سبل السلام (رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة)/ ح27

| |عدد القراءات : 3149
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سبل السلام (رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة)

 

 

 

الحـــلـــقـــة 27

 

 

 

(م-809) إذا كان كالراكع خلقه أو لعارض. فإن أمكنه الانتصاب للقراءة وللهوي للركوع وجب. ولو بالاستعانة بعصا ونحوها، فإن لم يتمكن من الانتصاب التام كفى الدخول في حد القيام الممكن لمثله عرفا. وإن لم يمكن فالأحوط وجوبا أمّا يرفع جسده قليلا ثم ينحني للركوع، ومع تعذره ينحني زائدا على المقدار الحاصل له. بشرط أن لا يخرج عن حد الركوع. وإن لم يمكن بشيء من ذلك أومأ برأسه للركوع، وإلا فبعينيه على النحو السابق.

 

(م-810) حد الركوع للجالس أن ينحني بمقدار ما يساوي وجهة ركبتيه. والأحوط استحبابا عدم الاقتصار على دخول الجبهة إلى هذه الحد،بل الأنف و الذقن . وإذا لم يتمكن من ذلك انتقل إلى الإيماء.

 

(م-811) إذا نسي الركوع، فهوى إلى السجود. وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام منتصبا مطمئناً ثم ركع. وكذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في السجدة الثانية على الأظهر. والأحوط استحبابا حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام، ويسجد للسهو لزيادة السجود، بعد الصلاة الأولى وان نسي فبعد الثانية إن صلاها وان ذكر ترك الركوع بعد الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته واستأنف.

 

(م-812) يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى بقصد أن يتناول شيئا من الأرض و نحوه، ثم نوى الركوع، لم يجزئه . بل لا بد من القيام ثم الركوع منه. وكذلك لو قام متقوسا للركوع بعد الجلوس كما سبق.

 

(م-813) يجوز للمريض وسائر موارد الضرورة الاقتصار من ذكر الركوع على واحدة صغرى كقولنا: سبحان الله مرة واحدة . بل قد يتعين ولا تجوز الزيادة كما في ضيق الوقت أو الاستعجال لغرض واجب كإنقاذ غريق ونحوه.

 

(م-814) قالوا : يستحب التكبير للركوع قبله، حال القيام مطمئنا قبل الشروع بالانحناء ورفع اليدين حالة التكبير. ووضع الكفين على الركبتين في الركوع اليمنى على اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى . ممكنا كفيه من عينيهما . ورد الركبتين إلى الخلف ، وتسوية الظهر ومد العنق موازيا للظهر. ولا بأس بانحناء الرأس خشوعاً. وان يكون نظره بين قدميه . وأن يجنح بمرفقيه. وإن يضع اليد اليمنى على الركبة قبل اليسرى. وان تضع المرأة كفيها على فخذيها. وتكرار التسبيح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر، إلا أن يكون ماحياً لصورة الصلاة، كما سبق. وان يقول قبل التسبيح : اللهم لك ركعت و لك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي. ومخي وعقلي وعظامي وما أقلته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر.

 

(م-815) يستحب أن يقول للانتصاب بعد الركوع : سمع الله لمن حمده وان يضم إليه قوله : أهل الجبروت والكبرياء والعظمة . الحمد لله رب العالمين، وان يرفع يديه ويكبر عندئذ. وإن يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الركوع.

 

(م-816) يكره في الركوع أن يطأطئ رأسه لغير الخشوع أو أن يرفعه إلى فوق أو أن يضم يديه. إلى جنبيه . فإن انتفت الطمأنينة بذلك بطل وبطلت الصلاة. ويكره أن يضع إحدى الكفين على الأخرى ويدخلهما بين ركبتيه. وأن يقرأ القرآن، في الركوع وان يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقة لجسده.

 

الفصل السادس : السجود 

 

والواجب منه في كل ركعة سجدتان . وهما معا ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا وبزيادتهما كذلك عمدا أو سهوا. ولا تبطل بزيادة واحدة ولا ينقصها سهوا والمدار في تحقق مفهوم السجدة أو السجود و وضع الجبهة على الأرض لله سبحانه وتعالى وقد يقوم مقام الجبهة غيرها كالذقن كما يأتي، كما قد يقوم مقام الأرض غيرها كالنبات على تفصيل يأتي. وكون السجود لله اعم من الخضوع أو الخشوع أو الحب أو الامتثال أو نحوها والمهم الفكرة الأساسية، وهي التي تدور الزيادة والنقيصة للسجود مدارها.

