ملحق: أهمية الأسماء وآثارها الاجتماعية والنفسية وآدابها
ملحق: أهمية الأسماء وآثارها الاجتماعية والنفسية وآدابها
ومن تكفّلِ الله تعالى بنفسه تسمية النبي (’) قبل ولادته، واختياره لأجمل الأسماء وأجمعها للكمالات نستلهم درساً في أهمية اختيار الأسماء الحسنة، وضرورة الالتفات إلى هذه القضية المغفول عنها، لما لها من آثار وتداعيات على النفس والمجتمع، وعدم التهاون في مراعاة الآداب الشرعية فيها.
روى الكليني بسنده عن الإمام الصادق (×) قال: (استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة: قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك)([1])، ومن وصية النبي (’) لعلي (×): (يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه)، وعن الإمام الكاظم (×) قال: (أول ما يبرّ الرجل ولده أن يسميه باسم حسن فليحسن أحدكم تسمية ولده).
وروى في قرب الإسناد (أن رسول الله (’) كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان)، وقد أمر الإمام الكاظم (×) بمحضر أبيه الإمام الصادق (×) رجلاً من أصحابه أن يغير اسم ابنته وقال له: (اذهب فغيّر اسم ابنتك التي سميتها أمس فإنه اسم يبغضه الله) وكان قد سمى ابنته الحميراء فقال الإمام الصادق (×) (انته إلى أمره ترشد، قال الراوي: فغيّرتُ اسمها).
وذكرت الروايات جملة من الأسماء المبغوضة لأنها تذكّر بأعداء أهل البيت (^)، وروي عن الإمام الباقر (×) قوله: (إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمد أو يا علي ذاب كما يذوب الرصاص) و(إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي باسم عدوّ من أعدائنا اهتزّ واختال).
وكره الأئمةُ (^) أن يذكر أحد باسمه أو كنيته إذا كان يكرهها، فقد أنشد أحد أصحاب الإمام الرضا (×) أبياتاً فسأله لمن؟ قال لأبي العتاهية فقال (×): (هاتِ اسمه ودع عنك هذا، إن الله عز وجل يقول {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (الحجرات:11) ولعل الرجل يكره هذا).
وقد حثّ الأئمة المعصومون (^) على اختيار الاسم قبل الولادة، قال أمير المؤمنين (×): (سموا أولادكم قبل أن يولدوا، فإن أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة لم تسموهم يقول السقط لأبيه: ألا سمّيتني وقد سمّى رسول الله (’) محسناً قبل أن يولد) وقالوا (صلوات الله عليهم): (أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وأفضلها أسماء الأنبياء)، وروى أمير المؤمنين (×) عن النبي (’) قوله: (ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث الله عز وجل إليهم ملكاً يقدسهم بالغداة والعشي).
وجعلوا من العقوق عدم التسمية بمحمد، فقد روي عن النبي (9) قوله: (من ولد له أربعة أولاد لم يسمِّ أحدهم باسمي فقد جفاني) وفي رواية أخرى حددهم بثلاثة.
وكان الأئمة (^) يحترمون هذا الاسم ويقدسونه ويتواضعون إجلالاً له، روى أبو هارون الجعدي قال: (كنت جليساً لأبي عبد الله (×) بالمدينة ففقدني أياماً، ثم إني جئت إليه فقال: لم أرك منذ أيام يا أبا هارون؟! فقلت: ولد لي غلام، فقال: بارك الله لك، فما سميته؟ قلت: سميته محمداً، فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول محمد محمد محمد، حتى كاد يلصق خده بالأرض، ثم قال: بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبوي وبأهل الأرض كلهم جميعاً الفداء لرسول الله (’)، لا تسبه، ولا تضربه، ولا تسئ إليه، واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد إلا وهي تقدس كل يوم)([2]).
وفي رواية أخرى أنَّ من أسمه محمد له كرامة وشفاعة يوم القيامة، وهكذا ورد استحباب التسمية بأسماء أهل البيت (^)، وإن فيها أجراً لأن دافعها الحب والمودّة، روى العياشي في تفسيره أنه (قيل لأبي عبد الله (×): جعلت فداك، إنا نسمّي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك؟ فقال: إي والله، وهل الدين إلا الحب، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ..} (آل عمران:31))([3]).
ويستحب تسمية البنات باسم السيدة فاطمة الزهراء (÷)، فقد ورد أن الفقر لا يدخل بيتاً فيه اسم فاطمة من النساء، ومحمد وأحمد وعلي والحسن والحسين وجعفر من الرجال([4]).
وكان لاسم فاطمة وقع خاص في قلوب أبنائها المعصومين (^) وشيعتها ومحبيها، يمتزج فيه التعظيم والإجلال بالحرقة واللوعة روى السكوني قال: (دخلت على أبي عبد الله (×) وأنا مغموم مكروب فقال لي: يا سكوني ما غمّك؟ فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكوني، على الأرض ثقلها وعلى الله رزقها تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك، فسرّى والله عني، فقال: ما سميتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه آه، ثم وضع يده على جبهته - إلى أن قال: - ثم قال: قال لي: أما إذا سميتَّها فاطمة فلا تسبَّها ولا تلعنْها ولا تضربْها)([5]).
([1]) هذا الحديث وكل الأحاديث التالية وغيرها موجودة في وسائل الشيعة: 21/387-401، أبواب أحكام الأولاد، الأبواب 21-30.
([2]) وسائل الشيعة: 21/ 393/ ح4.
([3]) سفينة البحار: 4/ 295.
([4]) بحار الأنوار: 104/ 130.
([5]) وسائل الشيعة: ٢١/ ٤٨٢.