ليشهدوا منافع لهم

| |عدد القراءات : 76
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

ليشهدوا منافع لهم[1]

قال الله تبارك وتعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ} (الحج: 28)

         تبيّن الآية الكريمة الغرض من الدعوة إلى الحج والأذان به الذي ورد في الآية السابقة {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج: 27) فاللام هنا للتعليل أو لبيان الغاية من تلبية نداء الحج وهو شهود تلك المنافع، والشهود الذي يدل على الحضور   الوجداني والتلبس بالحالة والاندكاك فيها أبلغ تعبير عن كمال الانتفاع من مثل ليحصلوا ونحوه، مع ما فيه من الدلالة على أن الحضور الميداني في الفعاليات الدينية موجب للانتفاع بآثارها المباركة.

         وهي بذلك تكون أحد الشواهد على أن الأحكام الشرعية تنطلق من ملاكات واقعية على نحو جلب المصلحة كما في المقام أو دفع المفسدة كما في آية تحريم الخمر.

         وقد جاءت {مَنَافِعَ} نكرة للتعظيم فلا يدركون سعة وعظمة هذه المنافع، ولا يمكنهم الإحاطة بها كلها، ولتفيد الإطلاق وتشمل كل منفعة دنيوية كانت أو أخروية، ولا تختص بالدنيوية كما ربما يستظهر من المقابلة مع {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} أو لأنّ المنافع وردت في مواضع أخرى بهذا المعنى كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (المؤمنون: 21)، وتؤكد الأحاديث الشريفة ذلك كقول النبي (9) (من أراد الدنيا والآخرة فليؤم هذا البيت) [2]وعدة احاديث آتية.

         وهي منافع لهم وتعود بالمصلحة عليهم أفراداً وأمةً، و{هُمْ} هنا قد لا تختص بمن حضر الموسم وإنما تعمّ من لم يحضر من عموم المسلمين، ورد في علل الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا (A) قال: (مع ما في ذلك _أي الحج_ لجميع الخلق ممن يحج وممن لا يحج)[3]، وورد في حديث عن الامام الصادق (عليه السلام) قَالَ: (... وإن الله يدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج منهم، ولو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا وهو قول الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ})[4].

         وقد ذكرت الآيات الكريمة بعض المنافع كقوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ} (المائدة: 97)، وقوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً} (البقرة: 125)، وقوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران: 96).

         روى الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن الربيع بن خثيم قال: (شهدت أبا عبد الله وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول: ارفعوني فلما فعل ذلك مراراً في كل شوط قلت له: جُعلت فداك يا ابن رسول الله إن هذا يشق عليك فقال: إني سمعت الله عز وجل يقول: {ليشهدوا منافع لهم} فقلت: منافع الدنيا أو منافع الآخرة فقال: الكل)[5].

         وروى سلمة بن محرز قال: (كنت عند أبي عبد الله (8) فقال له أبو الورد: رحمك الله، إنك لو كنت أرحت بدنك من المحمل، فقال أبو عبد الله (8): يا أبا الورد، اني أحب أن أشهد المنافع التي قال الله عز وجل: {ليشهدوا منافع لهم} إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله، أما أنتم فترجعون مغفوراً لكم، وأما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم)[6] .

         وروى الشيخ الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) بسنده عن هشام بن الحكم قال: (سألت أبا عبد الله (A) فقلت له: ما العلّة التي من أجلها كلف الله العباد الحج والطواف بالبيت؟ فقال: إن الله عز وجل خلق الخلق لا لِعلّة إلا أنه شاء ففعل فخلقهم إلى وقت مؤجل، وأمرهم ونهاهم ما يكون من أمر الطاعة في الدين ومصلحتهم من أمر دنياهم فجعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب ليتعارفوا، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمال، ولتُعرف آثار رسول الله صلى الله عليه وآله، وتُعرف أخبارُه، ويُذكر ولا ينسى، ولو كان كل قوم إنما يتّكلون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد، وسقط الجلب والأرباح، وعميت الأخبار ولم يقفوا على ذلك فذلك علة الحج)[7] .