 

وواجبات السجود أمور:

 

الأول : السجود على سبعة أعضاء: الجبهة والكفين والركبتين وإبهامي القدمين. ويجب في الكف الباطن وفي الضرورة ينتقل إلى الظاهر ثم إلى الأقرب فالأقرب . ولا يجزي السجود على الأصابع فقط، ولا مع ضم الأصابع سواء وضع ظاهر كفه على الأرض أم باطنه. والأحوط استيعاب الكف على الأرض بالمقدار العرفي، وأما الإبهامان في القدمين فالأحوط مراعاة طرفيهما، ولا يهم بعد أن تكونا قائمين ,أو مائلين قليلاً، متجاورين أم متباعدين أم متقابلين. ويجزي في الركبتين المسمى.

 

(م-817) تكفي المسمى في الجبهة ولا يجب الاستيعاب، ويحقق المسمى بمقدار الأنملة، والأحوط عدم الأنقص كما أن الأحوط كونه مجتمعا لا متفرقاً ، فإن كان التفرق على شكل نقاط أو خطوط صغيرة مبثوثة فالاحتياط وجوبي، وإن كان على شكل انقسام المكان إلى نصفين أو أربعة مثلا، فهو استحبابي.

 

(م-818) لا يعتبر في شيء من الأعضاء المذكورة المماسة للارض، كما كان يعتبر في الجبهة.

 

(م-819) المراد من الجبهة بالمقدار المنبسط في أعلى الوجه ما بين قصاص الشعر والحاجبين.

 

الثاني : من واجبا السجود . وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه وهي الارض أو ما تنبت منها غير المأكول والملبوس على ما مر في بحث المكان.

 

الثالث : الذكر على نحو ما تقدم في الركوع. والأحوط في التسبيحة الكبرى إبدال العظيم بالأعلى. فلو عكس سهوا أعاد، وان عكس عمدا كان من الذكر المطلق الذي لا يجزي اقل من ثلاث مرات على الأحوط.

 

الرابع : الطمأنينة فيه، كما مر في ذكر الركوع.

 

الخامس : كون المساجد في محالها حال الذكر، وإذ أراد رفع شيء منها سكت إلى أن يضعه، ثم يرجع إلى الذر الواجب. هكذا قال الفقهاء. غير أن الظاهر رجوع هذا الشرط إلى معنى الطمأنينة وليس شرطا مستقلا.

 

السادس: تساوي موضع جبهته وموقفه. إلا أن يكون الاختلاف بمقدار لبنة تحت الجبهة ، وقدر بأربع أصابع مضمومة . ولا فرق بين الانحدار والتسنيم. نعم إذا كانت الارض منحدرة كسفح جبل فلا اعتبار بالتقدير المذكور، بل يجوز الزيادة عليه، وان كان هو الأحوط استحباباً . ولا يعتبر ذلك في باقي المساجد على الأقوى.

 

السابع : رفع الرأس من السجود إلى أن ينتصب جالسا مطمئنا سواء في نهاية السجدة الأُولى أو الثانية . غير أننا قلنا في مثله في الركوع أن هذا من واجبات الصلاة ولا يمكن أن يكون من واجبات السجود.

 

الثامن : تعدد السجود إلى سجدتين دون نقيصة بحيث يكتفي بواحدة ولا زيادة بحيث تصبح ثلاثة أو أكثر، هذا مع العلم والعمد.

 

(م-820) أذا وضع جبهته على الموضع المرتفع أو المنخفض فإن لم يصدق معه السجود جاز له رفعها ثم السجود على المستوى. وإن صدق معه السجود عرفاً أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه. فإن أمكن جرّ الجبهة إلى ما يصح السجود عليه جامعا للشرائط تعين. وإلا تعين الرفع والسجود على ما يجوز السجود عليه. وإن لم يمكن كل ذلك فالأحوط الإتمام والإعادة وله القطع والاستيناف، وإذا وضع الجبهة على ما يصح  السجود عليه جاز جرها إلى المحل الأفضل والأسهل.

 

 (م-821) إذا ارتفعت جبهته من المسجد قهراً قبل الذكر أو بعده فإن أمكنه حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له، وسجد أخرى بعد الجلوس معتدلاً، إن كانت تلك هي الأُولى وإلا استمر بصلاته. وإن وقعت جبهته على المسجد ثانيا قهرا لم تحسب الثانية. فيرفع رأسه ويسجد الثانية. إن كانت تلك هي الأُولى أيضا . وله أن يذكر في هذه السجدة القهرية بقصد القربة المطلقة أو رجاء المطلوبية. ولا يجب أن يسرع في رفع رأسه منها. كما لا تكون مبطلة لصلاته أو لسجوده الاختياري.

