بداية شهر رمضان والاستعداد له واغتنامه

بسمه تعالى
بداية شهر رمضان والاستعداد له واغتنامه
لم تثبت رؤية هلال شهر رمضان مساء اليوم الجمعة على النحو المعتبر شرعاً، لذا فان يوم غدٍ السبت يكون تمام عدة شهر شعبان وان يوم الأحد 2/3/2025 هو الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1446 هجرية أهله الله تعالى علينا بالرضا والقبول والتوفيق والعافية وسلامة الدين والدنيا وحسن العاقبة.
فعلى المؤمنين اغتنام الساعات المتبقية من شعبان في الاستعداد لاستقباله نفسياً وقلبياً واجتماعياً ، روى أبو الصلت الهروي الخادم المخلص للإمام الرضا (عليه السلام) قال : يا أبا الصلت ان شعبان قد مضى أكثره وهذا آخر جمعة منه فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه وعليك بالإقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن وتب إلى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله إليك وأنت مخلص لله عز وجل ولا تدعن أمانة في عنقك إلا أديتها ولا في قلبك حقدا على مؤمن إلا نزعته ولا ذنبا أنت مرتكبه إلا قلعت عنه واتق الله وتوكل عليه في سر امرك وعلانيتك (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا) وأكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر " اللهم ان لم تكن قد غفرت لنا في ما مضى من شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه " فإن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار لحرمة شهر رمضان)1 .
ونغتنم هذه المناسبة لتذكير نفسي وجميع المؤمنين والمؤمنات بان يستثمروا هذا الشهر الكريم الذي جعله الله تعالى عيدا لأوليائه دعاهم فيه الى ضيافته وأكرمهم بعطائه، أن يستثمروه بكل ما يقربهم إليه تبارك وتعالى من أنواع الطاعات، وأن يجتنبوا معاصيه وما يسخطه فأن الشقي من حرم غفران الله تعالى في هذا الشهر العظيم.
وليحذروا من الفتن التي يراد بها أن تمزق وحدة المؤمنين وتضّللهم وتبعدهم عن دينهم القويم فان الغرض من بعثة الأنبياء (صلوات الله عليهم اجمعين) وانزال الكتب السماوية هو إقامة الدين في حياة الفرد والمجتمع وحفظ وحدة المؤمنين قال تعالى :( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ) (الشورى :13).
ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :« سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ - قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ - فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ»2 .
إن الخوض في أعراض المؤمنين والحط من كرامتهم وزرع البغضاء والكراهية في المجتمع المؤمن من أعظم الكبائر ووصفها النبي (صلى الله عليه واله) بانها تحلق الدين قال (صلى الله عليه واله): (الا ان التباغض الحالقة لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين)3 ، وورد في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام وان المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين)4 .
ولنلهج بشكر الله تعالى على ما اولانا من نعمة الإسلام واتباع النبي (صلى الله عليه واله) والتمسك بولاية أهل البيت (عليهم السلام) فانهم الكهف الحصين الذي امرنا الله تعالى بالإيواء اليه، نسأل الله تعالى الثبات والاستقامة وحسن العاقبة إنه نعم المولى ونعم النصير.
محمد اليعقوبي
ليلة الثلاثين من شعبان 1446
هوامش
1 - عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق ج ١ - الصفحة ٥٦
2- سنن ابن ماجة (ط دار الجيل)، ج ٥، ص ٥٠٢، ورد بلفظ مختلف في: فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عقدة ص 128، الغيبة للنعماني ص 287.
3- الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٣٤٦
4- الكافي - الشيخ الكليني - ج ٧ - الصفحة ٥١