رب موقف يكون سبباً لبركات كثيرة

| |عدد القراءات : 2253
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

(رب موقف يكون سبباً لبركات كثيرة) (*)

 

ورد في الحديث الشريف [إذا مات المرء انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية ، وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له) وانتم الذين اتشرف بخدمتكم الآن قد حققتم الثلاث فانتم ابناء صالحون ليس لابويكم فقط وإنما للاسلام وللمرجعية وللوطن وللأمة ومدارسكم هي التي تتداول العلوم التي ينتفع بها في إصلاح الناس وتعليمهم أحكام الحلال و الحرام وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) والعقائد الحقة اما الصدقة الجارية فلا تنحصر في بناء مسجد أو حسينية أو مدرسة وإنما تعم كل مشروع خيري وعمل يستمر في طائه الانساني النبيل كالذي قمتم به حين زرعتم منطقة خضراء في مدينة الشعلة وزينتموها بالورود هيأتموها لكي يروح فيها الانسان عن نفسه هم الحياة ومشاقها ونكدها ويلهو فيها الأطفال ببراءة وتجتمع فيها العوائل على الحب والتآخي والمودّة .

 

وليس كثيراً على كرم الله تعالى وفضله ورحمته أن يهيئ للإنسان أسباباً لزيادة الأجر والتكامل حتى يعد وفاته ، وليس اعتباطاً ان يرزق الله أحداً مثل هذه الاسباب دون غيره ، لان الاول لابد انه قام بعمل أو اتخذ موقفاً وجد رضا وقبولاً عند الله تبارك و تعالى فأغدق عليه من كرمه ورضاه بما هو أهله وليس من باب مدح النفس وانما من باب المثال والحث على اتخاذ القرارات الشجاعة و الحاسمة إذا كان فيها رضا الله تبارك وتعالى فحينما انهيت دراستي الجامعية في كلية الهندسة بجامعة بغداد عام 1982 كان علي ان التحق بالخدمة العسكرية في وقت كانت الحرب الظالمة التي شنها صدام المجرم على ايران الاسلام على اشدها و رغم ان مكان عملي كان مهندساً في وزارة الدفاع ببغداد وهو مكان يسعى إليه الطامحون الا انني كنت في حماس الشباب و اندفاعاته في الثانية والعشرين من عمري وكنت ممتثلا بتحذير الائمة لشيعتهم من الركون الى الظالمين ومعونتهم والانخراط في مؤسساتهم من عمري بحيث ان رجلاً يسأل الإمام (ع) انني ممن اخيط ملابس موظفي الدولة العباسية فهل انا من اعوان الظلمة الذين ورد فيهم العذاب والمقت فقال (عليه السلام) إنك من الظلمة أنفسهم وإنما أعوان الظلمة من يبيع لك الابرة والخيط .

 

ويأتي آخر إلى الإمام ويسأله ان ابي خرج مع جيش عمر ابن سعد لقتال الحسين وكان في مؤخرته ولم يباشر القتال و إنما كان يؤدي بعض الخدمات للجيش فهل تشمله لعنة قتلة الحسين (ع) فأكد الإمام شموله باللعن وقال (لقد كثّر السواد على ابي عبد الله الحسين (ع) ) بمثل هذه الثقافة كان قلبي وعقلي مع مشدوداً فلم أجد أي تردد في إتخاذ قرارا بالامتناع عن الانخراط في الخدمة العسكرية ولو لحظة واحدة ولو حتى لو كان موقع عملي في باب الدار وكان مثل هذا القرار يكلف صاحبه عقوبة الإعدام امام مرأى الناس وزغاريد النساء وتسلم جثته إلى اهله بكل إهانة ويتعرض لضغط اجتماعي كبير من أهله والمجتمع حوله وكانوا يستغلون ضعف والدتي المفجوعة بأبي وعدد من إخوتي يومئذ للضغط عليَّ ولكنها (رحمها الله ) كانت لا تعارض لي قراراً أو رغبة حتى انتهت تلك السنين العجاف وهذا القرار وإن كان لطفاً خالصاً من الله تعالى لا أدعي أنني كنت أهلاً له الا انه كان مفتاحاً لخيرات وبركات كثيرة لا زالت تغمرني حتى الآن حيث عشت أياماً سعيدة وانا حليف القرآن والصلاة والكتب التي بنت شخصيتي ثم اتممت لي في اوائل عام 1985 سبل الاتصال بالسيد الشهيد الصدر (قده) والتي استمرت حتى استشهاده ومحل الشاهد أننا يجب ان لا نقصّر عن استثمار أي فرصة للطاعة والمشاركة في أي مشروع خيري أو عمل إنساني فلعل هذا العمل بالذات هو الذي يقع في محل الرضا والعطاء الالهي والنفحات الخاصة فقد ورد في الحديث الشريف إن الله تعالى أخفى وليّه بين عباده لكي تحترم الجميع ولا تستحقر أحداً مهما كان ضعيفاً أو رثّ الحال لاحتمال ان يكون من أولياء الله تعالى و أخفى رضاه في طاعته أي أخفى مقدار الرضا و العطاء على أنواع الطاعات لكي يهتم الانسان بها جميعاً ولا يفّرط في أي واحدة منها إذ لعل هذه هي من اسباب الالطاف الالهية الخاصة .

 

فالمأمول منكم ان لا تقصروا في مشاريع الخير والنفع للأمة واحتسبوا بها الاجر عند الله تعالى (ولا يستخفّنك الذين لا يوقنون) من هؤلاء المتصارعين على حطام الدنيا الزائفة فحينما تنصب الموازين الحق سيعلمون عندئذ الفائزين والمفلحين (وحينئذ يخسر المبطلون) .

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع مركزي الزهراء المظلومة وسبل الرشاد في الناصرية الذين أقاموا معرضا ثقافياً في كربلاء بمناسبة الزيارة الشعبانية واستمر اربعة أيام وقد زاروا سماحته يوم 7 شعبان ومن حديث سماحته مع مجموعة من الشباب اشادوا روضة خضراء في الشعلة واطفال مدرستي الإمام الصادق في مدينة الصدر والامام الجواد في الكاظمية وقد زاروا سماحته يوم 22 شعبان ومن حديثه مع عدة سرايا من لواء الإمامين العسكريين في قضاء الهندية الذي قدموا خدمات جليلة لزوار الشعبانية وحافظوا على قدسية الشعائر في كربلاء قرب مقام الإمام المهدي بالتعاون مع موكب الزهراء في الناصرية وغيرها وقد زاروا سماحته يوم 25 شعبان .