 

(م-822) إذا عجز عن السجود التام  انحنى بالمقدار الممكن، ورفع المسجد إلى جبهته، ووضعها عليه. والأحوط رفعه فوق ما يمنعه من التزلزل ولا يكفي إمساكه بيده أو بيد غيره. هذا مضافا إلى وضع سائر المساجد في محالها مع الإمكان وإلا وضع ما أمكن.

 

(م-823) إن لم يمكنه الانحناء أصلاً، أو أمكن بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا، أومأ برأسه، فإن لم يمكن فبالعينين، وإن لم يمكن فالأولى أن يشير إلى السجود باليد أو نحوها، مع الإمكان، وينويه بقلبه والأحوط له رفع المسجد إلى الجبهة ، وكذا وضع المساجد في محالها.

 

(م-824) إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه عن وضعه على المسجد، فإن لم يستغرقها سجد على الموضع السليم، ولو كان بحفر حَفيرة ليقع السليم على الارض. وإن ستغرقها سجد على احد الجبينين مقدما للأيمن على الأحوط استحبابا . والأحوط لزوماً الجمع بينه وبين السجود على الذقن . فإن تعذر أومأ إلى السجود برأسه أو بعينه على ما تقدم.

 

(م-825) يجب على الأحوط في الإيماء بالرأس نيابة عن السجود إمالته بمقدار معتد به، وكذا في التفريق بينه وبين الإيماء للركوع بزيادة الإمالة للسجود. وكذا الأمر بالإيماء بالعينين في الحالتين المشار إليهما. كما لا يجزي الإيماء بعين واحدة، ويجب الذكر والطمأنينة وغيرها من واجبات السجود خلال الإيماء. إلاّ أن وجوب وضع المساجد الستة الأخرى على الارض مبني على الاحتياط الاستحبابي. وكذا وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه في الإيمائين اعني بالرأس والعين.

 

(م-826) لابأس بالسجود على غير الارض أو ما يصح السجود عليه، في حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى محل آخر نعم، لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقية بان يصلي على البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه تعين.

 

فروع في مستحبات السجود

 

(م-827) يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع. ورفع اليدين حاله. والسبق باليدين إلى الارض واستيعاب الجبهة في السجود عليها. والإرغام بالأنف وهو وضعه على الرغام وهو التراب. وجعل اليدين مضموتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين متوجها بهما إلى القبلة . والدعاء قبل الشروع في الذكر وتكرار الذكر والختم بالوتر واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثهما. والأفضل تخميسها وتسبيعها وان يسجد على الارض، بل التراب، ومساواة موضع الجبهة للموقف بل مساواة جميع المساجد لهما.

 

(م-828) قيل: ويستحب الدعاء في السجود بما يريده من حوائج  الدنيا والآخرة . خصوصا الرزق الحلال. كما يستحب التورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بان يجلس على فخذه اليسرى جاعلا ظهر قدمه اليمنى على بطن اليسرى . وان يقول بين السجدتين استغفر الله وأتوب إليه. وان يكبر بعد الرفع من السجدة الأولى بعد الجلوس مطمئنا . ويكبر للسجدة الثانية قبلها وهو جالس. ويكبر بعد الرفع من الثانية كذلك. ويرفع اليدين حال التكبيرات.

 

(م-829) يتسحب وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس اليمنى على الأيمن و اليسرى على الأيسر، و التجافي في حال السجود بمعنى انحناء كفيه عن وجهه أو إبعاد ذراعيه عن الارض وهو التجنح أو إبعاد ذراعيه عن عضديه عندئذ أو عن جبينه ، وكله محتمل ومستحب.

 

(م-830) يتسحب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم واله في السجدتين وفي الاكتفاء بها عن الذكر في السجود ويكثر فيه من الذكر والتسبيح ، وزيادة تمكين الجبهة.

 

(م-831) يستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي إلى السجود، وعدم تجافيها بل تفرش ذراعيها وتلصق بطنها بالارض، وتضم أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض معتدلة.

 

(م-832) يكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين، بل بعدهما أيضا، وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الارض، ويجلس على عقبيه. وبتعبير آخر: هو الجلوس على القدمين مرتفعين كحال السجود لا منخفض كحال التشهد. ويكره أيضا نفخ موضع السجود إذا لم يتولد منه حرفان عرفيان وإلاّ لم يجز. وأن لا يرفع بيديه عن الارض بين السجدتين. وأن يقرأ القران في السجود.

 

(م-833) الأحوط استحبابا الإتيان بجلسة الاستراحة، وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعتين الأُولى والثالثة، مما لا تشهد فيهما. بل هي الأوفق بالسيرة لدى المتشرعة وبالأدب الشرعي.