ظهور مهدي آل محمد (عليهم الصلاة والسلام).. أعظم الفتوحات

| |عدد القراءات : 702
ظهور مهدي آل محمد (عليهم الصلاة والسلام).. أعظم الفتوحات
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

الأربعاء 17- شعبان -1445

الموافق 28-2-2024

ظهور مهدي آل محمد (عليهم الصلاة والسلام).. أعظم الفتوحات

أكدّ سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) ان ظهور مهدي آل محمد (صلوات الله تعالى عليهم اجمعين) هو من أعظم الفتوحات لأن به تحقيق غرض الرسالات الإلهية وظهور دين الله تعالى على كل الأديان وإزالة كل الموانع.

وبيّن سماحتُهُ خلال درس تفسير القرآن الكريم الأسبوعي، الذي يلقيه على جمعٍ من أساتذة وفضلاء وطلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الاشرف، وكان في ضوء الآية 29 من سورة السجدة المباركة {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}، إن انتظار الفرج واليوم الموعود المبارك مما أمر به القرآن {وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} [السجدة: 30]، بل روي عن رسول الله (9): (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج)([1]) وهو الانتظار الإيجابي الذي يقود إلى كل خير يعجل بظهور الإمام ويسرّ قلبه ويرضيه عنا ويؤهلنا لأن نكون من أنصاره ونستثمر كل فرصة في ذلك، قال أمير المؤمنين (g): (الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير)([2])، ويبِّعد عن كل شر وسوء يحزن قلب الإمام كمن ينتظر امتحاناً مصيرياً في دراسته فإنه يبذل كل جهده ويصبر ويثابر للاستعداد له حتى ينجح فيه بل يتفوق.

وفي ذات السياق التفسيري أوضح سماحتُهُ ان الآية الكريمة تعكس صورة لتصّدي القرآن الكريم لدعاوى وشبهات الخصوم والإجابة عنها بما يناسبها وعدم تركها لتشوش فكر ضعاف الإيمان وتزلزل عقائدهم.

كما أنها تنقل نموذجاً لطغيان أعداء الإسلام المتمثلين يومئذ بقريش وحماقتهم إذ لم ينفع معهم التحذير المتقدم {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة: 21-22]، بل إنهم كانوا يتحدَّون النبي (9) ويطالبونه بأن يفتح الله تعالى له وينزل عليهم النقمة والعذاب التي هدّدهم بها إن كان صادقاً {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [السجدة: 28]، ولا يعلمون أن الله تعالى إنما يؤخره شفقة عليهم ولإعطاء مزيد من الفرص للتوبة والرجوع إلى الله تعالى لأنه إذا جاء يوم الفتح فإنه لا يدفع عنهم العذاب الذي يستحقونه ولا يؤخر ولا تعطى لهم فرصة التوبة والرجوع إلى الحق، فإن سنة الإمهال جارية إلى أمدٍ معين، ولا ينفعهم شيء حتى لو آمنوا بالله تعالى لأن إيمانهم سوف لا يكون عن إسلام بل استسلام فلا يكون صادقاً ولا تكون له قيمة.

ومع تعدد معاني (الفتح) التي أشار لها، لفت سماحتُهُ الى نكتة جوهرية مفادها، ان الفتح الحقيقي إنما يبدأ من انفتاح القلب على الايمان بالله تعالى وانشراحه، وطهارة النفس وانطلاق الأعضاء في طاعة الله تعالى والتحرّر من قيود الرذيلة والانحطاط وإتباع الأهواء والبعد عن الله تعالى، وما الغرض من بعثة النبي (9) إلا تحقيق هذا الفتح للناس من الأولين والآخرين وتخليصهم من أغلال الجاهلية النفسية والاجتماعية والفكرية والعقائدية والأخلاقية وفي سائر شؤون الحياة، ومن دون حصول هذا الفتح لا ينتفع الإنسان حتى بالفتح الأكبر بظهور الإمام المهدي (g).

إذ لا يختص معنى (الفتح) بالنصر العسكري كما هو واضح من سياق عدد آيات القرآن الكريم فقد تقع الفتوحات دون نصر حربي عسكري، وان هذا النصر من مقدمات وأسباب الفتح الذي يحصل وقد لا يحصل، قال الله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] وقوله تعالى {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} [الصف: 13] بل إن النصر العسكري لا تكون له قيمة إلا بمقدار أدائه لغرضه وهو الفتح المعنوي بإحقاق الحق وإبطال الباطل وإقامة حكم الله تعالى وإرساء العدالة الاجتماعية بين الناس، وفي ضوء هذا يجب تقييم ما تسمى بالفتوحات الإسلامية التي حصلت بعد وفاة النبي (9) وسائر الحروب عبر التاريخ.

 

 



[1] - بحار الأنوار: ج 50، ص 317.

[2] - نهج البلاغة: ج 4، ص 6، بشرح محمد عبدة.