجعية مما يجعل الفرصة واسعة لتلك الحركات حتى تنفّر الناس من المرجعية وتبعدها عنها وغيرها من الأسباب.
ومن المعلوم ان العلماء حصون الاسلام التي تحمي عقائد الناس واخلاقهم وتصرفاتهم من الانحراف والضلال ، لذا فان القاسم المشترك لكل هذه الدعوات المنحرفة تسقيط المرجعية وإبعاد الناس عنها مخالفين بذلك أوامر الأئمة المعصومين (سلام الله عليهم) بارجاع شيعتهم الى الفقهاء العدول لانهم (ورثة الانبياء) و(الامناء على الحلال والحرام
محمد اليعقوبي – النجف الاشرف
14 محرم 1429هـ - 23/1/2008م
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الزيارة المروية عنه (عليه السلام ) ليوم الأربعين العشرين من صفر .