الفقه والمجتمع (فقه الصاغة الحلقة الثانية)

| |عدد القراءات : 2986
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

الفقه والمجتمع

 فقه الصاغة الحلقة الثانية

 س1: أصحاب مكائن سحب الذهب أو مكائن تلميع الذهب (الألاشة) أو مكائن نقش الذهب تسقط في مكائنهم من جراء العمل برادة الذهب ومع تراكم البرادة تجمع بعد فترة ويتملكها صاحب المكينة (مع العلم انها سقطت من ذهب هؤلاء المستعملين) وصاحب الماكنة قد أخذ أجرته على السحب أو التلميع او النقش، فما هو حكم:

 

1- هذه البرادة؟

 

2- تصرف هؤلاء بالتملك لها؟

 

3- الحل الشرعي لذلك؟

 

4- هل يختلف في ذلك المسلم عن غيره؟

 

5- القاعدة الكلية الشاملة لهكذا أموال، حيث يدخل في الكثير من المهن والصناعات والحرف دائماً متعلقات لأموال الآخرين فكيف يمكن إبراء الذمة لها (أمثال الخياط والنجار والحداد… )؟

 

بسمه تعالى:

 

1- نفس الجواب السابق فإن هذا المتبقي ما دامت له ماليته ولم يعرض عنها صاحبها فلا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه ورضاه وبعد إعلامه بالأمر أي بسقوط كمية من المادة المصَنّعة في الماكنة.

 

2- مما تقدم يظهر عدم جواز تملك أصحاب المكائن لهذه الزيادات إلا بمسوّغ شرعي.

 

3- توجد عدة مسوغات شرعية (منها) إعراض صاحبها عنها بعد إلفات نظره إليها، أما إعراضه الناشئ من الغفلة فلا اعتبار فيه، (ومنها) إبراء ذمة صاحب الماكنة عمّا سقط في ماكنته (ومنها) شراؤها من المالك والتصالح عليها مقابل مبلغ معيّن (ومنها) اشتراطه على المالك إعراضه عن الزيادات الساقطة نتيجة العمل.

 

4- هذا الحكم مختصّ بالمسلمين، أما غيرهم فيجوز له (المسلم) تملكها خصوصاً مع بنائهم (غير المسلمين) على تطبيق نفس الحكم (وهو تملك الزيادات ااقطة) في تعاملهم مع المسلمين (حسب قاعدة الالزام).

 

5 - لقاعدة الكلية هي : حرمة التصرف في مال الغير إلا بإذنه وهي قاعدة شرعية وعقلائية وهذا الإذن يمكن أن يكون بأشكال عديدة ذكرنا بعضها أعلاه. ولو تورط الشخص وأخذ هذه الأموال العائدة الى الغير بلا مسوغ شرعي فعليه ارجاعها الى أصحابها ان أمكن او استرضاؤهم، فإن تعذر

 

 فيدفع هذه الأموال الى الحاكم الشرعي بعنوان رد المظالم او يستأذن في توزيعها على الفقراء المؤمنين.

 

س2:  هل يجوز لأصحاب مكائن النقش مثلاً او تلميع الذهب او تلوين الذهب اخذ نسبة الفرق المعروفة حالياً 1% مع العلم ان معظمهم يسيطر على الذهب المتساقط من المصوغات داخل صندوق زجاجي وبحجة ضياع النقيصة؟

 

بسمه تعالى: يمكنه اخذها بجعلها جزء من اجرة العمل فتكون هذه الاجرة مركبة من جزئين (مبلغ معيَّن+ النسبة المذكورة) فتكون البقايا له بموجب الاتفاق، اما اذا كان اخذها بعنوان انها خسائر فالمفروض ارجاعها الى صاحبها عند عدم خسارتها بل يجب عليه المحافظة على العين (الذهب) اثناء

 

 العمل لكي لا تقع خسائر لوجوب حفظ مال المسلم ولو فرّط فحصلت خسائر فعليه ضمانُها.

 

س3: في فرض عدم الصحة للمعاملة في (س 2 ) ما هو البديل الشرعي لذلك؟ وهل يمكن التصالح والتراضي؟

 

بسمه تعالى: اتضح مما تقدم ان المصحح هو جعلها جزء من اجرة العمل او يشترط عليه في العقد ابراء ذمته مما يسقط اثناء العمل، وعليه ان يكون اميناً في عمله فيحافظ على العين ويصونها من الخسارة بأقصى ما يمكن.

 

س4: كبديل شرعي مطروح لحلّيّة امعاملة في (س2) ، هل يجوز لصاحب المهنة رفع الاجور وبما يناسب مثلاً هذه النسبة وبالتالي يخرج من الحرمة؟

 

بسمه تعالى: مع تراضيهما بذلك فلا بأس، وقد قلنا قبل قليل انه احد الحلول الشرعية الممكنة.

 

س5: هل يشترط في عامل الصياغة عند عمله للآيات القرآنية أو لفظ الجلالة خلوه من الحيض او الجنابة او ان يكون متطهراً من النجاسة الخبَـثية بالوضوء مثلاً؟ وهل يجوز ذلك لغير المسلم كتابي او غيره؟

 

بسمه تعالى:اذا تطلب العمل مسّ القرآن او لفظ الجلالة او اسماء المعصومين فلا بدّ ان يكون العامل متطهراً، اما غير المسلم فلا يجوز له المس مطلقاً نعم يمكن تفادي ذلك بلبس القفاز المانع من حصول المماسة.

 

س6: ما هو حكم لبس ادوات الزينة التالية:

 

1- لبس البلاتين للرجال؟   

 

2-الساعة المطلية بالذهب (عيار 18 مثلاً) للرجال حال الصلاة او غيرها؟    

 

3- تزين المرأة بالذهب امام الاجانب وفي الاماكن العامة بشكل مثير للفتنة؟

 

4- تزين المرأة بالذهب مع كونها مرتدية للحجاب الشرعي الكامل مع لبس الكفوف ولكنها ترتديه امام الرجال الاجانب؟

 

5- أي الافراد الذين يجوز للمرأة ان تتزين امامهم؟

 

6- لبس الشباب (في أيامنا هذه) زنجيل ذهب او فضة بقصد تقليد الغرب الكافر بدون هذا القصد؟

 

بسمه تعالى:

 

1- ما دام البلاتين ليس ذهباً عرفاً فلا يحرم على الرجال لبسه من هذه الناحية، وقد يحرم من جهة اخرى كما اذا كان بشكل يشبه الجنس الآخر.

 

2- هذا من لبس الذهب وهو محرّم على الرجال بلا فرق بين حال الصلاة وغيرها.

 

3- يجوز للمرأة لبس الذهب، ولكن يحرم إظهار الزينة أمام الأجنبي.

 

4- قلنا أعلاه بحرمة اظهار الزينة امام الأجانب والمرأة المحجبة أولى برعاية هذا الحكم لأن الحجاب ليس قطعة قماش تلف بها شعرها، وإنما هو رمز لالتزامها الكامل بأحكام الشريعة ومنها الحرص على عدم إبداء الزينة أمام الأجانب إلا ما عُدّ من الظاهر وليس زينة إضافية.

 

5- يجوز للمرأة إظهار زينتها بما لا يخرج عن المتعارف وبشرط أن لا يتسبب في إظهارها حصول شهوة وفتنة أمام المحارم وهم : الأب والأخ والإبن والخال والعم وزوج الأم وأبو الزوج.

 

6- يحرم التشبه بالكفار في اللباس والمظهر الخارجي، كما أن لبس الزنجيل فيه حرمة أخرى من جهة التشبه بالنساء في الامور الخاصة بهن، وأخرى حرمة لبس الذهب للرجال.

 

س7: ما هو توجيهكم لهذه الشريحة من المجتمع؟

 

بسمه تعالى:ذكرت في استفتاء سابق بعنوان (تصرفات منحرفة في معاملات السوق) مقدمة نافعة جاء فيها: حثّ الأئمة أصحابهم على التفقه في دينهم لكثرة التفاصيل التي يواجهونها في أعمالهم فمن دون التفقه يتورط الانسان في المخالفات الشرعية شاء أم أبى وقد لا يشعر بذلك لغفلته وأنسه بما يحصل عليه من مال ويوم يحشر الناس للحساب وتعرض أعمالهم أمام الملأ يعض بعض هؤلاء على اصابع الندم ولا ينفعهم ذلك حيث ذهبت لذّة ما أفنوا أعمارهم من أجله وبقيت تبعته ومسؤوليته وعقوبته، روى الشيخ المفيد (قده) عن الامام الصادق (ع) انه قال: (من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط بالشبهات)، وقال رسول الله (ص): (التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق) وكان أمير المؤمنين (ع) يطوف في أسواق الكوفة يعظ التجار أصحاب الحرف ويعلمهم الأحكام ويهدد المخالفين وهو يقول: 

 

          تفنى اللذاذة ممن نال صفــوتها            من الحرام ويبـقى  الإثم والعارُ

 

           تبقى عواقب سوءٍ في  مغبّــتها          لا خير في لذةٍ من بعـدها النارُ

 

وقال امير المؤمنين (ع) : (من اتجر بغير علم ارتطم مع الربا ثم ارتطم).وأنت لو أمعنت النظر لوجدت ان تطبيق احكام الشريعة في الحياة لا تكلف الانسان شيئاً بل على العكس فإنها تضمن له السعادة في الدنيا والآخرة والبركة في الرزق وراحة البال، ففي السؤال الأول مثلاً يمكن إحراز نفس النتيجة التي يريدها المتورطون في الربا (سواء شعروا بذلك ام لا ) من دون ارتكاب الاثم الكبير الذي ورد في حديث تقشعرّ منه الابدان (قال رسول الله (ص): يا عليّ الربا سبعون جزء، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمّه في بيت الله الحرام، يا علي درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زَنْــيَة كلها بذات محرم في بيت الله الحرام) فلماذا الابتعاد عن الشريعة؟ أليست من تسويلات الشيطان الذي يزين المعصية ويكرّه الطاعة، لكن لماذا نتبع الشيطان وهو صاحب الكيد الضعيف (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) (النساء/76) وهو العدو المبين (إن الشيطانَ للإنسان عدوٌ مبينٌ) (يوسف/5) فكيف نتبعه ونوليه أمورنا ونسلمه زمامنا يقودنا كيف يشاء الى المهالك؟! وقد أعطانا الله عقلاً مفكراً وإرادة حازمة وبعث إلينا هداة ومرشدين لا تخلو الارض منهم في كل زمان فيا أيها الأخوة عودوا الى الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)(سـبأ/46)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم/8) افلا تثقون بوعد الله (ومن أصدقُ من الله قِيلاً) (النساء/122) أما الشيطان فإنه يتبرأ من أوليائه الذين اتبعوه وعصوا جبّار السماوات والأرض (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) (ابراهيم/22-23) ، هكذا يعترف الشيطان ان وعد الله حق أما هو فكان يخدع اتباعه ويقلب لهم الحقائق ولكن لا ذنب له لأنه لم يجبرهم على اتّباعه وليس له سلطان عليهم سوى ان دعاهم الى اتباعه والانخداع بمكره فاتبعوه طوعاً بإرادتهم فاللوم كل اللوم عليهم باتباعه رغم التحذيرات الشديدة المتكررة من الله تبارك وتعالى والحجج المتتاالية بأن الشيطان يريد ان يضلكم ويدخلكم عذاب السعير فكانت عاقبة الجميع السوء، لا أحد يُصرِخ الآخر ويساعده ويعينه وينقذه أما المؤمنون فيعيشون بسعادة في ظل رحمة الله وسلام بينهم فنعم أجر العاملين.