فضل العراق والحوزة العلمية على العرب وآداب اللغة العربية

| |عدد القراءات : 2211
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

فضل العراق والحوزة العلمية على العرب وآداب اللغة العربية

 

الأربعاء 3/ج1 : استقبل سماحة الشيخ اليعقوبي السيد مختار لماني مبعوث السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية و الوفد المرافق له حيث شرح لسماحته في بداية اللقاء هدف الزيارة وهو الاستماع للاطراف المؤثرة في الساحة العراقية لانجاح مؤتمر الوفاق العراقي الذي سيعقد لاحقا باذن الله تعالى من اجل اخراج العراق من محنته .

 

وقد شكره سماحة الشيخ اليعقوبي على مجيئه و اهتمامه بالقضية العراقية في حين تخلف الاكثر عن الحضور و مؤازرة العراقيين او مساعدتهم للخروج من محنتهم رغم ان هذا واجب انساني واسلامي وعربي لان العراق كان من المبادرين لنصرة القضايا العربية المحقة حتى وهو في اشد فترات معاناته من الظلم والبطش والحرمان فانه لم يتخلف عن المشاركة الوجدانية و الميدانية في احداث اخوته وقضاياهم سواء في المغرب او الجزائر او تونس او ليبيا او مصر او فلسطين او سوريا و لعلمائنا و شعرائنا مواقف وقصائد في رجالات هذه البلدان فلجدي الشيخ محمد علي اليعقوبي المتوفى عام 1965 ديوان شعري كامل في ( جهاد المغرب العربي ) وقصائده في عبد الكريم الخطابي وعبد القادر الجزائري وعمر المختار من أرق نظمه لعمق تفاعله و اما فلسطين فكان تفاعلها في الوجدان الشيعي والنجفي اكثر من أي بلد آخر .

 

وكانت الحوزة العلمية الشريفة وشعراء الشيعة في حواضر العلم والادب كالنجف وكربلاء والحلة وبغداد هم رواد الادب العربي ومفاخره وفي الوقت الذي كانت تعيش المدن العربية الأخرى كدمشق و القاهرة والحجاز وفاس و طنجة ( الفترة المظلمة ) في العهد العثماني كما يقسمونها ضمن عصور الادب العربي كانت الحواضر الشيعية مزدهره بسوق الادب وبرز المئات من كبار الشعراء والادباء في تلك القرون منهم وخلّدتهم معاجم الرجال والادب وبلغ عندهم سمو المعنى ولطافة السبك درجة بحيث اذا اراد نقّاد الادب ان يمدحوا شاعرا فانهم يقولون ( كان يترفض في شعره ) أي ينحو منحى الرافضة – وهم الشيعة في مصطلحهم – في هذا الرقي .

 

هذا هو فضل الشيعة والحوزة العلمية على العرب و اللغة العربية فكيف يجوز لرئيس اكبر دوله عربية ان يشكّك في ولائهم لبلدانهم ويقول انهم موالون لدول غير عربية ، وانا المتحدث معك احد مراجع الدين في النجف الاشرف وانا عربي اصيل ارجع الى قبيلة الاوس الانصارية التي آوت رسول الله 9 ونصرته ، وهذا ابو جدي الشيخ يعقوب المولود في النجف الاشرف عام (1853) يصف النجف الاشرف في ابيات شعرية له انها ( موطن آبائي واجدادي ) فقال (رحمه الله) :

 

 

 

مواطن آبائي بها واحبتي

فمن تربها أصلي ومبدأ نشأتي

 

   وفيها مغاني اسرتي وسراتي

وارجوا بها مثواي بعد وفاتي(1)

 

 

 

 

فهل توجد أصالة وانشداد الى العروبة اكثر من هذه ؟

 

ان هذا التصريح من رئيس دولة عربية مهمة قد يكون سبق لسان – كما قالوا – او أي تبرير آخر لكننا نعتبره تحريضا للارهابيين القتلة المجرمين على الشيعة بعد ان اعتبرهم دخلاء وعملاء للاجنبي وهو ما لا يتوقعه العراقيون من اخوانهم فاذا اردنا ان ننجح في حفظ وحدتنا العربية ويكون للعرب دور مثمر في العراق فلابد من تجنب هذا الخطاب التحريضي الطائفي.

 

ان عقد المؤتمرات وحده غير كاف في حل مشاكلنا والشاهد على ذلك كثرة المؤتمرات التي تعقد من دون نتيجة تذكر ، ان اساس النجاح هو الصدق و الجدّية في ارادة الحل ومعالجة المشاكل اما بقاء كل طرف على تَعنُّتِه وتعصبه لرأيه واستئثاره بالخير كله لنفسه الذي هو طبع للنفس الامارة بالسوء ( وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحّ ) فلا ينفع الف مؤتمر وان هذا الاستئثار والتفرد و الديكتاتورية و الغاء الآخر وفرض الرأي عليه هو الذي يؤجج الصراعات ويدفع الآخر الى فعل كل شيء حتى الافعال الاجرامية ليثبت ذاته و ينال استحقاقه.

 

وقد فهمت من كلامكم انكم اكتشفتم من خلال لقاءاتكم المتعددة باطراف المشكلة العراقية اجماعهم على رفض هذه الحالة واقتناع الجميع بضرورة الشراكة و الاقتسام وهذه نتيجة طيبة تدفعنا الى التفاؤل في تجاوز المحنة و معالجة اسبابها . وهذا الشعور بالحاجة الى الشراكة والاقسام هو التفكير الصحيح والطبيعي فمن الغريب ان يغفل الانسان عن حقيقة واضحة وهي ان الله تبارك وتعالى لما خلق البشر فانه جعل لهم في الارض خيرات تكفيهم وزيادة ولكن عدم العدالة والظلم في التوزيع يسبب المشكلة قال امير المؤمنين ( ما جاع فقير الا بما متَّع به غني ) فلولا ان اوربا تحرق اللحوم وترمي الفواكه في البحر لتحافظ على الاسعار لما جاعت افريقيا ومات الملايين بسبب سوء التغذية .

 

إن ما نعانيه في العراق له اسباب ومناشئ عديده بعضها داخلية نابعه من الظروف التي مر بها الشعب العراقي وبعضها خارجي يعود الى اجندات الدول الاقليمية والكبرى فالخطوة الاولى على طريق الحل يبدأ من تشخيص هذه الاسباب وفتح ملفات لكل منها وتعكف لجنة متخصصة على دراسة كل ملف على حدة وليقل كل طرف ما عنده من هواجس ومشاعر ومخاوف ومبررات ومطالب لتنقيحها وتحليلها من اجل الوصول الى الحلول و التوصيات المناسبة فربما حمل بعضهم السلاح خوفا على هويته ووجوده وآخر لشعوره بالاقصاء وعدم اعطائه الحق في المشاركة في العملية السياسية والآخر لمقاومة المحتل وردعه عن عدوانه وظلمه وغطرسته واستخفافه بالمحرمات وهكذا ولإتمام ذلك فلابد ان يبقى عمل هذه اللجان مفتوحا من دون تحديد سقف زمني لعمل المؤتمر ولجانه فان تحديد زمن المؤتمر بيومين او ثلاثة كمؤتمر القاهرة لا يمكّن المشاركين من انجاز مهامهم .

 

إن حالة العنف التي تغطي ساحة العراق بصورتها القائمة المقزّزة طارئة على الشعب العراقي وثقافة غريبة عليه وقد عاشت طوائفه واعراقه قرونا من الالفه والتسامح والشراكة لم ينغصها هذا الجنون و التوحش والولع في سفك الدماء الا من العصابات الاجرامية كالصداميين الاشرار والتكفيريين المتحجرين لذلك اذا عزل هؤلاء القتلة فان جميع مكونات الشعب العراقي قادرةً على الحوار وحل المشاكل .

 

كما ان وجود الاحتلال سبب رئيسي لبقاء الفوضى والعنف والخراب فلابد من انهائه في اقرب وقت واذا كان عذرهم في عدم قبول جدول زمني للانسحاب باعتبار ان وجودهم مربوط باستقرار الوضع والقضاء علىالعنف وقدرة القوات المسلحة العراقية على مسك الملف الامني وهذا غير محدد بزمن فيلزم الدور في هذا المطلب فنحن نصوغ المطلب بصورة معقولة وهي المطالبة بجدول زمني لبناء قوات مسلحة عراقية مستعدة عدة وعددا لبسط الامن وسلطة القانون على جميع الاراضي العراقية وننهي بذلك ذريعة وجود الاحتلال ومثل هذا الجدول الزمني ممكن لانه مرتبط بمصداقية الاطراف المعنية في استعادة سيادة العراق و حريته وقوته .

 

وقد ابدى الوفد الضيف اعجابه بهذه الافكار وقدم سماحة الشيخ اليعقوبي بعضا من كتبه تتحدث عن دور الائمة والمرجعية في حياة الامة .

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(1) ذكرها سماحة الشيخ اليعقوبي في كتابه عن والده ( الشيخ موسى اليعقوبي : حياته – شعره )