         وشرح الإمام الرضا (A) بعض تلك المنافع في ما كتبه إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل فقال (A): (وعلّة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائباً مما مضى مستأنفاً لما يستقبل، وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصاً إليه في الحر والبرد والأمن والخوف دائباً في ذلك دائماً، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عز وجل، ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والعمل وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج مِن تاجرٍ وجالبٍ وبائع ومشترٍ وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم)[8].

         ففي الحج منافع دنيوية وأخروية وهذا مجرد تقسيم فني، وإلا فإن (الدنيا مزرعة الآخرة) وهي ممر لها والمقرّ هناك فكل ما في الدنيا هو للآخرة ولاكتساب رضا الله تبارك وتعالى.

         أما المنافع الدينية فقد سجلت الأحاديث الشريفة جملة منها:

1 - إن الحج مظهر التوحيد الخالص ونفي الشركاء الظاهرين والمخفيين حيث يخرج من كل التعلّقات بالأهل والمال والوطن والاحباب وغيرها، ويشخص مخلصاً إلى الله تبارك وتعالى، ولا يوجد كالحج ما يثير هذه الكوامن الفطرية ويدعو إلى التمسك بها، فالحج فرار إلى الله تبارك وتعالى من كل ما سواه، وتحرّر من كل الأغلال التي تكبّل الإنسان وتشدّه إلى الأرض وتعيق نهوضه نحو التكامل، روى الشيخ الكليني بسنده عن أبي جعفر (8)، في تفسير قوله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللّٰهِ} قال: (حجُّوا إِلى اللَّهِ عزَّ و جلَّ)[9].

         وفي رواية الفقيه بسنده عن زيد بن علي عن أبيه الإمام السجاد (A) قال: (يعني حجّوا إلى بيت الله، يا بني إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه)[10] .

2 - والحج فرار إلى الله تبارك وتعالى من الذنوب والمعاصي طمعاً بما وعد الله عز وجل من غفران الذنوب ليبتدئ حياةً جديدة بصفحة بيضاء قال الإمام السجاد (8): (لما وقف النبي (J) بعرفة وهمت الشمس أن تغيب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بلال، قل للناس فلينصتوا، فلما انصتوا قال: إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم وغفر لمحسنكم، وشفَّع محسنَكم في مسيئكم، فأفيضوا مغفورا لكم)[11] ، وقال الإمام الصادق (A): (الحَاجُّ مَغْفُورٌ لَهُ ومَوْجُوبٌ لَهُ الجَنَّةُ ومُسْتَأْنَفٌ لَهُ العَمَلُ، ومَحْفُوظٌ فِي أَهْلِهِ ومَالِهِ)[12] ، وقال (8): (الحاج إذا دخل مكة وكل الله به ملكين يحفظان عليه طوافه وصلاته وسعيه، فإذا وقف بعرفة ضربا على منكبه الأيمن، ثم قالا: أمّا ما مضى فقد كفيته، فانظر كيف تكون في ما تستقبل)[13].

3 - إن فيه تعظيماً لبيت الله الحرام وإدامة لذكر الله تعالى وتحليقاً في الأجواء الروحية واستذكاراً لجهود الأنبياء العظام (%) الذين قدموا كل ما عندهم[14] من أجل إقامة الحنيفية، وفي تلك الديار المقدسة معالم الدعوة الإلهية المباركة وشاهد أحداثها، فأداء الشعائر التي سنوها (سلام الله عليهم) فيه إدامة لذكرهم ومشروعهم الإلهي، وما يلازمه من تعظيم شعائر الله وزيارة النبي (J) وآله الكرام (صلوات الله عليهم أجمعين) {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} (الحج: 32) قال الإمام الصادق (8): (لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة)[15] لذا حرم تعطيل الكعبة ويجب على ولي الامر إجبار الناس على الحج وزيارة النبي (J)[16].

4 - تتجلى في الحج وحدة المسلمين وعزّتهم وقوتهم ويتحقق به مراد الله تبارك وتعالى {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون: 52) حيث تذوب كل الخصوصيات القومية والعرقية والطائفية والجغرافية والقبلية والطبقية فلا فرق بين أسود وأبيض ولا بين عربي وأعجمي ولا بين رئيس ومرؤوس، وباختصار فإن الحج ليس يصنع الإنسان فقط وإنما يصنع الأمة ويحييها ويبعثها بهذا المؤتمر المليوني العظيم، وهذا ما يرعب أعداء الإسلام لذا يعملون جاهدين على إفراغ شعائر الحج من مضامينها وأهدافها الحقيقية.

5 - وفي الحج اختبار حقيقي لطاعة العباد لخالقهم العظيم، قال أمير المؤمنين (8): (فرض عليكم حج بيته الحرام الذي جعله قبلة للأنام يردونه ورود الأنعام ويألهون إليه ولوه الحمام جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته وإذعانهم لعزته، واختار من خلقه سُمّاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علَماً والعائذين حرماً، فرض حجه وأوجب حقه وكتب عليكم وفادته)[17] .

         وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق (A) قال: (وهذا بيت استعبد الله به عباده ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه، وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه)[18].

6 - إنه فرصة للتفقه في الدين والتعرف على أحكام الشريعة وسيرة الأولياء العظام والدعوة إلى الله تبارك وتعالى؛ ونشر التعاليم الحق الى كل انحاء العالم، فإن عدداً كبيراً من الحجاج لا يحظى بلقاء العلماء والفضلاء في بلدانهم ولا يعرفهم أصلاً، فيوفر الحج فرصة للقائهم والاستفادة من علومهم ومعارفهم، وفي علل الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا (8) قال: (مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الأئمة (%) إلى كل صقع وناحية كما قال اللّه عز وجل: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (التوبة: 122)) [19]  .

7 - ما فيه من الثواب العظيم والمنازل الرفيعة عند الله تعالى؛ واستجابة الدعاء وقضاء حوائج الدنيا والآخرة روي عن الإمام الصادق (8) قوله: (إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى منادٍ من قبل الله عز وجل: إن أردتم أن أرضى فقد رضيت)[20]، {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التوبة : 72) وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: (ودَّ مَن في القبور لو أنّ له حجة واحدة بالدنيا وما فيها)[21]، وقال الإمام الصادق (8): (الحجاج يصدرون على ثلاثة أصناف صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، وصنف يحفظ في أهله وماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاج)[22].

 

         أما المنافع الدنيوية فتظهر في عدة مجالات:

1 - اجتماعية: حيث يتعارف المسلمون من أصقاع الأرض {لِتَعَارَفُوا} (الحجرات: 13) ويطّلع بعضهم على شؤون البعض الآخر وتتقوى العلاقات بينهم، ويتبادلون الهموم والآمال ويخططون لمشاريع مشتركة فيها الخير والسعادة لهم، وقبل الحج يقوم مَن عزم عليه بلقاء أقربائه وأصدقائه وتبادل براءة الذمة معهم ومعالجة المشاكل بينهم واستعادة المحبة والموّدة ليفد على ربّه مخلصاً سليم القلب نقياً من المكدّرات وحراً من الأغلال.

2 - أخلاقية: فإن الحاج يستلهم من المشاعر المقدسة وما تختزنه من المعاني الروحية ومن استذكار مواقف القادة العظام أخلاقاً راقية وثباتاً على الحق وشوقاً إلى الاستنان بهم والمضي على طريقهم، وكذا يستفيد من أخلاق رفاقه ويتعلم منهم ما لم يكن يعلم من حسن السيرة ويتجنب ما يُحرم ويُكره، وإن طول فترة السفر والاختلاط مع ناس متنوعي الثقافة والمزاج ومختلفي المراتب في العلم والمعرفة يبرز معالم الشخصية الحقيقة للإنسان مهما حاول إخفاءها وإظهار صورة جميلة في الحياة الاعتيادية.

3 - اقتصادية: يبيّن الإمام الصادق جملة منها في رواية هشام بن الحكم المتقدمة، وروى الإمام الصادق (A) عن آبائه (%): (قال رسول الله (|): حجوا تستغنوا)[23]، وقال الإمام الرضا (8): (إن الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الخبث من الحديد)[24] وقد وعد الله تعالى من ينفق شيئاً في سبيله يخلفه له، قال تعالى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } [سبأ : 39] وفي خصوص الحج فقد ورد استحباب الانفاق، روى الشيخ الصدوق بسنده عن الامام الصادق (8) قال ( قال رسول الله (9) مَا مِنْ نَفَقَةٍ أَحَبَّ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ نَفَقَةِ قَصْدٍ وَ يُبْغِضُ اَلْإِسْرَافَ إِلاَّ فِي اَلْحَجِّ وَ اَلْعُمْرَةِ فَرَحِمَ اَللَّهُ مُؤْمِناً كَسَبَ طَيِّباً وَ أَنْفَقَ مِنْ قَصْدٍ أَوْ قَدَّمَ فَضْلاً)[25] وهي تشمل الهدايا التي يجلبها، قال الامام الصادق (8) هدية الحج من حج)[26]، والحج يحرك عجلة الاقتصاد بنحو عام فيشمل الحاج وغيره، وقد بيّن الامام الصادق (8) جملة من المنافع الاقتصادية في رواية هشام بن الحكم المتقدمة، فإنَّ توجه الملايين إلى الديار المقدسة سنوياً يحرّك قطاعات واسعة كالنقل والخدمات الفندقية والطعام وتجارة البضائع المختلفة والبناء، وأن الهدي وحده يتطلب استهلاك ملايين الأنعام سنوياً، وإن الحجاج يُخرِجون قبل سفرهم ما بذممهم من الحقوق الشرعية كالخمس ورد المظالم ويعطونها إلى الفقراء وهي مبالغ ضخمة تعطي قوة شرائية للطبقة المحرومة فيتحرك السوق.

4 - صحية: فإن الأطباء والحكماء يوصون بالسفر وتغيير شكل الحياة الرتيبة لتحسين الصحة والمزاج، روي في الكافي بسنده عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق (A) أنهُ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ ($): (حُجُّوا واعْتَمِرُوا تَصِحَّ أَبْدَانُكُمْ، وتَتَّسِعْ أَرْزَاقُكُمْ، وتُكْفَوْنَ مَؤونَاتِ عِيَالِكُمْ) [27].

نسأل الله تبارك وتعالى أن يشركنا في أجور الحجاج وصالح أعمالهم وأدعيتهم.



[1]- درس التفسير الأسبوعي الذي يلقيه سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) على طلبة الحوزة العلمية في النجف الاشرف يوم الأربعاء 16-ذق-1446 الموافق 14-5-2025.

[2]- الفقيه: 2/141ح641.

[3]- عيون أخبار الرضا (ع): ج١ / ص٩٧ ، علل الشرائع: 273.

[4] الكافي: ج2 / ص451 / باب: (أن الله يدفع بالعامل عن غير العامل) / ح1.

[5]- الكافي: ج٤ / ص٤٢٢ .

[6]- وسائل الشيعة: ج11 / ص101 .

[7]- علل الشرائع: ص405 / ح6.

[8]- عيون أخبار الرضا: ج١ / ص٩٧ .

[9]- البرهان: ج5 / ص170.

[10]- من لا يحضره الفقيه: ج١ / ص١٩٩.

[11]- وسائل الشيعة: ج١١ / ص٩٥ .

[12]- الكافي: ج4 / ص252 .

[13]- وسائل الشيعة: ج11 / ص103 /  ح32

[14]- كخليل الرحمن إبراهيم (8) الذي جاء بزوجته وبطفله الصغير اسماعيل (عليه السلام) إلى تلك الأرض وهي وادٍ مقفر لأجل إقامة الصلاة: [رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ] (إبراهيم: 37) ثم يؤمر بذبح ولده اختياراً و ابتلاءً Pفلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَO (الصافات: 102-109)، فتضمن الحج ذبح الهدي تذكيراً بتلك التضحية العظيمة طاعة وتسليماً لأمر الله تبارك وتعالى

[15]- الكافي: ج4/ ص271 / ح4.

[16]- وسائل الشيعة: ج11 / 23 - 24 / باب 5.

[17]- نهج البلاغة: 21.

[18]- بحار الأنوار: ج٣ / ص٣٣.

[19]- عيون أخبار الرضا (8): ٢ج / ص١١٩.

[20]- الكافي: ج4 / ص262 / باب: (فضل الحج والعمرة وثوابهما) / ح42.

[21]- التهذيب: ج5 / ص23 / ح67.

[22]- وسائل الشيعة: ج11 / ص93 / ح2.

[23]- الفقيه: ج2 / ص173 / ح764.

[24]- تهذيب الأحكام: ج٥ / ص22 / ح65.

[25] - الفقيه: 3/102ح 408

[26] - الكافي: 4/ 280 ح5

[27]- الكافي: ج4 / ص252 / ح 1.