معنى عدم تدخل المرجعية في الجزئيات
معنى عدم تدخل المرجعية في الجزئيات
أرسل احد مراكز الدراسات في خارج العراق دليلاً ستراتيجياً أو خارطة طريق استراتيجية حول الوضع في العراق يتضمن فقرة تتعلق بسماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله الشريف) و مشروعه الإصلاحي ألتغييري و اقّر بأنه (لابد أن يأتي اليوم الذي نرى فيه تحقق هذه الطموحات والآمال التي طال انتظارها).
ووردت في التقرير مؤاخذة على سماحة الشيخ (دام ظله الشريف) بأن (المرجع عادة لا يتدخل في جزئيات وتفاصيل الحياة السياسية مثلما حصل في رسالة كركوك شديدة اللحن والتي أثارت ردود فعل عنيفة وعدوانية).
وكتب سماحته بصدد الإجابة على هذا الإشكال بأن (جزئيات وتفاصيل الحياة السياسية) إذا اريد بها التفاصيل الإدارية والسياقات القانونية التي توضع لحفظ النظام الاجتماعي العام ورعاية مصالح الناس وتنظيم شؤونها وحقوقها وواجباتها فهذا مما لا تتدخل فيه المرجعية بل تلزم الناس بمراعاته والانضباط به وتطبيقه وتحرّم كل ما يخلّ بالنظام العام ولا تقفز على السياقات المعمول بها.
أما إذا اريد بهذه الجزئيات تفاصيل المظالم التي يتعرض لها الناس وغمط حقوقهم و التجاوز عليهم فان المرجعية لا تُعذر في إهمالها مهما عدّها البعض بسيطة انطلاقاً من الحديث الشريف (من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) ولم يختص الحديث بالأمور الجليلة وان أمير المؤمنين (u ) يهتم وهو بالكوفة باحتمال وجود شخص في الحجاز أو اليمامة لا عهد له بالشبع ولا طمع بالقرص ويصعد (u ) على المنبر متمنياً الموت ويبكي ويقول لو ان المؤمن مات اسفاً لكان عندي به جديراً لأن امرأة غير مسلمة لكنها تعيش في ذمة الدولة الإسلامية وأغار أصحاب معاوية على قومها وسلبوا حليّها الذهبية.
ويسجّل التاريخ العربي بافتخار ان المعتصم العباسي أجاب استغاثة امرأة في عمورية من بلاد الروم قالت (وامعتصماه) فخرج بنفسه على راس جيش كبير لتأديب الروم و الانتصار لهذه المرأة المظلومة ولم يقل أحد منهم ان هذه تفاصيل جزئية لا أتدخل فيها.
فهل هذه الحوادث أهم مما يعانيه شعبنا بمختلف طوائفه و أعراقه في كركوك و الموصل وغيرها من التسلط الغاشم لبعض القوى التي استغلت انهيار الدولة والفراغ الحاصل في المؤسسات و أمّن لهم جيش الاحتلال غطاءاً كافيا ليتلاعبوا بمقدرات الناس وحقوقهم وتاريخهم ويتسلطوا عليهم بغير حق وقد أعطتهم تلك الرسالة التي كانت غضبة لله ولعباده المستضعفين قوة في المطالبة بحقوقهم ورفع أصواتهم ضد الظلم والطغيان.
ولو تحدث السياسيون وتحركوا لرفع الظلامة لاكتفينا بهم ولكن الجميع أسكتهم حبّهم للدنيا وانسياقهم وراء الأطماع والمصالح.