مسؤولية المرجعية عن المتصدين لإدارة الدولة
مسؤولية المرجعية عن المتصدين لإدارة الدولة(1)
تحمّل القواعد المؤمنة التي أطاعت أوامر المرجعية الرشيدة و توجهت الى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحيها الى البرلمان و من ثم الحكومة رغم تهديدات الإرهاب مسؤولية الفشل على المرجعية نفسها و بغض النظر عما قلناه سابقا ان الإدلاء بالصوت في صناديق الاقتراع هو حق قبل ان يكون واجبا ألزمت به المرجعية و الحق يستوفى و ان غلت التضحيات اذا كان مقدسا كحق اختيار من يدير شؤون الامة ويرعى مصالحها و بغض النظر عما قلناه ان المرجعية قد تحرت المصلحة الشاملة للشعب حينما قالت كلمتها وحاولت هداية الامة الى ما فيه صلاحها و (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيل) التوبة/91 و لسنا بصدد بيان اسباب الفشل في ان يكونوا بالمستوى الذي نطمح اليه وكم منها يرجع الى التقصير الذي يسالون عنه وكم منه يرجع الى القصور الذي يعذرون فيه
لكنني اريد ان اشير الى ان كثيرا من المشاريع الاصلاحية للانبياء و الرسل و الائمة و العلماء و القادة انما تفشل في بلوغ المراد بسبب القيادة الوسطية التي تدير مفاصل المشروع و تتعامل ميدانيا مع الجمهور و لناحذ مثالا من حياة رسول الله (صلى الله عليه واله) فان الحلقة القريبة منه و التي تولت قيادة المشروع الاسلامي من بعده رغم انها واكبت مسيرته الطويلة خلال عشرين عاما و تعرف انه مسدد من الله تعالى{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }النجم/4 لما دنت منه الوفاة و قال (صلى الله عليه واله) (ائتوني بدواة لأكتب لكم كتابا لن تضلوا من بعده ابدا) قال احدهم (ان الرجل ليهجر) و اختلفوا عنده حتى زجرهم و امرهم بالخروج من داره لانهم علموا ان كتابه (صلى الله عليه واله) يخالف مصالحهم و يحبط مخططاتهم و اما توبيخ أمير المؤمنين لاصحابه الذين ملأوا قلبه قيحا فقد ملا بطون الكتب وهي عين المشكلة التي يواجهها الامام المنتظر في غيبته الطويلة فانه ينتظر وجود(313) رجلا يقود بهم مشروعه العالمي العظيم ولم يجدهم الى الان.
فالحالة التي تشكو منها الجماهير طبيعية وتاريخية و ان كانت سيئة في نفسها وما دمنا ممهدين للظهور الميمون فعلينا ان نعمل لبناء هذه الحلقة الوسطية القادرة على انجاح المشروع الالهي
واريد ان الفت نظر كثير من المعترضين الى ان أي واحد منهم لو تصدى الى موقع المسؤولية لما كان افضل من صاحبه بدليل ان تغييرات كثيرة تجري و وجوها تتبدل ولم يتحسن الحال و ربما ساء في كثير من الحالات .
فعلى الجماهير ان تعي- كجزء من الحل- ان هذه المشكلة متأصلة و مهما بذلنا من جهد فاننا لا نستطيع استئصالها و اتذكر انني قلت للسيد الشهيد الصدر الثاني (قد) في اوائل تصديه للمرجعية بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991 ان اخطاء موروثة للمرجعية اوجبت نفور الناس فما هو تخطيطك لتجنبها ؟ قال (اعلم ان الاخطاء المحسوبة على المرجعية على قسمين : فبعضها هي مسؤولة عنها و يمكن اصلاحها و اخرى لا يمكن اصلاحها) و لكنني اكرر مسؤوليتي عن متابعة المتصدين و مواصلة نصحهم و توجيههم و تصحيح مسيرتهم و لكنني لا ادعي العصمة لنفسي و لست فوق ان اخطيء كما انني لا اتوقع التطبيق الكامل لكل ما اقول قصورا او تقصيرا وهذه حالة لدى الجميع بمن فيهم المعترضون على المرجعية - و اقرب لهم الفكرة بمثال- فانهم كلهم مكلفون من قبل الله تعالى على لسان نبيه العظيم (صلى الله عليه واله) و الائمة الطاهرين (عليهم السلام) بتعاليم واحكام فما هي نسبة تطبيقهم لها؟ رغم ان المسؤولية امام الله تبارك وتعالى ونبيه و الائمة الطاهرين اعظم من المسؤولية امام المرجعية! و لذا قلت قبل قليل ان المشكلة متأصلة فليخفف المؤمنون من شعورهم بالاحتقان و الامتعاض و الاعتراض (فأن الشكوك و الظنون لواقح الفتن ، ومكدرة لصفو المنائح و المنن)(2). وقد ورد في بعض الوجوه لتفسير قوله تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}الفتح2 انها الاخطاء التي تحسب على رسول الله (صلى الله عليه واله) بجريرة أصحابة كفعلة خالد بن الوليد في بني جذيمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من كلمة لسماحة الشيخ (دام ظله) مع وفد من مدينة الشعلة وآخر من مدينة الناصرية ليلة الخميس 10 شوال 1427هـ
(2) من أدعية الصحيفة السجادية .