عمل القضاة والمحامين وفق الشريعة الإسلامية (خطاب المرحلة (104))

| |عدد القراءات : 2237
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

خطاب المرحلة (104)

 

عمل القضاة والمحامين وفق الشريعة الإسلامية

 

استقبل سماحة الشيخ اليعقوبي عدداً  من المحامين من محافظة واسط يوم الاحد 28 ذي الحجة وسألوه عن كيفية عملهم وفق الشريعة الاسلامية فأجاب سماحته:" انه ليس فقط مجال القضاء الذي يحتاج إلى تصحيح وإنما كل واقع المعاملات بُني على غير منهج الإسلام فمثلاً البنوك تعتمد نظام الفائدة الربوية والتعامل معها يوجب اشكالات تحتاج إلى تقنين وتكييف الفقهاء. وقد عمل الفقهاء على بيان طريقة التعامل مع هذه الحالات وقد اعترضت مرة قبل عشرين عاماً على هذا النمط من التفكير في احدى مراسلاتي مع السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) واعتبرته ترقيعا للواقع الفاسد ويؤدي إلى ترسيخه والوقوع في آثاره السيئة التي اراد الشارع المقدس إنقاذ البشرية منها فأيد (قده) هذا وقال كلمة أعتبرها برنامج حياة (علينا ان نرتقي بمستوى الواقع الفاسد إلى الشريعة وليس أن ننزل الشريعة إلى مستوى الواقع الفاسد) لكنه دافع عن عمل الفقهاء باعتبار أنهم أمام مشكلة حقيقية تورط بها الناس فعليهم أن يفكروا لابراء ذمة المكلف على الاقل إن عجزوا عن تغير الواقع الفاسد".

 

وإذا اردنا أن نطبق هذه المقدمة على عمل القضاة والمحامين فنحن أمام حلّين أحدهما ستراتيجي يمثل حالة الطموح والآخر مرحلي يقنن التعامل مع الواقع الموجود وفق الشريعة المقدسة.

 

(فالأول) بان نسعى إلى تأسيس (معهد للقضاء) لا يكتفي باعطاء مفردات القوانين الوضعية المطلوبة وإنما يزوّد القاضي بالاحكام الشرعية والقواعد الاصولية التي يحتاجها في عمله لاستخراج الحكم الشرعي المنطبق على الحالة المترافع عليها هذا من جهة تأهيل القاضي ومن جهة أخرى علينا أن نهذب القوانين وننقحها وننقيها من المخالفات للشريعة خصوصاً وقد نجحنا في تثبيت مادة في الدستور تشترط على كل القوانين عدم مخالفتها لاحكام الشريعة المقدسة وهنا تقع المسؤولية على القضاة والمحامين في التعاون مع المرجعية الرشيدة لتأسيس مثل هذا المعهد ولمراجعة القوانين المعمول بها في المحاكم لمعرفة نقاط التقاطع مع الشريعة حتى نعمل على تصحيحها بأذن الله تعالى وهي فعلا تحتاج إلى إعادة نظر لان كثيراً منها يعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي.

 

(والثاني) بأن نضع للقضاة والمحامين جملة من المحددات لعملهم ومنها : ـ

 

أ. أن لا يتصدوا لقضية فيها حكم كأجراء عقد الزواج الذي لايحتاج إلى ازيد من ايجاب وقبول من الزوجين وإذن ولي الأمر للباكر وكايقاع الطلاق من قبل الزوج الحاضر مع اجتماع شروطه أو نصب القيم الجامع للشرائط وهكذا أمام القضايا التي فيها حكم سواء كانت في البداءه أو الجنايات ونحوها فيتجنبها لأن مسؤولية التصدي لاصدار الحكم شديدة وقد نقلت الروايات الشريفة عقوبات تقشعر لها الابدان لمن تصدى للقضاء وهو ليس جامعا لشروطه الشرعية حتى لو كان حكمه مطابقاً للواقع حتى في ابسط الامور كما روي ان طفلين تحاكما إلى الإمام الحسين (ع)  لينظر أي الخطين أجمل فقال له أبوه أمير المؤمنين (ع) : احذر يا بني فان هذا حكم والله مسائلك عنه يوم القيامة.

 

ب. ان لا ينظروا في قضية إلا بعد التأكد من حكم الشريعة فيها بمراجعة المؤهلين من علماء وفضلاء الحوزة الشريفة أقول هذا وأنا أعلم صعوبة التطبيق وربما تعذره لأن القاضي لا يستطيع عدم النظر في قضية تمّت إحالتها عليه إلا لعذر مقبول من وجهة نظر القانون الوضعي كارتباطه بالمدعى عليه بعلاقة إيجابية أو سلبية تؤثر على الحكم كما انه محدّد بالقانون الوضعي الذي ينظم عمله فاذا حكمت له الحوزة على خلاف المادة القانونية واراد تطبيق الحكم الشرعي فان محامي المدعى عليه سيستأنف الحكم ويحاججه بالقانون الذي يجب عليه ان يطبقه .

 

قد يقال انه مع هذا التعذر فان النتيجة انسحاب المؤمنين الملتزمين من جهاز القضاء وبقاؤه في أيدي الفاسدين مما يشكل خطرا كبيرا على حياة الامة ولكني أرى ان هذا سير بالاتجاه غير الصحيح وإنما النتيجة الصحيحة هي أن نكون شجعانا وحازمين في طلب رضا الله تبارك وتعالى ونقف وقفة رجل واحد لتغيير القوانين المخالفة للشريعة وتأسيس واقع جديد يجنبنا الوقوع في معصية الله تبارك وتعالى فالذنب هو ذنب الأمة حينما ولت أمرها من لا يستحق واوقعت نفسها في هاوية الضلال وقد قالها امير المؤمنين (ع): (لا أصلحكم بفساد نفسي) فأين انصارنا إلى الله تبارك وتعالى ؟ [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ].